ضغوط النقابات والجيش تدفع السلطات الجزائرية إلى البحث عن خطة بديلة
غيّر التحاق النقابات العمالية بالحراك الاجتماعي موازين القوى على الأرض ودفع السلطات الجزائرية إلى التفكير في خطة بديلة عن خارطة الطريق التي عرضها الرئيس المنتهية ولايته عبدالعزيز بوتفليقة، والتي بدا واضحا أنها كانت مجرد مناورة للالتفاف حول الاحتجاجات وامتصاص غضب الشارع.
ودفع التوسع في دائرة الأزمة بالجيش الجزائري إلى القطع مع الصمت، وأرسل قائده قايد صالح، الاثنين، إشارات إلى أن المؤسسة العسكرية على استعداد للبحث عن “خطة بديلة” للأزمة السياسية القائمة، ما قد يفهم منها التدخل لتصويب مبادرة السلطة وإرضاء الشارع والقوى المدنية والسياسية والنقابية التي تدعمه.
ورفضت 13 نقابة جزائرية مستقلة دعم مساعي رئيس الوزراء المعين حديثا نورالدين بدوي لتشكيل حكومة يأمل في أن تساعد على تهدئة المحتجين الذين يضغطون على بوتفليقة ودائرته المقربة كي يتنحى.
كما دعا أطباء الجزائر إلى احتجاجات حاشدة خلال احتفالات عيد الاستقلال في تصعيد للضغوط على الرئيس المريض الذي يتشبث بالسلطة. ولا يزال المحيطون به يفرجون عن تصريحات محسوبة عليه تظهر تمسكه بالخطة الانتقالية التي عرضها.
ونقل عن بوتفليقة، الاثنين، تمسكه بمؤتمر الحوار الوطني الجامع، وأن هذا المؤتمر سيتولى تغيير النظام السياسي، مشددا على أن الشعب هو من يبت في التعديل الدستوري عن طريق الاستفتاء.
وقال بوعلام عمورة أحد رؤساء نقابات قطاع التعليم للصحافيين إن النقابات لن تجري مناقشات مع هذا النظام لأنها تنتمي إلى الشعب والشعب قال “لا” للنظام.
وتعهد بدوي بتشكيل حكومة شاملة من التكنوقراط في بلد يهيمن عليه المحاربون القدامى الذين شاركوا في حرب الاستقلال عن فرنسا من 1954 إلى 1962 فضلا عن العسكريين ورجال الأعمال.
ومن جهته، دعا المنسق العام لنقابة المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر عبدالحفيظ ميلاد السّلطة إلى إجراء استفتاء شعبي عاجل، يقرّر من خلاله الشّعب تفاصيل المرحلة التي يطمح لدخولها مستقبلا.
وأضاف أنه “تم استدعائي من رئاسة الحكومة، هاتفيا، طلبوا مني الحضور في الاجتماع التّشاوري لتشكيل الحكومة، وأصرّوا علي كي أحضر ولكنّني رفضت بعد العودة إلى المكتب الوطني للنّقابة”.
وقال “من منطلق أننا دعمنا الحراك الشعبي ومن البداية، نحن نرفض تأجيل الانتخابات بطريقة غير دستورية، حيث لا توجد أي قوة في العالم تعطي بوتفليقة الحق في ذلك”.
وبعد أن زادت الضغوط على السلطة، بدأت شخصيات هامة من داخل النظام بالقفز من السفينة المهددة بالغرق، من بينها رئيس الوزراء المقال أحمد أويحيى الذي أعلن بشكل صريح دعمه للحراك الاجتماعي الذي انطلق ضد سياسات حكومته.
ودعا أويحيى، وهو كذلك الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الشريك في الحكم، إلى قبول “التنازلات” و”الاستجابة” للمطالب السلمية للمتظاهرين.
ورفض الجزائريون الذين يتظاهرون منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، مبادرات بوتفليقة الذي تراجع عن الترشح لفترة جديدة بعد 20 عاما في السلطة.
وبعد أن نأت المؤسسة العسكرية بنفسها عن الخلاف بين الشارع والمحيطين بالرئيس، أبدى رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح الاستعداد للتدخل والبحث عن حل. وقال إن الجيش يجب أن يكون مسؤولا عن إيجاد حل للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
وأضاف أن “المشكلات مهما تعقدت لن تبقى من دون حلول مناسبة، بل وملائمة، هذه الحلول التي نؤمن أشدّ الإيمان بأنها تتطلب التحلي بروح المسؤولية من أجل إيجاد الحلول في أقرب وقت، بإذن الله تعالى وقوته”.