توقعات باستقالة رموز نظام بوتفليقة تلبية لمطالب المليونية السابعة في الجزائر
ذهبت توقعات في الجزائر، إلى إمكانية تقديم رئيس المجلس الدستوري طيب بلعيز، ورئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) عبدالقادر بن صالح، إلى تقديم استقالتهما تلبية لمطالب المليونية السابعة، والسماح بالمرور إلى مرحلة انتقالية في البلاد.
وعاد مئات الآلاف من الجزائريين للتظاهر للجمعة السابعة على التوالي لإعلان رفضهم مشاركة رموز نظام الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي استقال، الثلاثاء الماضي، في إدارة المرحلة الانتقالية.
وتتجه أنظار المتابعين إلى البرلمان مطلع هذا الأسبوع، لمعرفة التطورات المتعلقة باستكمال تدابير الرئاسة الانتقالية، التي يلفها غموض كبير في ظل الجدل المحتدم حول الأولوية بين الشرعية الشعبية والشرعية الدستورية.
وفيما تفضي الإجراءات الدستورية، إلى انتقال رئاسة البلاد، لعبدالقادر بن صالح، بوصفه الرجل الثاني في الدولة، في لائحة تسلسل المهام الرسمية في البلاد، فهو رئيس الغرفة الثانية للبرلمان، كان مطلب رحيله ورحيل الحكومة والمجلس الدستوري، في مقدمة المطالب التي رفعتها المليونية السابعة.
وأفادت تسريبات بأن طيب بلعيز قدم استقالته، وأن مفاوضات جارية مع رئيس الغرفة الثانية للبرلمان، من أجل تقديم استقالته، استجابة لمطالب الحراك الشعبي، والذهاب إلى مرحلة انتقالية تجمع بين الشرعية الشعبية وروح الدستور.
ودعا النائب البرلماني عن حزب جبهة المستقبل نزيه برمضان، إلى “ضرورة تقصير المدة الزمنية إلى الحدود الممكنة من أجل عودة المؤسسات الشرعية، لأن البلاد ليست في حاجة لتضييع وقت طويل في المرحلة الانتقالية، قياسا بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية القائمة”.
وأبدى المتحدث، تفاؤله بشأن التطورات القريبة، وبتوجهها نحو تهدئة الأوضاع وتغليب المصلحة الوطنية، مع مطلع هذا الأسبوع، بالكشف عن معالم المرحلة الجديدة، والذهاب إلى أجندة سياسية محددة.
وتعرف الجزائر جدلا صاخبا حول تفاصيل المرحلة القادمة بعد تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بسبب الشكوك القائمة حول دور المؤسسات الموروثة عن نظامه، لاسيما الحكومة والبرلمان والمجلس الدستوري، وحتى المؤسسة العسكرية.
وفيما يبدي قطاع عريض من الطبقة السياسية تماهيه مع قرارات قيادة الجيش، لتمكينها الحراك الشعبي من تحقيق مطالبه تدريجيا، وتعول عليه في أداء دور المرافق والضامن للمرور إلى تحقيق الانتقال السياسي، تبدي أحزاب معارضة على غرار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، حذرها من إمكانية تكرار النموذج المصري في الجزائر.
وواصلت قيادة أركان الجيش الجزائري حملة تصفية خصومها الموالين لسلطة الرئيس المستقيل بوتفليقة، بإقالة مدير الأمن الخارجي التابع لجهاز الأمن والاستعلامات الجنرال عبدالحميد بن داود، الذي لم يمض على تنصيبه في المنصب أكثر من شهر.
ويعتبر الجنرال المقال، من بين الأذرع الأمنية المحسوبة على نظام بوتفليقة، فهو إلى جانب العلاقة العائلية مع رئيس الوزراء السابق عبدالمالك سلال، والمستشار الأمني السابق لسفارة الجزائر بباريس، يعد أحد المقربين مما كان يعرف بـ”محيط الرئيس بوتفليقة”.
وتشير تلميحات خطاب المؤسسة العسكرية في الأسابيع الأخيرة، إلى إعادة ترتيب أوراقها من جديد، من خلال إبعاد الضباط الموالين للسلطة السابقة، بغية قطع الطريق على أي محاولة لإعادة إنتاج نظام بوتفليقة.
ولا تستبعد مصادر متابعة، أن تتم إقالة قائد جهاز الدرك الوطني الجنرال الغالي بلقصير، على خلفية تورط الجهاز خلال الصائفة الماضية، في حملة توقيف عدد من الصحافيين والمدونين والفنانين، بدعوى تفكيك شبكة ابتزاز دولية تهدد كبار مسؤولي الدولة، فضلا عن تعبئة عناصره في المليونية الأخيرة، لمنع المتظاهرين من الوصول إلى وسط العاصمة.
وهذه الحملة الأمنية واحدة من التراكمات التي فجرت الحراك الشعبي في البلاد، قياسا بما أحدثته من أضرار معنوية وأخلاقية، كرست تغول رموز السلطة على من يخالفهم الرأي أو ينتقدهم.
ولا زالت المعلومات تتضارب بشأن مصير عدد من الوجوه المحسوبة على نظام بوتفليقة، فبين التأكيد والنفي يبقى وضع وزير العدل السابق طيب لوح، ورئيس الوزراء عبدالمالك سلال، مجهولا بعد تردد أنباء عن اختفائهما، ومحاولتهما إلى جانب وجوه أخرى، الفرار عبر الحدود البرية الغربية أو الشرقية.
وشددت المصالح الأمنية والقضائية الرقابة على المطارات والموانئ والمراكز الحدودية، تحسبا لفرار أشخاص مطلوبين للقضاء أو ممنوعين من السفر، والحيلولة دون تهريب العملة الصعبة إلى خارج البلاد.
وتبقى الأنظار مشدودة، إلى ما سيقرره القضاء الجزائري، بشأن الشكوى التي أودعها عدد من الناشطين ضد المستشار وشقيق الرئيس السابق، متهمين إياه بـ”التزوير واستعمال المزور وانتحال شخصية”، والتي تم قبولها، خاصة وأن الرجل يوصف بـ”الحاكم الفعلي للبلاد” منذ إصابة رئيس البلاد بجلطة دماغية في أبريل العام 2013.
وسمح سقوط رأس السلطة في الجزائر، بخروج جميع الملفات إلى العلن، خاصة تلك المتعلقة بالفساد المالي والسياسي، وضلوع محيط بوتفليقة في فضائح كبيرة بددت المقدرات المالية للبلاد، ويأتي على رأس هؤلاء نخب مالية وسياسية ظلت تشكل الوعاء الأول لنظام بوتفليقة.
وبدوره يعكف جهاز الدرك على إعادة فتح ملفات ثقيلة في قطاعات النقل والأشغال العمومية، المالكة للعديد من الصفقات العمومية الكبرى، كالطريق السيار ومشروعات للبنى التحتية وميناء شرشال، وقد داهم المحققون مقر الوزارتين لجمع ملفات ووثائق وبيانات تتعلق بالملفات المذكورة.