مديرا التلفزيون والإعلام كبشا فداء الاحتجاجات الشعبية في الجزائر
يتعامل صناع القرار في الجزائر بحذر مع المشهد الإعلامي في الجزائر بعد تصاعد الاحتجاجات وانضمام صحافيين بارزين إليها، كما يأتي نبأ إقالة مديرة الإعلام فريدة بسعة مقتضبا دون توضيح الأسباب، مع تغير لافت في إدارة ملف الإعلام في البلاد.
أحالت الرئاسة الجزائرية مديرة الإعلام فريدة بسعة على التقاعد، وفق مضمون قرار صادر في الجريدة الرسمية للجمهورية، بعد أسبوع من تداول أنباء في وسائل الإعلام المحلية عن استقالتها، وتكهنات بخلافات سياسية في الفريق الرئاسي وراء هذا القرار. وتميزت فترة عمل بسعة كمديرة للاتصال في رئاسة الجمهورية بسريّة تامة وعدم التعاطي مع وسائل الإعلام.
كما نقلت وسائل إعلام محلية نبأ إنهاء مهام توفيق خلادي المدير العام للتلفزيون العمومي وتعويضه بلطفي شريط، بالرغم من كونه عضوا في سلطة ضبط السمعي البصري.
وقد شغل شريط منصب مدير الأخبار في التلفزيون الجزائري منذ أبريل 2011 حتى شهر مايو 2013، عندما قام خلادي بإنهاء مهامه.
وتأتي إقالة بسعة وخلادي في ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية، وتخبط في إدارة ملف الإعلام في الجزائر بعد انضمام العديد من الصحافيين إلى الحراك الشعبي، كما استقالت وجوه بارزة في التلفزيون والإذاعة العموميين، احتجاجا على الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام ومنعها من تغطية المظاهرات.
وأدى تجاهل أغلب وسائل الإعلام العامة وبعض القنوات التلفزيونية الخاصة لهذه الاحتجاجات أو محاولة اختزال مطالبها إلى استياء واسع داخل البلاد. كما دفع بعض الإعلاميين إلى الاستقالة من مناصبهم في مؤسسات عامة وخاصة.وأفضى إلى ما يشبه ثورة ضمير مهني لدى عدد كبير من العاملين في هيئة الإذاعة ومؤسسة التلفزيون العامتين.
في الوقت ذاته، نددت أوساط حقوقية بارتكاب السلطات الجزائرية أعمال قمع كثيرة ومتنوعة ضد الصحافيين ووسائل الإعلام لإجبارهم على التعتيم على الأحداث الجارية في البلاد.
ويتساءل متابعون داخل الأوساط الجزائرية عما إذا كانت إقالة بسعة مرتبطة بتغير ملحوظ في إدارة الإعلام الحكومي، حيث أعطى صناع القرار في الجزائر الضوء الأخضر لإدارة التلفزيون العمومي لفسح المجال أمام المعارضة المقصية.
وقررت السلطات فتح الحقل الإعلامي العمومي على كل الأطياف لتهدئة غضب الشارع ومحاولة التحكم والسيطرة على الوضع.
ونشر رئيس حزب ”جيل جديد” المعارض، سفيان جيلالي، في صفحته على موقع فيسبوك، أنه سيحل ضيفا على برنامج سياسي مباشر في التلفزيون العمومي مباشرة على الهواء، وذكر أن آخر ظهور له في هذا التلفزيون يعود إلى عام 2012.
ويبدو أن السلطات قررت فتح الحقل الإعلامي العمومي على كل التيارات السياسية، بعد أن واجه الإعلام انتقادات حادة بسبب أدائه في تغطية المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ 22 فبراير الماضي.
وفي بداية مارس الحالي افتتح التلفزيون العمومي الجزائري، للمرة الأولى منذ بدء حركة الاحتجاج في البلاد، نشرته الإخبارية بمشاهد لتظاهرات في العاصمة الجزائرية، لكن دون الإشارة إلى أن المحتجين يطالبون برفض ترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة.
وأوضح التلفزيون أن المتظاهرين الذين نزلوا بكثافة إلى الشارع في العاصمة وباقي مدن البلاد، طالبوا بـ”تغيير سلمي”.
وبشأن المواجهات التي وقعت بين مجموعات من الشبان والشرطة في نهاية تظاهرة العاصمة، تحدث التلفزيون عن تجاوزات اضطرت قوات الأمن إلى استخدام الغاز المسيل للدموع من أجل مجابهتها.
وأشار التلفزيون العمومي في منتصف نشرته إلى مسيرات ضمت آلاف الطلبة، دون الإشارة إلى أنها جاءت احتجاجا على ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
وكان الوضع مشابها في وسائل الإعلام الخاصة التابعة لرجال أعمال مقربين من بوتفليقة، وبثت قناة “دزاير نيوز” التي يملكها علي حداد -وهو رئيس مجلس إدارة شركة أشغال عامة ورئيس منظمة أصحاب العمل- مشاهد من الاحتجاجات التي قالت إن عدد المشاركين فيها بلغ “مليون شخص” في كامل أنحاء البلاد.
من جهتها بثت قناة النهار -وهي ملك أكبر مجموعة إعلام خاصة في الجزائر- مشاهد من احتجاجات الجمعة خصوصا مواجهات نهاية النهار بين رجال شرطة وشبان في العاصمة.
يذكر أن عمالا وموظفين في التلفزيون الجزائري العمومي، شاركوا مرارا في وقفات احتجاجية أمام مقر التلفزيون بشارع الشهداء في العاصمة الجزائرية.
وكان آخرها قبل أيام، تنديداً بـ”الضغوطات الممارسة عليهم في قاعات التحرير وغرف الأخبار”، وعملية “التعتيم الممنهج” حيال الحراك الشعبي الذي يشهده الشارع الجزائري.