محامو الجزائر يحذرون القوى الخارجية من دعم النظام على حساب الشعب
تتواصل الحركات الاحتجاجية في الجزائر ضد نظام الرئيس المريض عبدالعزيز بوتفليقة، بعد المسيرة المليونية الخامسة. وبالموازاة مع المسيرة التي نظمها المحامون والعمال، أطلق ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، دعوات لإضراب وطني شامل بداية من الثلاثاء القادم ردا على تعنّت السلطة في التفاعل مع دعوات الرحيل.
وحذّر المحامي والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، في تصريح أدلى به للصحافيين خلال المسيرة التي نظمها المحامون، السبت، العواصم الغربية التي أبدت دعمها للسلطة الجزائرية من غضب الشعب الجزائري.
وحضّ المتحدث، الذي كان يلمح لفرنسا وروسيا على وجه التحديد، هذه الدول على ضرورة الاستعداد لبناء علاقات مع نظام يمثل الشعب ومنبثق عن إرادته، وليس التعامل مع “عصابات” تشتري دعم الخارج لقمع شعبها.
ووصف الحملة الدبلوماسية التي يقوم بها نائب رئيس الوزراء رمطان لعمامرة لدى عواصم غربية بـ”الخطيرة جدا”، وبـ”مساعي الاستقواء بالخارج على حساب الشعب”، عبر تسويق صورة تشوّه الحراك الشعبي.
ونظم المحامون، السبت، وقفة في ساحة البريد المركزي بالعاصمة في إطار الحراك الشعبي المتواصل من أجل تنحي بوتفليقة ورحيل السلطة. وأكد المحامون على رفض جميع أشكال التدخل الخارجي في الشأن الداخلي للبلاد، ومحاولات استقواء السلطة بالخارج على حساب الداخل أو مساعي الالتفاف والاختراق، عبر تشكيل حكومة جديدة مرفوضة مسبقا من طرف الشارع.
وشددت دعوات الإضراب الشامل على شل جميع القطاعات الحكومية، بما فيها قطاع النفط، في خطوة تصعيدية ضد ما أسمته بـ”تعنت وتجاهل السلطة للمطالب المعبر عنها منذ أكثر من شهر”، واستثنت منها القطاعات الخدماتية المتصلة بالحياة اليومية للمواطنين، كالصحة والنقل والتموين بالمواد الغذائية. وبالموازاة مع ذلك نظم المئات من العمال من مختلف القطاعات المهنية وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين بالعاصمة، للمطالبة برحيل الأمين للمركزية النقابية عبدالمجيد سيدي السعيد وباقي القيادات من هرم أعرق التنظيمات النقابية في البلاد.
وكانت العديد من الفروع النقابية التابعة للاتحاد، قد عبّرت عن انشقاقها عن القيادة ودعمها للحراك الشعبي والانخراط الجماعي في المسيرات الاحتجاجية الأسبوعية، من أجل الضغط على السلطة للرحيل، ويأتي على رأس هؤلاء فرع المنطقة الصناعية بالرويبة شرقي العاصمة، الذي يعد إحدى قلاع الاحتجاجات الاجتماعية في البلاد.
وفي خطوة لمواكبة التطورات المتسارعة في البلاد، عقدت أحزاب سياسية وشخصيات مستقلة معارضة لقاء بالعاصمة السبت، وهو السادس من نوعه منذ اندلاع أحداث الحراك الشعبي في البلاد، بغية بلورة موقف مناسب مع تصاعد سقف المطالب السياسية للشارع، ومناورات السلطة للالتفاف على الحراك.
وباتت المعارضة السياسية في البلاد في موقع المطالب بالالتحاق بوتيرة الحراك الشعبي أو التماهي معه، خاصة في ظل ما تعرضت له بعض الوجوه من رفض من قبل المحتجين في المسيرات المليونية الخمسة.
ويستعد رئيس الوزراء الجزائري نورالدين بدوي إلى الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، وسط تضارب حول هويتها، في ظل الصعوبات التي واجهها لإقناع الكثير من الوجوه والشخصيات بالانضمام إليها، حيث لم يجد من ضمن أكثر من 500 اتصال من يتفاعل مع عرضه، مما اضطره إلى الاستعانة بالأسماء القديمة في الحكومة السابقة.
وما زالت مهمة الدبلوماسي السابق لخضر الإبراهيمي، متعثرة لحد الآن، حيث باءت الاتصالات التي أجراها مع بعض الشخصيات المعارضة والمقربة من الحراك بالفشل، ولم يحقق التفاعل المنشود من طرف السلطة، في ظل إصرار الحراك الشعبي على عدم إفراز قيادة له في الظرف الراهن.
ويشدد ناشطون في الاحتجاجات الشعبية، على أن الأولوية هي لرحيل السلطة وتنحي بوتفليقة، وكل حوار معها لا يمثل إرادتهم ولا يلزمهم في شيء، وهو الأمر الذي قلص فرص المعارضة السياسية في إطلاق خارطة طريق تمثل الشارع، كما أبقى نوايا بعض الشخصيات المستقلة في إطلاق بدائل، محل تحفظ وتكتم شديدين.
وفي المقابل نفى حزب التجمع الوطني الديمقراطي السبت، أن يكون أمينه العام أحمد أويحيى، على وشك تقديم استقالته للمنسقين الولائيين في الاجتماع القادم، وشدد في بيان اطلعت عليه “العرب”، على أن مؤسسات وهياكل الحزب تحتكم للنصوص والتشريعات الداخلية الناظمة.
وعرف حزب السلطة الثاني هزة قوية بعد التصريحات القوية والمثيرة لأحمد أويحيى وشهاب صديق، التي وصفت بـ”الانقلابية والقافزة من مركب بوتفليقة”، بعدما دعا الأول إلى ضرورة الاستماع الفوري لمطالب الشارع، في حين ذكر الثاني بأن “البلاد تدار من طرف قوة غير دستورية منذ سبع سنوات”.
وتبرّأ شقيق رئيس الوزراء السابق العيفة أويحيى، السبت، من شقيقه وحمّله جزءا من المسؤولية عن الوضع الراهن، ودعاه إلى الرحيل باعتبارها جزءا من السلطة.