الإسلاموفوبيا.. وجه آخر للتطرف الإسلامي المتلبس بالدين

يتكرر نفس السؤال في أرجاء العالم بشأن المذبحة المروعة التي راح ضحيتها 49 مسلما في اعتداءين على مسجدين في نيوزيلندا وهو “لماذا” وقع الهجوم في هذا البلد الهادئ في أقصى جنوب الأرض؟
ويتساءل الجميع منذ صباح الجمعة، لماذا وقع هذا الاعتداء الإرهابي المروع في بلد كان يعتقد أنه من ضمن أكثر دول العالم أمنا وسلاما؟
ويعزو محللون السبب الرئيسي لهذه الجريمة، والتي كشفت عنها الشعارات والخلفيات التي وضعها المهاجم، والتي تخفي شحنا كبيرا يتعلق بالماضي وبالحاضر، إلى كونها جزءا من ردود الفعل التي يقف وراءها اليمين الغربي على جرائم التنظيمات الإسلامية المتشددة في عواصم غربية سواء من خلال القتل بدم بارد أو بالتفجيرات أو بعمليات الدهس.
كما أنها تتغذى على خطاب الكراهية والتحريض الذي يطلقه بعض السياسيين، فضلا عن حرية واسعة في شبكة الإنترنت وغياب رقابة فعالة يمكن أن تمنع انتشاره.
ويشير هؤلاء إلى أن التطرف يولّد التطرف، وأن اليمين الشعبوي صعد بشكل كبير ليس فقط بسبب أزمة الرأسمالية وتراجع حالة الرفاهية التي طبعت العقود الأخيرة، ولكن أيضا كردة فعل على صعود يمين إسلامي متشدد يكفر الغرب ويوظف الدين وأحداث التاريخ بما فيها الحروب الصليبية للتغطية على عملياته.
ولا يقف الفكر المتشدد الداعي إلى استهداف الآخر عند التيارات المصنفة إرهابية مثل داعش والقاعدة، بل يتردد في المساجد الملايين من المرات يوميا على امتداد العالم الإسلامي ولدى الجاليات الإسلامية، ما يمكن اعتباره المغذي الأول لظاهرة العنصرية واستهداف اللاجئين في الغرب.
ومع توالي عمليات استهداف المسلمين في الغرب، سيكون على أوروبا والولايات المتحدة أن تغيّرا من تعاطيهما مع العمليات، التي تزداد دموية مرة عن أخرى كحالات فردية إلى التعاطي معها كموجة من الضروري تطويقها ليس فقط بالقوانين ولكن بتسليط الضوء على ظاهرة كراهية المسلمين، أو ما بات يعرف بالإسلاموفوبيا.
واعتبر أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن “المذبحة الإرهابية في نيوزيلندا تسلط الضوء على الحاجة إلى مواجهة رهاب الإسلام في العالم (الإسلاموفوبيا)”.

وأشار في تغريدة على حسابه في تويتر إلى أن “هذا وقت من الحزن والأسف والتفكير. بالتأكيد، العلاقة بين رهاب الإسلام والإرهاب راسخة”.
والسبت، توافد أشخاص من كافة القطاعات في نيوزيلندا إلى الحواجز التي أقامتها الشرطة في محيط المسجدين للتعبير عن احترامهم وإظهار تضامنهم مع الطائفة المسلمة البالغ عددها نحو 50 ألف شخص وتشكل نحو 1 بالمئة من سكان الجزيرة.
وفي أحد شوارع كرايست تشيرش الكئيبة، قال جيريمي ميتشيل إنّه “غير واقعي” أن تحدث مذبحة مماثلة في نيوزيلندا.

وتابع جيريمي المواطن النيوزيلندي “أعتقد أنّ كل شخص في المجتمع يدعم الطائفة المسلمة بنسبة 100 بالمئة والعائلات المسلمة التي فقدت أحباءها”.
ويعتقد خبراء في التيارات المتشددة أن توسع هذه الظاهرة يستفيد من وسائل الإعلام الحديثة التي باتت مجالا لخطابات التشدد والتحريض على كراهية الآخر، فيما بات حضور الخطاب المغاير، خطاب التسامح، متراجعا تحت تأثير الحروب والعمليات الإرهابية المتعددة.
ويقول رامون فريدريش وهو خبير ألماني في قضايا اليمين المتطرف إن هذا الصعود يندرج ضمن “طابع العولمة في شتى المجالات في عالمنا بما في ذلك التطرف وقد عززت من ذلك شبكة الإنترنت، إذ لم يعد هناك مكان بعيد عن تأثير الخطابات العدائية كما أن الجماعات المتطرفة تستغل شبكة الإنترنت لنشر هذه الخطابات والتواصل في ما بينها واستقطاب متعاطفين جدد في كل أنحاء العالم”.

خطاب التسامح تراجع تحت تأثير الحروب والعمليات الإرهابية المتعددة
خطاب التسامح تراجع تحت تأثير الحروب والعمليات الإرهابية المتعددة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: