الناخب الإسرائيلي ينتصر لمعسكر اليمين
النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية تمنح زعيم ليكود بنيامين نتنياهو الأفضلية لتشكيل حكومة ائتلافية، وتحطيم الرقم القياسي على مستوى البقاء في سدة الحكم. وفيما يرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن النتيجة التي تحققت تعطي فرصة أفضل لتمرير “صفقة القرن”، يعتبر الفلسطينيون أن ما حدث هو تصويت لـ“لا سلام”.
أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية العامة تقاربا كبيرا بين حزب ليكود اليميني بزعامة بنيامين نتنياهو وتحالف “أزرق أبيض” بقيادة الجنرال السابق بيني غانس، وإن كان نتنياهو سيكون الأقرب إلى تشكيل حكومة ائتلافية.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن النتائج النهائية ستعلن الخميس أو الجمعة مع فرز أصوات الجنود.
وتفيد الأرقام بعد فرز 97 بالمئة من الأصوات بأن حزب نتنياهو سيشغل عددا من المقاعد (35) يساوي عدد المقاعد التي حصل عليها حزب “أزرق أبيض” (يمين الوسط) الذي يقوده بيني غانتس. لكنها تتوقع أن يتمكن نتنياهو من جذب أحزاب اليمين والحصول على دعم 65 نائباً من أصل 120 في الكنيست.
وفي هذا الوضع، يبدو من غير المرجح أن يعهد الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لشخصية أخرى غير نتنياهو مهمة تشكيل ائتلاف حكومي. وبذلك يحقق نتنياهو (69 عاما) الذي يحكم بلا انقطاع منذ عشر سنوات، إنجازا كبيرا بفوزه في انتخابات اعتبرت إلى حد كبير استفتاء على شخصه، على الرغم من التهديد باتهامه بالفساد. لكن متاعبه مع القضاء يمكن أن تعود اعتبارا من الأشهر الأولى لولايته.
وذكر بيان لرئيس إسرائيل أنه سيبدأ الأسبوع القادم مشاورات مع الأحزاب المنتخبة بشأن تشكيل الحكومة القادمة.
ويثير فوز ليكود في الانتخابات التي جرت الاثنين والتي خالفت توقعات استطلاعات الرأي، قلق الأوساط الفلسطينية، خاصة بعد إعلان نتنياهو قبل يوم من الاستحقاق عن نيته ضم الضفة الغربية بالتنسيق مع الإدارة الأميركية بعد ضمان الانتصار.
وكان نتنياهو أعلن قبل ساعات فوزه في الانتخابات. وقال لأنصاره الذين تجمعوا في أجواء من الحماس في تل أبيب إن الانتخابات كانت “رائعة”. وأشار إلى أن هذه الانتخابات جرت في “ظروف مستحيلة” وعلى الرغم من “وسائل إعلام معادية”.
وأضاف أن “شعب إسرائيل منحني ثقته للمرة الخامسة، منحني ثقة أكبر”. وفيما بدأ اتصالات مع قادة الأحزاب اليمينية الأخرى لتشكيل ائتلاف حكومي، أكد نتنياهو أنهم قدموا “جميعا تقريبا” الدعم له. وتابع “ستكون حكومة من التيار اليميني، لكنني سأكون رئيس وزراء للجميع”.
وفي مقر قيادة حزب “أزرق أبيض” في تل أبيب، وصف غانتس الانتخابات أمام حشد من مؤيديه بأنها “يوم تاريخي. أكثر من مليون شخص صوتوا لنا”. وقال أحد مؤيديه شوشان ليفي (61 عاما) “إنني سعيد جدا. هذه نتيجة تاريخية حتى إذا لم يشكل غانتس الحكومة المقبلة وانتصار كبير لتشكيل جديد”.
وصوت 67.9 بالمئة من الناخبين، مقابل 71.8 بالمئة في الانتخابات السابقة التي جرت في 2015، ويبدو أن اليسار الخاسر الأكبر في هذا الاستحقاق بحصوله على ستة مقاعد فقط، وقالت شيلي ياشيموفيتش القيادية في حزب العمل التاريخي إنها “تحت تأثير الصدمة”.
وسينتزع نتنياهو، في حال كلفه الرئيس ريفلين بتشكيل الحكومة، في يوليو الرقم القياسي الذي سجله ديفيد بن غوريون في مدة الحكم. ويتوقع أستاذ العلوم السياسية جدعون راحات أن تستمر المشاورات الصاخبة بين نتنياهو وشركائه المحتملين بين أربعة وستة أسابيع. وقال “سيكون هناك ضجيج كبير وستحاول الأحزاب الصغيرة المساومة على وزارة أو إجراءات سياسية”.
وركز زعيم ليكود في حملته على صورته كرجل قوي ونجاحاته الدبلوماسية (اعتراف الولايات المتحدة بالقدس والجولان أرضا إسرائيلية) وقربه من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكذلك على النمو الاقتصادي المتواصل. وكما فعل في 2015 لجذب أصوات اليمين، أخرج نتنياهو مفاجأة في اللحظة الأخيرة عندما أعلن استعداده لضم مستوطنات الضفة الغربية المحتلة منذ أكثر من خمسين عاما.
وتعتبر الأسرة الدوليّة المستوطنات انتهاكاً للقانون الدولي وعقبةً أمام جهود السّلام، إذ بُنيت على أراض فلسطينيّة محتلة يُفترض أن تشكّل جزءاً من الدولة الفلسطينية.
وفي أولى ردود الفعل الدولية على نتائج الانتخابات الإسرائيلية اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن فوز نتنياهو بولاية جديدة “مؤشر جيد للسلام”، وسيمنح الخطة الأميركية لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني أو ما يعرف بـ”صفقة القرن” “فرصة أفضل” للنجاح”.
وفي المقابل لا يبدو أن الفلسطينيين يشاطرون ترامب نفس الرأي حيث أكد مسؤولون فلسطينيون الأربعاء أنهم ينتظرون الأسوأ لقضيتهم بعد فوز معسكر اليمين الحاكم مجددا في الانتخابات.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني إن الجانب الفلسطيني يتوقع شروع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتنسيق مع الإدارة الأميركية الحالية في فرض الحل أحادي الجانب بديلا عن تحقيق السلام.
وأضاف مجدلاني “نتوقع إعلان واشنطن بالتنسيق مع نتنياهو عن بدء تمرير الحل الأحادي الجانب عبر إعلان السيادة الإسرائيلية على المستوطنات ومنطقة الأغوار في الضفة الغربية”. وذكر أن الحل الأحادي الإسرائيلي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال تكريس فصل قطاع غزة والسيطرة على الجزء الأكبر من الضفة الغربية للحيلولة دون أي فرص لقيام الدولة الفلسطينية.
ويرجح بعد إسدال الستار على الانتخابات الإسرائيلية والانتهاء من تشكيل حكومة ائتلافية أن تقدم إدارة ترامب على إعلان خطتها الموعودة للسلام، والتي تكشف التسريبات أنها ستأتي على ما تبقى من مطالب الفلسطينيين لجهة قيام دولة فلسطينية على أراضي 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وصرحت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي بأن نتائج الانتخابات “أجهضت احتمالات السلام ودللت بشكل واضح على رفض إقامة الدولة الفلسطينية، والالتزام بتصعيد وتكثيف الاستيطان وسرقة الأراضي واستكمال المشروع الصهيوني الأصولي على أرض فلسطين التاريخية، في مواصلة تحدي القوانين والأعراف الدولية وإرادة المجتمع الدولي”.
وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات انتقد ليل الثلاثاء النتائج الأولية لانتخابات إسرائيل وقال على تويتر “حسب الاستطلاع الأولي لنتائج انتخابات الكنيست، يبدو أن الناخب الإسرائيلي قد صوت للمحافظة على الوضع القائم”.
وأضاف “لقد صوت الناخب الإسرائيلي على عدم إنهاء الاحتلال وللتفرقة العنصرية والأبارتهايد، من الاستطلاع الأولي هناك فقط حوالي 18 مقعدا من الـ120 يؤيدون مبدأ الدولتين على حدود 1967، ما يتطلب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي”.