لقاء جنيف المرتقب حول الصحراء المغربية يهدف إلى الخروج بحل نهائي
بات من المؤكد حضور جميع الأطراف المعنية بملف الصحراء المغربية إلى محادثات جنيف التي ستنطلق في وقت لاحق من الشهر الحالي، فيما تأمل الأمم المتحدة أن يسفر هذا اللقاء المرتقب عن تقدم افتقدته مباحثات العام 2012.
وقال مسؤول دبلوماسي مغربي إن “اللقاء الثاني بين المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا سيكون في جنيف يومي 21 و22 مارس الحالي؛ لبحث قضية الصحراء”.
وسبق اللقاء المرتقب في جنيف جولة مباحثات منفردة للمبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كوهلر مع كل من الجزائر والبوليساريو وموريتانيا والمغرب، بهدف ترتيب جدول أعمال لتكون مخرجاته متقدمة أكثر من اللقاء الأول.
وعلى المستوى الأوروبي، تدفع فرنسا عبر ممارسة البعض من الضغوط لإخراج أطراف ملف الصحراء من دائرة إبراز النوايا إلى ممارسات فاعلة في اتجاه حل تعتبره باريس قريبا جدا.
وكانت فلورانس بارلي وزيرة الدفاع الفرنسية قد قالت، خلال اجتماع حول منطقة الساحل في ملتقى ميونيخ للأمن، إن حل قضية الصحراء لن يتجاوز سنة 2020.
وحسب خبراء في الأمن يؤكد تصريح بارلي معرفة فرنسا بوجود اتفاق بين هورست كوهلر المبعوث الأممي لقضية الصحراء وجون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي، والذي استند عليه مجلس الأمن في اجتماعه الأخير، بالتذكير بخلاصاته تحت اسم “لقاء أكتوبر”، بما يعني أنّ الأوروبيين والأميركيين متفقون على الخطوط العريضة لحل الملف وإخراجه من وضعية الجمود التي كان عليها منذ مفاوضات 2012.
وفي مارس 2012 شارك وفدا المغرب والبوليساريو في سلسلة محادثات غير رسمية حول الصحراء في نيويورك بدعوة من الأمم المتحدة، غير أنها لم تثمر أي نتائج تذكر.
وتحاول الأمم المتحدة جاهدة حلحلة ملف الصحراء المغربية وإعطائه نفسا قويا مع فترة ولاية كوهلر.
ويقول هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية، لـ”العرب”، إن “المنتظم الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة في حاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، لمعرفة جميع المستجدات القانونية والسياسية المرتبطة بقضية الصحراء من كافة الجوانب، خاصة تلك المرتبطة بالشرعية الدولية، والتاريخ القانوني والسياسي للمنطقة”.
ولهذا فإن لقاء وزير الشؤون الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل، في العاصمة الألمانية برلين، مع كوهلر، يؤكد على أن المجتمع الدولي عازم على حضور الجزائر كطرف فاعل في الملف وليس كمراقب كما تزعم قيادات عسكرية وسياسية جزائرية.
وهذا ما دفع بمتابعين لملف الصحراء إلى التأكيد على صعوبة موقف كوهلر في إقناع الجزائر بتقديم مقترحات واقعية تفيد في حلحلة الملف.
ويندرج اللقاء الجزائري مع المبعوث الأممي في إطار المشاورات التي دعا لها كوهلر مع مختلف المتدخلين في ملف الصحراء، على غرار موريتانيا طبقا لتوصيات القرار الأممي رقم 2351 الذي أكد على ضرورة انخراط الجزائر وموريتانيا بالإيجاب في البحث عن تسوية سياسية للملف.
كما أعلنت جبهة البوليساريو بداية الأسبوع الماضي أنها عقدت مشاورات ثنائية مع المبعوث الأممي إلى الصحراء في برلين.
وكان كوهلر قد قدم، في نهاية الشهر الماضي، إحاطة أمام مجلس الأمن أطلع فيها أعضاءه على آخر مستجدات قضية الصحراء على ضوء مخرجات الطاولة المستديرة التي جمعت الأطراف المعنية، تحت إشراف الأمم المتحدة بجنيف مطلع في ديسمبر الماضي، وكذلك نيته إجراء جولة جديدة من المباحثات بجنيف في مارس.
وفي سياق متصل، أطلع السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن على مصادقة مجلس الاتحاد الأوروبي، المنعقد الاثنين الماضي ببروكسل، على القرار المتعلق بالتوقيع على اتفاق الشراكة في مجال الصيد البحري المستدام مع المغرب، وبروتوكول تطبيقه، مؤكدا أن هذا الاتفاق يشمل منطقة الصحراء المغربية.
واعتبر أن هذه المصادقة تؤكد على أن المملكة المغربية هي الوحيدة المؤهلة قانونيا، في إطار ممارسة سيادتها، للتفاوض وتوقيع اتفاقيات تشمل الصحراء المغربية. ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق يخدم موقف الرباط على مستوى المباحثات المزمع إجراؤها في شهر مارس الجاري بجنيف.
واعتبر هشام معتضد أن ما قاله السفير المغربي لدى الأمم المتحدة يحدد ملامح الموقف المغربي الحاسم حول عدم المساس بالسيادة المغربية جغرافيا واقتصاديا وسياسيا، خصوصا مع ما يعرفه ملف الصحراء من تطورات ومستجدات، مع اقتراب انطلاق الجولة الثانية من المحادثات بين أطراف النزاع.
ويرى مراقبون أن حضور الرباط مباحثات جنيف الثانية مؤطر برغبة أكيدة للحل لكن بسقف لا يتجاوز سيادة المغرب على كافة ترابه، وأرضية مبادرة المغرب المتمثلة في الحكم الذاتي كمقاربة واقعية وذات مصداقية.