انقسام أوروبي بشأن التعامل مع عودة الجهاديين

قال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير الجمعة، إن وزراء داخلية مجموعة الدول الصناعية السبع ما زالت لديهم وجهات نظر مختلفة حول كيفية التعامل مع المتشددين وأسرهم في سوريا والعراق، فيما صعدّت الولايات المتحدة ضغوطها على الحلفاء لاسترجاع المقاتلين الذين يحملون جنسياتهم.

وكرّرت وكيلة الوزارة الأميركية كلير جريدي، ممثلة الولايات المتحدة في اجتماع باريس الذي يناقش قضية مكافحة الإرهاب، موقف بلادها المتمثّل في ضرورة إعادة المقاتلين الأجانب إلى وطنهم الأم، فيما ترى فرنسا ودول أخرى أنهم يجب أن يمثلوا للمحاكمة بالعراق.

وأشار كاستانير أن بلاده لا تنظر في “إعادة جماعية” للجهاديين الفرنسيين وعائلاتهم المحتجزين في سوريا، رغم أن هذه “الفرضية” جرت دراستها في وقت ما. وأكدت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية الجمعة، أن السلطات الفرنسية أعدّت منذ وقت قصير لائحة بأسماء 250 رجلا وامرأة وطفلا، محتجزين في مناطق الأكراد في سوريا، بغية إعادتهم، قبل أن تتخلّى عن الفكرة أخيرا خشية رد فعل الرأي العام المتردّد، عالميا، بشأن عودة الجهاديين إلى دولهم.

وقال كاستانير في المؤتمر الصحافي الختامي للقاء وزراء داخلية دول مجموعة السبع في باريس إنه “من المنطقي أن تحضّر السلطات كل الفرضيات وإعادة الجهاديين كانت واحدة من الفرضيات التي حضّرتها”.

طالب الرئيس الأميركي ألمانيا ودولا أوروبية أخرى منذ وقت قريب باستعادة مقاتلي داعش، الذين تمّ أسرهم في سوريا، وإقامة محاكمات لهم على أراضيها

وأضاف الوزير أنه “لم يتم النظر أبدا في إعادة جماعية”، مؤكدا أن فرنسا لن تقرّر إعادة أبناء الجهاديين إلى فرنسا إلا بدارسة “كل حالة على حدة”، رافضا أن يكون الرأي العام هو من يُملي الموقف الفرنسي.

وأعيد خمسة أيتام إلى فرنسا في 15 مارس من مناطق الأكراد في سوريا، كما أعيدت طفلة تبلغ ثلاث سنوات في 27 مارس، حكم على والدتها بالسجن المؤبد في العراق. ومنذ أسابيع، تتزايد المطالبات بعودة أبناء الجهاديين، في ملفّ حسّاس بالنسبة لفرنسا التي تعرّضت لسلسلة هجمات إرهابية منذ عام 2015.

وتحاول الحكومة الفرنسية منذ سنوات التوصل إلى طريقة للتعامل مع المواطنين المشتبه بأنهم قاتلوا إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من التنظيمات المتطرفة في سوريا أو العراق.

ويُعتقد أن ما يصل إلى 1700 مواطن فرنسي توجهوا إلى العراق وسوريا للقتال مع الجهاديين بين 2014 و2018، بحسب أرقام الحكومة. ويُعتقد أن نحو 300 قتلوا في المعارك. وبحسب وزارة العدل، وبحلول سبتمبر 2018 عاد نحو 260 منهم إلى بلادهم طوعا، وجرت محاكمة نحو 200 شخص.

وتخشى فرنسا أنه في حال اشتبكت القوات الكردية مع تركيا في شمال شرق سوريا، فقد يفرّ الجهاديون الأجانب المحتجزون هناك أو يتم الإفراج عنهم. وسيشكّل ذلك تهديدا لفرنسا التي نفّذ فيها جهاديون عددا من الهجمات القاتلة منذ 2015 بينها هجمات باريس، في نوفمبر 2015 والتي قتل فيها 130 شخصا.

وفي سيناريو آخر يرسمه مسؤولون فرنسيون وتسعى باريس إلى تجنّبه، يمكن أن يسعى الأكراد إلى الحصول على حماية من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يمكن أن يستخدم السجناء الفرنسيين كورقة مقايضة مع باريس.

وإقدام أكراد سوريا على الإفراج عن ألف جهادي متطرف مسجونين لديهم يعدّ كابوسا بالنسبة إلى أجهزة الأمن الأوروبية، بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا.

أعيد خمسة أيتام إلى فرنسا في 15 مارس من مناطق الأكراد في سوريا، كما أعيدت طفلة تبلغ ثلاث سنوات في 27 مارس، حكم على والدتها بالسجن المؤبد في العراق

ويحتجز الأكراد السوريون الذين يتلقون دعما وتمويلا وتسليحا وحماية من واشنطن، في سجون شمال البلاد حوالي ألف مقاتل جهادي من ثلاثين جنسية أسروا لدى استعادة التحالف الدولي الأراضي التي كان يسيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، كما يُحتجز ألفان من أفراد أسرهم بينهم العديد من الأطفال في مخيّمات لاجئين في المنطقة نفسها.

وإعلان البيت الأبيض سحب ألفي عنصر من القوات الأميركية الخاصة ينشطون إلى جانب القوات الكردية في سوريا، قد يترك الأكراد تحت رحمة الجيش التركي الذي أعلن عن شنّ هجوم وشيك ضد معاقلهم في شمال سوريا.

وطالب الرئيس الأميركي ألمانيا ودولا أوروبية أخرى منذ وقت قريب باستعادة مقاتلي داعش، الذين تمّ أسرهم في سوريا، وإقامة محاكمات لهم على أراضيها.

وتتشكك ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي إزاء استعادة مقاتلي التنظيم بصورة تامة، حيث أكد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر قائلا “عندما يكون لدى الادعاء العام في عدد من الدول دعاوى ضد أشخاص فمن الأفضل أن يجري التحقيق القضائي، حيث يوجد مقاتلو التنظيم تحت التحفّظ أو في الأسر كأن يحاكموا في العراق مثلا”.

وأوضح زيهوفر أن من الأفضل أن يسعى الساسة مع ذلك إلى عدم تطبيق عقوبة الإعدام عليهم “فهذا لا يصحّ، فالأساس الذي تقوم عليه بلادنا ينص على معارضة عقوبة الإعدام سواء في ألمانيا أو في الخارج”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: