هزيمة داعش لم تغيّر ولاء نساء التنظيم

لا يبدو أن نساء داعش الأجنبيات قد فقدن حماسهن لأفكار التنظيم المتشددة، وهو ما عكسته مواقف لهن في مخيم الهول للنازحين الواقع في شمال شرق سوريا. وظهرت أجنبيات من أتباع التنظيم وهنّ يحاولن الاعتداء على أخريات يعتبرنهن من “الكفّار” في محاولة لفرض آرائهن المتطرفة عليهن رغم مواجهة داعش هزيمة وشيكة على الأرض في آخر ما تبقى من قلاعه.

يأتي هذا فيما توسّعت دائرة الجدل بشأن حقوق النساء والأطفال الذين يغادرون معاقل التنظيم، وهو ما ظهر جليا بعد وفاة رضيع الجهادية شاميما بيغوم التي جردتها بريطانيا منذ أيام من جنسيتها.

وقالت سورية في مخيم الهول الذي نقل إليه نساء وأطفال من آخر جيب لداعش في شرق سوريا “يصرخن علينا بأنّنا كافرات لأنّنا لا نغطي وجوهنا… حاولن ضربنا”.

والباغوز آخر منطقة مأهولة بالسكان يسيطر عليها التنظيم المتشدد بعد أن أدت هجمات في السنوات الماضية إلى تقليص أراضي دولة “الخلافة” التي أعلنها التنظيم في سوريا والعراق.

وأدت الهزيمة الوشيكة للتنظيم إلى مواجهة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة لمشكلة تتعلق بمصير الأعداد المتزايدة من الناس الذين يخرجون من الجيب ومنهم كثيرون من أتباع داعش.

وتم إرسال معظمهم إلى مخيم الهول المكتظ بالفعل بنازحين ولاجئين سوريين وعراقيين. ويقول مسؤولو المخيم إن ليس لديهم ما يكفي من الخيام أو الطعام أو الدواء. ويحذّر موظفو إغاثة من انتشار الأمراض كما توفي العشرات من الأطفال في الطريق إلى هناك.

وقالت الأمم المتحدة يوم الجمعة إن 62 ألف شخص على الأقل تدفقوا على المخيم حتى الآن وهو ما يفوق بكثير طاقته الاستيعابية. وأكثر من 90 بالمئة من الوافدين الجدد من النساء والأطفال.

وتجمعت النساء المنقبات في ملابس سوداء يوم الجمعة خلف سياج أغلقت بوّابته.

وقال مسؤول أمني في المخيم إن “الأجنبيات يلقين الحجارة ويقمن بسبّ السوريات أو العراقيات ومسؤولي المخيم، حتى الأطفال يواجهون التهديدات”.

وأطلق الحراس النار في الهواء لتفريق بضع مشاجرات واستخدموا صاعقا كهربائيا في إحدى المرات للسيطرة على أجنبية معتقلة وفقا لما روته سورية في المخيم.

وأبدت بعض النساء اللائي خرجن من الباغوز في الأسابيع الأخيرة تعاطفا قويّا مع تنظيم الدولة الإسلامية.

كما استسلم المئات من المتشددين لكنّ قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد تعتقد أن الأكثر تشددا مازالوا داخل الجيب يستعدون لخوض معركة حتى الموت.

ويعكس التوتر في الهول خلافا موجودا منذ سنوات بين المتشددين والذين سافروا إلى سوريا للانضمام إلى التنظيم المتشدد الذين يطلق عليهم “المهاجرين” والمحليين الذين انضموا للتنظيم أو عاشوا تحت حكمه.

وقالت امرأة من تركستان تبلغ من العمر 30 عاما “واجهنا مشكلات مع بعض الناس″ وأضافت أن عائلتها بأكملها جاءت معها إلى سوريا للفرار من القمع في بلادهم وتابعت قائلة “أردنا أن نعيش في ظل دولة الخلافة” وجاءت والدتها ووالدها وإخوتها إلى سوريا معها.

وأكد مازن شيخي وهو مسؤول في المخيم أنه تم وضع الأجنبيات في قسم خاص بهن لتفادي أيّ مشاكل مع النازحين واللاجئين، كاشفا عن وجود مشاكل كثيرة بين الأجنبيات أنفسهن القادمات من أماكن مختلفة.

ويشير الولاء القويّ لدى أتباع الدولة الإسلامية للتنظيم إلى أن خطره سيستمر حتى بعد السيطرة على الباغوز. ومن المتوقع أيضا على نطاق واسع أن يظل المتشددون يمثلون تهديدا بسيطرتهم على مناطق نائية وشنّ هجمات على غرار حرب العصابات.

كما أن التنظيم، ورغم هزيمته، سيكون مستقبلا بمثابة وجع الرأس بالنسبة إلى الدول الغربية سواء ما تعلق بالمخاوف الأمنية لمقاتلين من أصول أوروبية، أو بسبب عودتهم التي قد تتأجل لوقت بسبب رفض عميلة استعادتهم والبحث عن أماكن بديلة لهم والاتجاه لتجريدهم من هوياتهم الأمّ، مثلما فعلت بريطانيا مع الجهادية شاميما بيغوم وما دار بشأن ذلك من جدل قانوني وأخلاقي.

ومن الواضح أن الجدل سيتسع بعد أن أعلن متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها الولايات المتحدة أن الرضيع الذي وضعته شاميما، الشابة التي غادرت لندن للانضمام إلى داعش في سوريا، قد توفّي.

وجردت بريطانيا بيغوم من الجنسية الشهر الماضي لأسباب أمنية بعد اكتشاف وجودها في مخيم احتجاز في سوريا.

وغادرت بيغوم (19 عاما) لندن للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية عندما كانت تبلغ من العمر 15 عاما. وكانت تسعى للعودة إلى أوروبا بطفلها الذي وُلد قبل نحو ثلاثة أسابيع فقط.

وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن وفاة أيّ طفل أمر مأساوي ومحزن جدا للأسرة. لكن المشرّع المحافظ فيليب لي قال إن بلاده كانت لديها “مسؤولية أخلاقية” تجاه أشخاص مثل رضيع بيغوم.

وأضاف لي في تصريحات للقناة الإذاعية الرابعة لهيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” أن “من الواضح أن لديها آراء بغيضة والرغبة في الانضمام إلى تنظيم داعش تتجاوز كل أشكال الفهم، لكنها كانت طفلة ونتاج مجتمعنا. أعتقد أن لدينا مسؤولية أخلاقية تجاهها و’تجريدها من جنسيتها’ بدا أنه مدفوع بنوع من الشعبوية، وليس من منطلق أيّ مبدأ أعترف به”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: