مرسوم مغربي جديد ينتصر للنساء ضد العنف الأسري
صادقت الحكومة المغربية مؤخرا على مشروع مرسوم متعلق بمحاربة العنف ضد النساء، ويُجرّم القانون الجديد بعض أشكال العنف الأسري، ويرسي تدابير وقائية، ويُوفر حماية جديدة للناجيات. ويجرّم هذا القانون العديد من الاعتداءات التي يمكن أن تكون المرأة ضحيتها سواء في البيت ومن أفراد الأسرة أو في العمل والفضاء العام.
يعرّف القانون المغربي في الفصل (103.13) العنف ضد المرأة “كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة”، وقد ناضلت الحركات النسائية وفعاليات المجتمع المدني من أجل إقرار هذا القانون لمحاربة ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب، ومن بين النقاط الواردة فيه تجريم الطرد من بيت الزوجية، وتجريم التحرش الجنسي المرتكب من قبل الزميل في العمل أو الشخص المكلف بحفظ النظام العام والأمن العمومي.
ويهدف المشروع الذي تقدمت به بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، إلى تطبيق مقتضيات المواد 10 و11 و13 و15 من القانون رقم (103.13) المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وذلك من خلال تحديد تركيبة خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف على مستوى المصالح المركزية واللاممركزة لقطاعات حكومية وإدارات محددة، وكذا تحديد ممثلي الإدارات بهذه الخلايا المحدثة على مستوى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، وأيضا تحديد تأليف اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، إضافة إلى تحديد ممثلي الإدارات باللجان الجهوية والمحلية للتكفل بهؤلاء النساء.
المرسوم جاء للتخفيف من مظاهر التمييز الصارخ الممارس ضد المرأة بما يشكله من مس بحرمتها وسلامتها البدنية
ومن الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة لمحاربة العنف ضد النساء مطالبة الناجيات من الاعتداء بالعنف رفع دعوى قضائية للحصول على الحماية، ولا يستطيع سوى القليل منهن فعل ذلك، كما أنه لا يُحدد واجبات الشرطة والنيابة العامة وقضاة التحقيق في حالات العنف الأسري، أو تمويل مراكز إيواء النساء.
ومن الإيجابيات التي جاء بها القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، تجريمه للأفعال التي تشكّل عنفا ضد المرأة، كالامتناع عن إرجاع الزوج المطرود إلى بيت الزوجية، والإكراه على الزواج، وتبديد أموال الأسرة بسوء نية، وتشديد العقاب على أشكال التحرش الجنسي، ووضع إطار قانوني لعمل خلايا التكفل بالنساء المعنفات، واعتماد تدابير إجرائية حمائية جديدة، من قبيل إبعاد الزوج المعتدي، ومنع الاقتراب من الضحية أو من سكنها أو الأبناء، وإشعار المعتدي بمنعه من التصرف في الأموال المشتركة للزوجين، وكذا تجريم التحرش الجنسي المرتكب من قبل الزميل في العمل أو الشخص المكلف بحفظ النظام العام والأمن العمومي.
ويعترف قانون المغرب المُتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ببعض أشكال الإساءة التي تواجهها نساء كثيرات من قبل أزواجهن وأسرهن، حسب روثنا بيغوم باحثة حقوق المرأة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، لكن على المغرب أن يُعالج الثغرات لضمان حماية جميع الناجيات من الإساءة، وقيام الشرطة والنيابة العامة بعملها.
وجاء التصديق على مشروع مرسوم متعلق بمحاربة العنف ضد النساء، حسب سعيدة بلحديد، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء بورزازات، للتخفيف من مظاهر التمييز الصارخ الممارس ضد المرأة بما يشكله من مس بحرمتها الجسدية وسلامتها البدنية، وانتهاكا صارخا لحقوقها الإنسانية، موردة أن الإحصاءات سجلت ارتفاعا مهولا ومتزايدا في وتيرة العنف، ما جعل من الضروري وضع مشروع القانون والتصديق عليه.
ويمكن تسجيل عدة مقتضيات إيجابية في القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، من قبيل؛ تجريم الطرد من بيت الزوجية، تجريم التحرش الجنسي المرتكب من قبل الزميل في العمل أو الشخص المكلف بحفظ النظام العام والأمن العمومي، إلخ… من المقتضيات المشار إليها أعلاه.
كما تهم المقتضيات التي أتى بها المرسوم تحديد ممثلي الإدارات باللجان الجهوية والمحلية للتكفل بالنساء ضحايا العنف تفعيلا للمادتين 13 و15 من هذا القانون، وقد راعت تركيبة مختلف اللجان والخلايا الحرص على تنزيل أحكام القانون رقم 103.13 إشراك كل المتدخلين في مجال محاربة العنف ضد النساء والوقاية منه وحماية الضحايا، وذلك بوضع آليات منسجمة لتنسيق الجهود تحقيقا لأهداف هذا القانون.
وأشارت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، إلى المرجعية الأساسية المعتمدة لمحاربة العنف ضد النساء، وفي مقدمتها الدستور الذي ينص على حظر كل أشكال التمييز، وضمان الحق في السلامة الجسدية والمعنوية، إلى جانب التزامات البرنامج الحكومي الذي أولى عناية خاصة للنهوض بأوضاع النساء وحمايتهن.
وأضافت الوزيرة أن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، تقع ضمن نفس المرجعيات خاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، وذلك وفق مقاربات تتكامل فيها المقاربة الحقوقية مع المجالية والتشاركية مع التماسك الاجتماعي المبني على التماسك الأسري، مؤكدة على اعتماد مداخل متعددة تحقق الوقاية والحماية والتكفل والتمكين.
سجل عضو نادي قضاة المغرب، سعدون أنس، أن صدور القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، في حد ذاته يعتبر خطوة إيجابية في اتجاه محاربة ظاهرة العنف التي استفحلت بشكل كبير في المجتمع عموما، وفي مواجهة المرأة بشكل خاص.
وفي ذات السياق ذكرت المسؤولة الحكومية بسيمة الحقاوي بالمكتسبات المتحققة في مجال محاربة العنف ضد النساء، حيث يتم العمل على التقائية وحكامة مختلف الجهود المبذولة (الخطة الحكومية إكرام 1 وإكرام 2، واتخاذ التدابير النهائية من أجل إخراج الاستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد النساء 2018-2030).
وفي مجال التشريع والحماية القانونية تم اعتماد 7 قوانين، وهي القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء منذ 12 سبتمبر 2018، وقانون مؤسسات الرعاية الاجتماعية، والقانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر والقانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والقانون المتعلق بإحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والقانون المتعلق بإقرار مقتضيات تهم المساواة ومكافحة التمييز والصور النمطية على مستوى الاتصال السمعي البصري، والقانون المتعلق بتحديد شروط التشغيل بالنسبة للعاملات والعاملين المنزليين والذي دخل حيّز التنفيذ في 2 أكتوبر 2018، بالإضافة إلى قانون صندوق التكافل العائلي ومشروعيْ قانونيْن متعلقيْن بالأراضي السلالية.