أخطاء أوصلت بريكست إلى المأزق

تبدو المملكة المتحدة منذ أشهر دولة تتخبط في الفوضى غير قادرة على معرفة ما تريده للخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو موضوع يرتدي أهمية تاريخية ووجودية للبلاد التي تتجه من إرجاء إلى إرجاء لموعد بريكست.

واعتقد رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي، أن بإمكانه حل مسألة انقسام حزبه حول هذا الموضوع بشكل نهائي عبر استفتاء اقترح تنظيمه فيما كان في تحالف مع الليبراليين الديمقراطيين وكان متأكدا آنذاك بأن المؤيدين لأوروبا سيعارضون ذلك، لكنهم مُنيوا بهزيمة في الانتخابات التالية، ووجد كاميرون نفسه وحيدا ليدير هذه المسالة مرغما على الوفاء بوعده عبر تنظيم هذا الاستفتاء حول بريكست المحفوف بالمخاطر في 23 يونيو 2016.

وانتخب أبرز حزب معارض الذي يفترض أنه مؤيد لأوروبا، في سبتمبر رئيسا مشككا بأوروبا هو جيريمي كوربين، المرشح الذي لم يكن أحد يتوقع فوزه لأنه يمثل التيار اليساري في حزب العمال. وقاد كوربين حملة من دون حماس من أجل البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، وكانت النتيجة أن صوّت البريطانية مع الطلاق من الاتحاد الأوروبي.

وقررت رئيسة الوزراء تيريزا ماي أن تفعل سريعا بعد وصولها إلى السلطة المادة 50 التي تنص على مهلة سنتين لتنظيم خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، وهي مدة قصيرة نسبيا لعملية بمثل هذا التعقيد. لكنها تمسكت بموعد محدد وأدرجته قانونيا، هو 29 مارس 2019. لكن سوء تقدير صعوبة هذه المهمة أدّى إلى طلبي إرجاء لموعد بريكست.

وارتكبت ماي خطأ آخر بالدعوة إلى انتخابات مبكّرة في يونيو 2017 بهدف تقوية موقعها من أجل تمرير مشروع بريكست. لكنها خسرت غالبيتها المطلقة في البرلمان واضطرت لتليين الاتفاق الذي توصلت إليه حول بريكست، والتحالف مع حزب صغير هو حزب الوحدويين الأيرلندي الشمالي الذي أدت مواقفه حول الاتحاد مع بريطانيا، المسألة الوجودية بالنسبة إليه، إلى إفشال اتفاقها حول بريكست الذي رفض ثلاث مرات في البرلمان.

وحددت منذ البداية الخطوط الحمر للمحادثات مع الاتحاد الأوروبي -الخروج من الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة- وتعثرت سريعا حول عقبة كبيرة: مصير الحدود بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية وعدم التشاور حول الموضوع مع المعارضة ساهم في الوصول إلى طريق مسدود.

وتصر الشريحة المعارضة لأوروبا ضمن حزب المحافظين على بريكست دون تنازل يؤدي إلى خروج البلاد بشكل صريح وإطلاق يدها في التجارة الدولية، وصوتت بانتظام ضد اتفاق الخروج من الاتحاد. وفي النهاية فإن الطلاق الكامل الذي يريدونه أرجىء ويمكن أن يتم تخفيف حدته كثيرا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: