القمة العربية الثلاثون: تكرار الفشل العربي أم درس نجاح تونسي
جاءت القمة العربية الثلاثون التي احتضنتها تونس نهاية الأسبوع في ظل أوضاع سياسية مضطربة، البعض منها ملفات كانت دائما مطروحة على طاولة أي لقاءات أو قمم عربية سابقة وحاليا تطورات ومن ذلك الملفات السوري والعراقي واليمني ومنها ملفات جديدة طفت على سطح التوترات في دول بعينها ومنها أزمة الحكم في كل من الجزائر والسودان.
الدول العربية التي لا تزال لم تستوعب بعد اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل وجدت نفسها مؤخرا في مواجهة قرار جديد لا يقل خطورة وصدمة عن القرار المتعلق بالقدس، وهو الأمر الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويمنح إسرائيل أحقية في الجولان.
احتوى البيان الختامي لقمة تونس هذه الملفات التي تشغل الحكومات العربية كما تشغل الشارع العربي.
من أهداف القمة العربية بتونس الإسهام في دعم وتعزيز العمل العربي المشترك بما يعود بالفائدة والمصلحة على كل الدول والشعوب العربية، لكن البعض يرى أن نتائج القمة العربية الثلاثين لم تبلغ مستوى التطلعات التي كانت مرجوة منها، وبالتالي اعتبروها مجرد مناسبة فلكلورية أخرى لم تأت بالجديد بل اجترت خطابات قديمة مفعمة بسلبية التنديد والرفض.
الذين يتبنون هذا الطرح يرون أن جميع القمم العربية تحولت إلى إطار للتنديد والتحذير ودعوة المجتمع الدولي للتحرّك، دون لعب دور حيوي في قضايا الوطن العربي أو حتى مجرد السعي لذلك، معتبرين أن هذا الموقف السلبي والمكرر دليل وهن وضعف واستكانة قد يجلب قرارات أخرى صادمة وجارحة لن يكون الجولان السوريّ المحتلّ إلا أولها.
يقول هؤلاء إن قمة تونس فقدت كل قيمة إذ فوتت على نفسها الخروج بقرارات قوية، إلى جانب أنها لم تشهد اجتماعات موازية لتحريك القضايا الملحة وحلحلة الأزمات الراهنة تكسبها نجاحا حقيقيا بعيدا عن الخطابات والفعاليات الرسمية.
الرأي المضاد لهذا الموقف يخرج التقييمات الممكنة لمدى نجاح القمة العربية في تونس من مجرد الاقتصار على مضامين البيان الختامي.
فنجاح القمة العربية الثلاثين يعود خاصة إلى الأجواء التي عقدت فيها القمة، ويبدأ من عنوان “قمة العزم والتضامن” الذي اختاره لها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، فهؤلاء يؤكدون أنه لم يعد ينفع مع مرحلة التفكك التي دخل فيها الوضع العربي إلا العزم والتضامن.
لكنهم يرون أيضا في الدروس التونسية التي قدمت على هامش القمة العربية شهادة حقيقية عن نجاح هذه الفعالية التي جمعت قادة العالم العربي. ومن ذلك خروج مظاهرات وسط العاصمة على بعد أمتار من مقر عقد القمة ولم تمنع الحكومة التونسية ذلك ولم تعارضه، رغم أن الشعارات التي رفعت كانت ضد القمة أو بعض ضيوفها. ويعتبر ذلك في صميم الديمقراطية فالحكومة والمعارضة كل منهما يقوم بدوره وفق موقعه ولكل منهما حقوق يتمتع بها وواجبات يؤديها.