عندما تفضل المرأة الأواني على زوجها

منذ فترة قرأت على موقع تويتر خبرا طريفا ومثيرا للحزن في نفس الوقت، حول حالة طلاق نادرة من نوعها في المجتمع السعودي، ربما يكون الراوي قد أطلق فيها العنان لخياله الشاسع فحملها قدرا كبيرا من المبالغة، ولكنها على أي حال تحمل جانبا من الصحة عن عادة شائعة لدى النساء ولا أستثني الرجال، وهي المبالغة في شراء الكثير من الملابس ومواد التجميل والأدوات المنزلية، حتى وإن كانوا أحيانا لا يحتاجون إليها ويعانون من ضائقات مالية.

يقول أحد مستخدمي تويتر إن رجلا أقدم على طلاق زوجته بعد أن يئس من ثنيها عن شراء الأواني، ومن كثرة ما امتلأ المنزل وتكدست الأوعية في كل الغرف أصبح يتعثر فيها عند الدخول والخروج من البيت، ويجد صعوبة في التحرك داخل المنزل، فضاق صدره من هذا الحال، خاصة وأن زوجته لا هواية لها ولا شغل ولا مشغل، غير التسوق والعودة محملة بالأواني، فخيرها بين أمرين، إما أن ترمي الأوعية المتراكمة في البيت ويواصلان حياتهما وكأن شيئا لم يكن، وإما أن تحتفظ بها وعندها يطلقها وتنتهي عشرتهما التي امتدت حوالي ثلاثين عاما، ولكن المرأة قبلت بالطلاق مفضلة أوعيتها على الاحتفاظ بزوجها.

قد يبدو الطلاق لمثل هذا السبب التافه أمرا مثيرا للاستهجان والاستغراب، ولكن عادة الشراهة في اقتناء الأشياء غير الضرورية موجودة بكثرة في عصرنا الحالي وأغلبها يتحول مع الوقت إلى إدمان على التسوق، وقد يؤثر ذلك بشكل كبير على العلاقات الزوجية والأسرية.

أذكر هنا مثالا آخر لصديقة اغتنمت فرصة الترميمات التي أجرتها وزوجها في بيتهما للتخلص من الكثير من الأشياء التي اعتبرتها زائدة عن الحاجة، فيما قررت جارتي الإنكليزية الامتناع عن شراء الملابس الجديدة لمدة سنتين بهدف تقليص الإنفاق وادخار بعض المال للقيام برحلات استجمامية تعود عليها بالراحة النفسية، بدلا من اللهث في المحلات وإضاعة الوقت في شراء المزيد من الملابس غير الضرورية.

تعتقد جارتي الإنكليزية أن الامتناع عن شراء الملابس لسنوات يمكن أن يحررها من التزامات مالية غير ضرورية، والأجدى أن تنفقها في أمور أخرى أكثر أهمية، وتكسب الوقت للتركيز على مناح ذات قيمة في الحياة، بدلا من مضيعة الوقت والمال في أشياء غير مهمة.

ربما يختلف تعريف جارتي لكلمة “الضروريات” عما يراه البعض الآخر من الناس، إلا أن الفكرة تعني عموما أن الأشياء التي اعتدنا عليها في حياتنا وقد نظن أننا لن نستطيع الاستغناء عنها هي التي تسبب لنا أحيانا مشكلات جسيمة، وكلما قللنا فترات التسوق ودونا ما نحتاجه من البيت قبل الذهاب إلى المحلات سيكون إنفاقنا أقل، وتنخفض قائمة ما يجب علينا شراؤه فنرتاح من عناء تخزينه.

لكن لا يبدو إلغاء التسوق بالنسبة للبعض منا أمرا هينا بهذه السهولة، أمام الإعلانات الصاخبة التي تروج للتخفيضات المغرية، والخدع التسويقية للماركات العالمية التي تجعل معظم الناس يجدون تحديا حقيقيا في ممارسة ضبط النفس أمام عملية الشراء. فهناك أحيانا من يقرر شراء شيء ما في جزء من الثانية، ومن دون إعادة التفكير في ما إذا كان في حاجة إليه فعلا.

وقد شبه دارين بريدجر، المستشار في شركة نيوروستراتا، وهي شركة أبحاث في مجال التسويق ومقرها لندن، التسوق بعملية “البحث عن الكنز”، فكلاهما يدفع الجسم إلى إفراز كميات أكبر من مادة الدوبامين، وهي ناقل عصبي في الدماغ يجعل الشخص يشعر بالارتياح لمواصلة التسوق والبحث عن المتعة والمكافآت، ما يفقده القدرة على التفكير العقلاني.

رغم أن الكثيرين لا يعانون من الإدمان على التسوق بالمعنى الصحيح للكلمة، إلا أن عملية التسوق الدورية تتحول مع الوقت إلى عادة من الصعب التوقف عنها، بنفس الطريقة التي تجعل من الصعب على البعض التحرر من إدمان التدخين أو الكحول أو المخدرات.

فإذا كان معظمكم قد شعر بالندم بعد أن انتهت الكثير من الأغراض التي اشتراها ولم يرتدها إلى سلال المهملات، فما عليه سوى أن يبدأ بتقليص عدد المرات التي يتسوق فيها، ويضبط قائمة من البيت بما يحتاجه بالضبط، فهذه أفضل الطرق التي ستساعده على التخلص من “التسوق العشوائي” الخاطئ، ولا يكتفي فقط بالقول إنه في المرة القادمة سيتوقف عن إهدار ماله ووقته، بل يجب القيام بخطوات عملية نحو ذلك، وتسجيل ما يريده قبل كل عملية تسوق، ويتابع ذلك بشكل جاد، فهذه أول جرعة مناسبة من وصفة ضبط النفس أمام مغريات التسوق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: