اتفاق بريكست أمام البرلمان البريطاني للمرة الرابعة
فاقم رفض البرلمان البريطاني للمرة الثالثة على التوالي لاتفاق بريكست الضغوط على رئيسة الوزراء تيريزا ماي العاجزة عن تليين مواقف المتشككين داخل حزبها المحافظ، فيما الوقت ينفد. ومع اقتراب المهلة الأوروبية التي تنتهى بحلول 12 أبريل الحالي تستعد ماي لطرح الاتفاق على التصويت للمرة الرابعة بعد أن ينظر البرلمان الاثنين في خيارات انفصال أخف.
يمر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بحالة من التخبط بعد انهيار استراتيجية رئيسة الوزراء تيريزا ماي للانسحاب مما وضع ماي تحت ضغوط من خصومها للخروج دون اتفاق أو الاتجاه للانتخابات أو إبرام اتفاق خروج أخف بكثير.
وبعد واحد من أكثر أسابيع السياسة البريطانية اضطرابا منذ الاستفتاء عام 2016، لا يزال من غير الواضح كيف ومتى ستخرج المملكة المتحدة من التكتل الذي انضمت إليه قبل 46 عاما أو ما إذا كانت ستتركه بالأساس.
ولحقت هزيمة ثالثة باتفاق ماي للخروج بعد تعهدها بالاستقالة في حالة إقرار الاتفاق في البرلمان مما وضع أحد أضعف الزعماء البريطانيين منذ عشرات السنين في مواجهة أزمة عصيبة بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي يمثل أكبر خطوة تقدم عليها المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
ويصوت البرلمان الاثنين على خيارات مختلفة للخروج ثم قد تجرب ماي حظها للمرة الأخيرة بطرح اتفاقها للتصويت في البرلمان للمرة الرابعة على التوالي الثلاثاء.
وقال وزير العدل ديفيد جوك الذي صوت في استفتاء 2016 للبقاء في الاتحاد الأوروبي “لا توجد خيارات مثالية متاحة وهناك ردود جيدة للغاية ضد أي نتيجة محتملة في الوقت الحالي لكن سيتعين علينا فعل شيء”.
وأضاف جوك لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) “تفكر رئيسة الوزراء في الخيارات وتبحث ما قد يحدث لكنني لا أعتقد أن هناك أي قرارات اتُخذت”. لكن صبر الكثيرين في حزب ماي نفد.
وذكرت صحيفة صن أن 170 من بين 314 نائبا لحزب المحافظين أرسلوا لها خطابا يطالب بالخروج من الاتحاد الأوروبي خلال الشهور القليلة المقبلة باتفاق أو دون اتفاق، فيما كان من المقرر أن تترك بريطانيا التكتل يوم 29 مارس لكن الجمود السياسي في لندن أجبر ماي على أن تطلب تأجيلا من الاتحاد حتى 12 أبريل القادم.
وسببت متاهة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي انقساما في المملكة المتحدة ونزل أنصار الخروج ومؤيدو البقاء في التكتل إلى شوارع لندن الأسبوع الماضي، حيث يشعر كثيرون من الفريقين بالخيانة من قبل نخبة سياسية لم تظهر مهارات القيادة.
ويصوت البرلمان البريطاني الاثنين على مجموعة من خيارات الخروج البديلة التي وقع اختيار رئيس البرلمان جون بيركو عليها من بين تسعة اقتراحات تقدم بها النواب ومن بينها الخروج دون اتفاق أو منع الخروج دون اتفاق أو إقامة اتحاد جمركي أو إجراء استفتاء ثان.
وفي غياب أي أغلبية حتى الآن لأي من خيارات الخروج في مجلس العموم، هناك تكهنات بإمكانية الدعوة إلى الانتخابات لكن لن يكون من الممكن التنبؤ بما ستؤول إليه هذه الانتخابات وليس واضحا من سيقود المحافظين فيها.
وقال جيمس كليفرلي نائب رئيس حزب المحافظين إن الحزب لا يخطط لانتخابات لكن نائب زعيم حزب العمال المعارض توم واتسون قال إن حزبه يستعد للانتخابات.
وقالت إيميلي ثورنبيري المتحدثة باسم الشؤون الخارجية في حزب العمال إن الحزب قد يحاول الدعوة لاقتراع على سحب الثقة من حكومة ماي.
وأضافت ثورنبيري “لا نعرف هل ستظل رئيسة للوزراء؟ أو هل سيكون هناك شخص آخر؟ ومن سيكون هذا الشخص؟ الأمور في حالة يرثى لها”.
ويخشى معارضو الخروج من الاتحاد الأوروبي أن تجعل الخطوة بريطانيا أفقر وتؤدي إلى انقسام في الغرب الذي يتعامل مع رئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة وتصاعد نفوذ روسيا والصين.
ويرى مؤيدو الخروج أن الانسحاب ربما يجلب انعدام الاستقرار على المدى القصير لكنه سيسمح للمملكة المتحدة بالازدهار على المدى الطويل مع انفصالها عما يصفونه بمحاولة محكوم عليها بالفشل لتحقيق وحدة أوروبية.
ويعارض المتشككون في أوروبا والحزب الديمقراطي الوحدوي الإيرلندي الشمالي، الذي دعم نوابه العشرة حكومة الأقلية البريطانية منذ يونيو 2017، بروتوكول “شبكة الأمان” الخاص بإيرلندا لضمان حدود إيرلندية مفتوحة في فترة ما بعد بريكست.
ويعارض هؤلاء “شبكة الأمان” التي يفترض أن تتجنب عودة حدود فعلية بين جمهورية إيرلندا وإيرلندا الشمالية، وتنص على أن تبقى بريطانيا في “وحدة جمركية” مع الاتحاد الأوروبي.
ويخشى المؤيدون لبريكست أن يؤدي ذلك إلى بقاء بلادهم مرتبطة دوما بالاتحاد الأوروبي، في حين يرفض الوحدويون الوضع الخاص الذي سيمنح لإيرلندا الشمالية. وأصدرت المفوضية الثلاثاء سلسلة من الكتيبات تخطر المواطنين، من بين أشياء أخرى، بأنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق، لن يعود بمقدور المسافرين إلى بريطانيا الاعتماد على برنامج تبادلي خاص بالرعاية الصحية على نطاق الاتحاد الأوروبي ويمكن أن يتحملوا تكاليف خدمة التجوال التي تم إلغاؤها داخل التكتل.
وسيكون المسافرون عرضة لعمليات تفتيش جمركية وقيود إضافية عندما يسافرون مع حيواناتهم الأليفة وكذلك عمليات تأخير محتملة عند الحدود، غير أن زوار الاتحاد الأوروبي يجب ألا يطلبوا تأشيرات إقامة لأقل من ثلاثة أشهر.