تيريزا ماي أم عقدة التصويت واللاتصويت، الخروج واللاخروج
يشهد اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي توصّلت إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي حالة من التخبط، إذ تسعى حكومتها إلى إيجاد سبيل للتحايل على قرار رئيس البرلمان بضرورة تغيير الاتفاق، الذي قوبل بالرفض مرتين، من أجل طرحه في تصويت ثالث.
لندن – صدم رئيس البرلمان البريطاني جون بيركو مكتب ماي، بقوله إن الحكومة لا يمكنها طرح الاتفاق في تصويت جديد ما لم يختلف كثيرا عن النسختين اللتين رفضتا في 15 يناير و12 مارس، ما يضيق هامش المناورة على الحكومة البريطانية.
وقال ستيف باركلي وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي إن القرار يعني أن التصويت هذا الأسبوع على الاتفاق أصبح مستبعدا بدرجة أكبر، لكنه قال إن الوزراء يبحثون عن سبيل للخروج من هذه المشكلة، وأشار إلى أن الحكومة ما زالت تعتزم إجراء تصويت ثالث على اتفاق ماي.
وأضاف باركلي “هذه لحظة أزمة تواجهها بلادنا… قرار رئيس البرلمان رفع سقف المطالب، وأعتقد أن ذلك يزيد من احتمالات عدم إجراء التصويت هذا الأسبوع″.
وتابع “كنّا نقول دائما في سياق طرح الاتفاق لتصويت ثالث إننا نحتاج لتحوّل من جانب النواب باتجاه التأييد. وما زال الوضع كذلك”.
وبعد مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي استمرت عامين ونصف العام، ما زال خروج بريطانيا من التكتل غير مؤكد وتشمل الخيارات المطروحة تأجيلا طويلا أو خروجا بالاتفاق الذي تفاوضت عليه ماي أو خروجا دون اتفاق، مما سيكون له أثر مدمر اقتصاديا أو حتى إجراء استفتاء آخر على الخروج.
ومن المقرّر أن تحضر ماي قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل الخميس، وستطلب خلالها تأجيل الخروج في حين تحاول الحكومة البريطانية التوصّل إلى سبيل لمغادرة الاتحاد بعد عضوية دامت 46 عاما.وقال دبلوماسيون كبار بالاتحاد الأوروبي إن زعماء التكتل يمكن أن يحجموا عن اتخاذ قرار نهائي خلال القمة بشأن تأجيل خروج بريطانيا استنادا إلى ما ستطلبه ماي بالتحديد.
وحرصا منها على تفادي هزيمة مهينة جديدة، حذّرت ماي مجددا في مقال نشر في صحيفة صنداي تلغراف الأحد، من أنّ بريطانيا قد “لا تخرج من الاتحاد الأوروبي لأشهر وقد لا تخرج بتاتا” مراهنة على مشاعر الخوف، في وقت يتساءل المعسكر المؤيد لبريكست عمّا إذا كان تصويت البريطانيين قبل ثلاث سنوات للخروج من الاتحاد الأوروبي سيصبح حقيقة. وقبل تصريحات بيركو، كانت جميع الأنظار متجهة إلى الحزب الديمقراطي الوحدوي وتحالف النواب المؤيدين لبريكست، اللذين قد يؤثّران على تصويت العديد من المشككين في أوروبا.
وعارض المتشككون في أوروبا والديمقراطي الوحدوي، الذي دعم نوابه العشرة حكومة الأقلية البريطانية منذ يونيو 2017، بروتوكول “شبكة الأمان” الخاص بأيرلندا لضمان حدود أيرلندية مفتوحة في فترة ما بعد بريكست.
ولترجيح كفّة التأييد، بدأت الحكومة التي تحتاج إلى تأييد 75 برلمانيّا، مباحثات مع مؤيدي بريكست المتشدّدين، بدءا بالحزب الديمقراطي الوحدوي حليفها في البرلمان.
ويعارض هؤلاء “شبكة الأمان” التي يفترض أن تتجنب عودة حدود فعلية بين جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية، وتنصّ على أنّ تبقى بريطانيا في “وحدة جمركية” مع الاتحاد الأوروبي.
ويخشى المؤيدون لبريكست أن يؤدي ذلك إلى بقاء بلادهم مرتبطة دوما بالاتحاد الأوروبي، في حين يرفض الوحدويون الوضع الخاص الذي سيمنح لأيرلندا الشمالية.
وأبدى وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجتمعون في بروكسل الاثنين استعدادا للقمة الأوروبية تأييدهم بشكل واسع لمنح بريطانيا متسعا من الوقت، لكنهم تساءلوا عن الهدف من ذلك.
وقال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز “نحن لسنا ضد تمديد بريكست في بلجيكا، لكن الأزمة هي تمديد لفعل ماذا؟”.
الاتحاد الأوروبي يقر حزمة من التدابير تحسبا لبريكست دون إتفاق رغم أنه لا يعارض تمديد مهلة الانفصال
واستكملت دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء وضع اللمسات الأخيرة على سلسلة من التدابير الطارئة التي تهدف إلى تقليل أثر أي خروج بريطاني من دون اتفاق من الاتحاد. وتغطي التدابير مجالات النقل ومصائد الأسماك ومدفوعات الضمان الاجتماعي.
وتهدف التدابير الجديدة أيضا إلى حماية حقوق الضمان الاجتماعي لمواطني دول الاتحاد في بريطانيا والعكس، مثل الحق في الرعاية الصحية ومعاشات التقاعد المتبادلة. كما تضمن “الاتصال الأساسي للنقل الجوي”، وكذلك السماح باستمرار التنقل البرّي للشاحنات والركّاب.
وتضمن التدابير سهولة قيام السفن الأوروبية بأنشطة الصيد في المياه البريطانية والعكس، وكذلك إتاحة تعويضات لأيّ صيادين متضرّرين.
ومن المقرّر أن تصبح هذه الحزمة من التدابير سارية من اليوم التالي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حال حدث ذلك من دون اتفاق.