هل لوسائل التواصل الاجتماعي نفس تأثير المخدرات على عقول الشباب

يصعب على العلماء والباحثين مواكبة التغير السريع والمستمر لمواقع التواصل الاجتماعي وتأثير استخداماتها على الصحة النفسية والعقلية لفئة الشباب. بينما يعتبرون أنه إذا كان هناك أي إدمان على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنه يمكن أن يكون نوعا من الإدمان على الإنترنت نفسه، وهو اضطراب مصنف طبيا في الوقت الحالي.

في عام 2011، حلل باحثان من جامعة نوتنغهام ترينت بالمملكة المتحدة 43 دراسة سابقة حول هذا الموضوع، وخلصوا إلى أن الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي يعد مشكلة صحية عقلية “قد تتطلب علاجا”، وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية. وهو ما توصل إليه علماء صينيون بعد فحص أدمغة 17 مراهقا تم تشخيص حالتهم بأنهم مصابون بـ”اضطراب إدمان الإنترنت” وقارنوا النتائج بفحوص لـ16 من زملائهم.

وأظهرت النتائج تلف ألياف المادة البيضاء في الدماغ التي تربط المناطق المعنية بالمعالجة العاطفية والانتباه واتخاذ القرارات والسيطرة الإدراكية. وقد لوحظت تغييرات مماثلة بالمادة البيضاء في أشكال أخرى من الإدمان على مواد مثل الخمر والكوكايين. ومع ذلك يقول العلماء إنهم لا يستطيعون تحديد ما إذا كانت التغييرات الدماغية سببا أو نتيجة للإدمان على الإنترنت. وقد يكون الأمر أن هؤلاء الشباب الذين لوحظ وجود تغييرات في أدمغتهم قد يكونون أكثر عرضة لأن يصيروا مدمنين.

وهو ما دفع طبيبة نفسية من جامعة كاليفورنيا (سان دييغو) إلى المزيد من البحث في محاولة لاستكشاف إذا ما كانت وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على عقول الشباب في مرحلة المراهقة بنفس قدر تأثير القنب (الحشيش). ومن الممكن أن يؤدي التوصل لوجود علاقة بين الأمرين إلى تغيير الطريقة التي ينظر بها المتخصصون في مجال الطب إلى استخدام هؤلاء الشباب تطبيقات مثل “أنستغرام” و”سناب شات”، وغيرهما من منصات التواصل الاجتماعي.

وتقول الدكتورة كارا باجوت، المتخصصة في مجال الأمراض النفسية للأطفال، وأستاذة مساعدة في جامعة كاليفورنيا (سان دييغو) “لا يعتبر الأطباء النفسيون الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، سلوك إدمان”.

وأضافت “إذا أظهر ذلك تغييرات مماثلة في تفعيل دائرة المكافأة بالدماغ، حينئذ يمكننا تطوير نموذج علاج”.

وفحص باحثون آخرون كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على هؤلاء الشباب، بغض النظر عما إذا كان ذلك التأثير للأفضل أو للأسوأ. ولكن الدراسة التي قامت بها باجوت، هي الأولى التي تقارن بين وسائل التواصل الاجتماعي والقنب.

وتقول باجوت “هناك بالفعل دراسات تظهر أن تأثير ألعاب الفيديو وألعاب الكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي والاستخدام المتزايد للتكنولوجيا مرتبط بنتائج ضعيفة على الصحة البدنية والعقلية وخوض المخاطر… يجب أن يكون لدينا المزيد من النقاشات حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مسؤول”.

وفي استطلاع رأي أجراه “مركز بيو للأبحاث” في عام 2018، قال 95 بالمئة من المشاركين إنهم يملكون هاتفا ذكيا، وهو الجهاز الأكثر استخداما في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي. وقال 89 بالمئة إنهم كانوا متصلين بالإنترنت “بشكل شبه دائم” أو “عدة مرات في اليوم”.

ولاحظ الباحثون أنه في نفس الوقت الذي ارتفع فيه حجم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين هؤلاء، فقد تأخر حصولهم على رخص قيادة. كما انخفضت معدلات تناول الكحوليات وتدخين السجائر، وتعاطي المخدرات غير المشروعة، دون السن القانونية. ومع ذلك، تربط الدراسات أيضا بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبين الاكتئاب والأرق والصور السلبية عن الجسم.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: