مغربي متقاعد يهرب من الكآبة إلى العيش داخل سيارته
وجد متقاعد مغربي طريقة تخلصه من براثن الوحدة وتبعده عن مخاطر العزلة والاكتئاب، حيث زود سيارته المتنقلة بكل ما يحتاج إليه وفضّل الانتقال من مكان إلى آخر والالتقاء بالمزيد من الناس.
هجر مغربي شقته في الرباط ليعيش في سيارة متنقلة منحته السعادة أكثر مما منحه إياها المنزل، حيث فضل هذا المتقاعد مخالطة الناس والعيش دون قيود جدران شقته طليقا في الطبيعة.
وقال أحمد معناوي حالتي لا تعد نادرة في المغرب، لكن ظروفي المعيشية جيدة. كوني عشتُ في الخارج وعملت وتقاعدت من هناك، جعلني محط الأنظار، فغيري من الكارهين للعزلة بين جدران غرفهم الصامتة كثيرون، غير أن إمكانياتهم المادية محدودة”. وأوضح أنه يقضي يومه في التنقل بسيارته بحثا عن الأماكن المحاطة بالخضرة والصالحة للتخييم حتى يحط فيها رحاله شرط أن يكون قريبا من متنزهين آخرين.
وتابع معناوي (67 عاما) محتضنا آلة القنبري الموسيقية التي لا تفارقه “وفي الكثير من الأحيان أذهب إلى ساحل المحيط، وحالما أجد عددا من المخيمين هناك أستقر قربهم عدة أيام، وأشاركهم أفراحهم بالعزف لهم على آلة القنبري، التي أجيد العزف عليها، وكذلك أجيد استخدام آلات وترية أخرى، كالعود والربابة المغربية وغيرهما، في حفلات السمر التي يديرونها”.
وأكد الستيني المغربي أن “زيارة أماكن جديدة والالتقاء بأناس غرباء يعدان متعة حقيقية”، مشيرا إلى أنه كون صداقات من جميع أنحاء العالم وأن المودة والمحبة تجمعانه بكل معارفه الجدد، مضيفا أنه يعتبر الحياة قصيرة، وما يتبقى منها أقصر بكثير، وهو شعاره الدائم حتى يعيش ما تبقى من عمره بعيدا عن الهموم والمشاغل.
وأضاف معناوي أنه عايش في الغربة عدة تجارب لأصدقاء له عانوا من فترات كآبة حادة بعيدا عن أهاليهم وبلدانهم، لأنهم عاشوا منعزلين عن الناس، وأدى ذلك ببعضهم إلى الانتحار، ومنهم من خاض تجربة زواج فاشلة، أو فشل في تحقيق أحلامه، متابعا أن هذا ما يجعله يبحث باستمرار عن الاختلاط بالناس وتكوين شبكة كبيرة من العلاقات.
وشدد عبدالكريم عطا كريم -طبيب نفسي مغربي- على أهمية الاختلاط بمن حولنا، وفوائده الجسمية والنفسية، سواء للصغار أو للكبار، وقد استخلص ذلك من خلال متابعته لمرضاه.
وتابع قائلا إن الأمر “يبدأ كحرمان حسيّ، ويتطور إلى كآبة شديدة، والتي يعاني منها الكثيرون في العالم. وتتطور الحالة بسرعة إلى شيزوفرينيا وذهان عند الكثيرين، مما يستدعي متابعة طبية نفسية للمريض، وعلاجية، وإلا ستؤدي بالمصاب إلى أفعال غير مسؤولة تؤذي ذاته أو أول من يختلط به”.
ولفت إلى أن “المشاركة في النشاطات الاجتماعية، ومزاولة العمل الخيري أو الانغماس في الخدمة التطوعية بعد التقاعد، هي أولى النصائح التي نوجهها لمن يشعرون بالوحدة أو العزل الاجتماعي”.
وأضاف “في المجتمعات العربية عادة ما يتم عزل المطلقين أو المترملين أو كبار السن، مما يسهل إصابتهم بما يسمى طبياً بـ’اضطرابات الشخصية الانعزالية’، ومن أبرز آثار المرض، الفوبيا من الاختلاط بالناس”.
وختم عطا كريم قائلا إن “أولى النصائح للمتقاعدين ألا يعزلوا أنفسهم بعيدا عن الناس، وكذلك للآباء والأمهات نوصي بعدم عزل أطفالهم لفترات طويلة، لأن ذلك سيتسبب في إصاباتهم بأمراض الاضطراب النفسي”.