الجيش الجزائري يلوح بالعصا والجزرة في وجه المحتجين
لم يخف أحمد قايد صالح، قائد أركان الجيش الجزائري، الأربعاء، غضبه على استمرار الاحتجاجات بالرغم من التنازلات التي قدمتها السلطة، ملوحا بالعصا في وجه “أعداء الشعب في الداخل والخارج”، لكنه ترك الباب مفتوحا أمام الحوار بين مؤسسة الجيش و”الشعب الواعي والأصيل”.
وتحمل تصريحات قايد صالح تلويحا مبطنا من الجيش باستعادة السلطة والإشراف بشكل مباشر على المرحلة الانتقالية التي قد تستمر سنة أو سنتين، مع تسريبات بإمكانية حل البرلمان، في وقت لا يبدو أن خارطة طريق الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة تسير وفق ما أريد لها من امتصاص غضب الشارع وترتيب انتقال مرن يراعي مصالح السلطة وتوازناتها.
وقال رئيس أركان الجيش لتلفزيون محلي إن الجيش سيحافظ على أمن البلاد “مهما كانت الظروف والأحوال”، مشددا على أن “استقرار البلاد يزعج أعداء الشعب في الداخل والخارج وهناك اصطياد في المياه العكرة، لكنهم يجهلون أن شعب الجزائر الواعي والأصيل والمتمسك بتعاليم دينه الإسلامي الحنيف لا يخشى الأزمات مهما عظمت”.
وجاءت كلمة قايد صالح في اجتماع مع قادة عسكريين بالمدرسة العليا الحربية بالعاصمة بثها التلفزيون الحكومي، وهي الرابعة من نوعها منذ بداية الأزمة السياسية في البلاد.
وعاد الفريق قايد صالح إلى الإشادة بالعلاقة بين الجيش والشعب قائلا “أعيد مرة أخرى القول نحن نفتخر بعظمة العلاقة وعظمة الثقة التي تربط الشعب بجيشه في كل وقت وحين”.
وارتبك تنفيذ خارطة الطريق التي قدمها بوتفليقة، للخروج من الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد، رغم استعانته برجلين متمرسين في الدبلوماسية الخارجية أي الأخضر الإبراهيمي ورمطان لعمامرة، بسبب أصوات الرفض المتصاعدة في الداخل، واستمرار موجة الاحتجاجات عشية مليونية يرتقب أن تكون مؤثرة على مستقبل الوضع في البلاد.
ونفى الدبلوماسي ووزير الخارجية الأسبق الأخضر الإبراهيمي، في تصريح للتلفزيون الحكومي، الأخبار المتداولة بشأن اختياره رئيسا للمؤتمر الوطني المعني بإدارة المرحلة الانتقالية في البلاد، ووصفها بـ”الكلام الفارغ”.
ولفت إلى أن رئاسة المؤتمر الوطني تتطلب توافقا واسعا بين المشاركين، ما يؤكد وجود معارضة لعودة الحرس القديم، وأنه يحاول النأي بالنفس عن مواجهة غضب الشارع.
وبرر التخوف من المسؤولية بالقول “أنا عجوز أبلغ 85 عاما، وبيروقراطي سابق، لكن من حقي التعبير عن رأيي في الأوضاع التي تعيشها البلاد، وكمواطن جزائري لا بد من أن أعترف بأن “الوضع خطير يثير التفاؤل والخوف في آن واحد”.
وكانت دوائر سياسية وإعلامية قد أكدت تعيين بوتفليقة، للدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي، ليكون مشرفا على إدارة المرحلة الانتقالية والمؤتمر الوطني، بعد ظهوره الأخير، رغم أنه لا يحمل أي صفة رسمية في الدولة.
وأعربت المعارضة المجتمعة الأربعاء، عن توجهها لتنظيم مؤتمر وطني مضاد خاص بـ”الجبهة الرافضة لمسلك السلطة”، من أجل “صياغة المطالب ووضع خارطة طريق للانتقال الديمقراطي السلس، وبناء نظام حكم جديد، بعيدا عن إملاءات القوى غير الدستورية التي تحكم البلاد”.
وفي بيان توج أشغال لقاء ضم قوى سياسية وشخصيات مستقلة، ونقابات وفعاليات طلابية وشبابية من الحراك، أكدت المعارضة السياسية رفض “قرارات الرئيس (بوتفليقة) شكلا ومضمونا، واعتبارها تمديدا للولاية الرابعة بعد رفض الخامسة”.
واعتبرت أن “السلطة القائمة لا يمكن أن تستمر خارج الترتيبات الدستورية، وضد الإرادة الشعبية، وهي سلطة غير مؤهلة لقيادة المرحلة الانتقالية، وأن استمرارها يشكل خطرا على الأمن والاستقرار الوطنيين”.
واعتبر خبراء قانونيون أن “استحداث منصب نائب رئيس الوزراء، الذي أوكل لوزير الخارجية الأسبق رمطان لعمامرة، عمل غير شرعي، ويتنافى مع الدستور، لأن البند المحدد لذلك حذف في التعديلات التي أدرجت على الدستور العام 2016″.
وذهب المرشح للانتخابات الرئاسية ورئيس جبهة المستقبل عبدالعزيز بلعيد، إلى أن “ما أقدمت عليه السلطة خارج أطر الدستور، وأن الوضع في حاجة إلى احتواء للأزمة من الداخل، وليس إلى تسويق مبادرة سياسية”.
وبالتوازي، نفى رمطان لعمامرة، في تصريح للإذاعة الحكومية، “وجود أي نية لدى الرئيس بوتفليقة، لحل البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة”، بعدما أشيع على نطاق واسع خبر الحل، من أجل إبعاد سيناريو تفعيل بند الشغور الرئاسي، الذي يتوجب تمريره على البرلمان.
وخرج الآلاف من الأساتذة والمعلمين وطلاب المتوسط والثانوي، في مسيرات احتجاجية بالعاصمة ومختلف محافظات البلاد، لدعم الحراك الشعبي، وإعلان رفض خارطة الطريق التي عرضتها السلطة.
وتزامنت الاحتجاجات مع استمرار وقفات منتسبي قطاع القضاء، من قضاة ومحامين وكتاب عدل وموثقين، أمام مقار المحاكم والهيئات القضائية للتنديد بما أسموه “خرق الدستور والقانون من طرف السلطة”، والدعوة إلى تحرير السلطة القضائية من وصاية السلطة.