قراءة عمانية مقلوبة للصراع العربي الإسرائيلي: مَن يطمئن مَن
تصاعدت الأسئلة السياسية إزاء مطالبة وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي، العرب بطمأنة إسرائيل، باعتبارها قراءة مقلوبة للوقائع المتصاعدة والمستمرة في علاقة العرب بإسرائيل.
وعبر مراقبون عن استغرابهم من المنطق الذي أدلى به وزير خارجية سلطنة عمان لحلّ الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال قيام العرب بطمأنة إسرائيل على مستقبل وجودها في الشرق الأوسط. معتبرين أن موقف الوزير العماني يأتي خارج سياق الزمن في وقت تصادق فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ضم هضبة الجولان السورية إلى إسرائيل، وفي وقت يعد فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ناخبيه بضم التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل.
ورأى بن علوي، خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت بالأردن، السبت، أن على العرب أن يقوموا بمبادرة تجاه إسرائيل لتبديد مخاوفها في المنطقة عبر اتفاقات وإجراءات.
وعلى الرغم من أن بن علوي سعى إلى تغطية دعوته إلى “تبديد المخاوف الإسرائيلية” بالواقعية السياسية، إلّا أنّه بدا واضحا أنه كانت لدى الوزير العُماني رسالة يحاول تمريرها في هذه الظروف بالذات.
وحار الدبلوماسيون الغربيون الذين كانوا يحضرون الندوة في تحديد هذه الظروف، لكن أحد هؤلاء ربط بين الوضع الداخلي في عُمان وبين المزايدات التي ذهب إليها بن علوي. وكان أكثر ما أثار الاستغراب لدى الدبلوماسيين الغربيين عدم وجود أي حدود مشتركة بين سلطنة عُمان وإسرائيل، إضافة إلى أن المسافة بين السلطنة وأي أرض إسرائيلية بعيدة جدا.
وعزا دبلوماسي غربي حضر فعاليات المنتدى في البحر الميت كلام بن علوي إلى وجود حال من عدم الارتياح إلى الوضع الإقليمي، الذي يفرض على السلطنة البحث عن ضمانات إسرائيلية إلى جانب الضمانات الأميركية في شكل مزيد من القواعد على الأراضي العُمانية.
لكنّ ما أثار الدبلوماسيين العرب، الذين حضروا الندوة، الجهة التي يستهدفها بن علوي عبر رسالته غير إسرائيل.
وقال دبلوماسي عربي إن الوزير العُماني أراد أن يقول للإدارة الأميركية إن التقارب القائم بين سلطنة عُمان وإيران لا يعني بأي شكل ابتعادا عن واشنطن. على العكس من ذلك، لا تزال السلطنة أقرب دول مجلس التعاون إلى الولايات المتحدة بدليل قدرتها على قول كلام لا يستطيع غيرها قوله عن تفّهم المخاوف الإسرائيلية. ولخّص هذا الدبلوماسي الموقف العُماني بقوله إنّ بن علوي اختار استرضاء إسرائيل من منطلق أن مثل هذا الاسترضاء يشكل أقصر الطرق للوصول إلى موقع متميز في قلب الإدارة الأميركية الحالية.
غير أن مطالبة الوزير العماني تقابل بتساؤل مشروع: كيف يمكن لمنظومة دول عربية تعاني من تراجع المداخيل والانفجار السكاني والتعثر في برامج التعليم والفوضى الاجتماعية والسياسية أن تقدم ضمانات لإسرائيل المحمية غربيا والمنظمة علميا واجتماعيا؟
واعتبرت مصادر دبلوماسية عربية قراءة الوزير العماني لمسألة الصراع مقلوبة ولا تأخذ بعين الاعتبار جهود السلم التي بذلها العرب والتي أفضت إلى تبنيهم لمبادرة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتقديمها بصفتها مبادرة العرب للسلام في قمتهم في بيروت عام 2002.
ورأت مصادر سياسية مشاركة في المؤتمر أن الوزير العماني يتبرع بمقاربة لطمأنة إسرائيل بقراءة مقلوبة تطالب العرب ولا تطالب الإسرائيليين بأي خطوات لضمان مستقبل مشترك لكافة الأطراف في المنطقة.
وقالت إن خطاب بن علوي هو استعارة حرفية للخطاب الإسرائيلي القديم-الجديد في هذا الصدد ويخدم حجج اليمين المتطرف الذي يخوض الانتخابات التشريعية بقيادة نتنياهو.
وتأتي تصريحات الوزير العماني بعيدة عن الموقف العربي الرسمي من مسألة الصراع مع إسرائيل والذي أعيد التأكيد عليه في قمة تونس الأسبوع الماضي.
وتعتبر مصادر دبلوماسية عربية أن سلطنة عمان تتحرك في هذا الإطار بشكل منفرد ولا تعبر عن تيار عربي على نحو يطرح أسئلة حول أجندة مسقط التي تقوم دون أي سقف خليجي أو عربي.
ولم يعد مطلوبا من العرب تقديم المزيد من الضمانات بعد أن اعترف العرب ومنظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل وبحقها في الوجود. وحظيت المبادرة العربية بدعم الدول الإسلامية في مسألة استعداد العالم العربي لضمان أمن إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي العربية المحتلة وفق فكرة “الأرض مقابل السلام”.