من رمل ونار” فيلم مغربي مذهل عن جاسوس إسباني مُربك
ضمن عروض المهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة المغربية، الذي تختتم فعاليات دورته العشرين الأحد، احتضنت سينما “غويا” بطنجة العرض ما قبل الأول لفيلم “من رمل ونار” (الحلم المستحيل) للمخرج المغربي المخضرم سهيل بن بركة.
عرض مؤخرا بمدينة طنجة المغربية الفيلم الجديد للمخرج سهيل بن بركة المعنون بـ”من رمل ونار” (الحلم المستحيل)، وهو التجربة السينمائية الثامنة للمخرج المغربي.
ويدور الفيلم التاريخي، الذي تدور أحداثه في القرن الـ18، وتحديدا في عهد السلطان المولى سليمان، حول دومينغو باديا الرحالة والجاسوس الإسباني، الذي سيتم تجنيده للتجسّس على المغرب الذي كان ينتهج ما يسمى بسياسة الاحتراز ويطمح إلى إعلان الجهاد لاسترجاع الأندلس من أيدي الإسبان.
وعلى مدى أحداث الفيلم التي تستغرق 116 دقيقة سيتنقل دومينغو باديا الشهير باسم الأمير علي باي العباسي بين إسبانيا وبريطانيا وفرنسا وسوريا والمغرب، حيث سيكسب ثقة السلطان قبل افتضاح أمره من قبل الإنكليز انتقاما من فرنسا التي شنت الحرب عليهم في واترلو.
ويخضع دومينغو باديا لعملية ختان في لندن على يدي طبيب يهودي، قبل أن يتوجه إلى المغرب متنكرا في زي عربي، مدعيا أنه من الشرفاء أحفاد الرسول الكريم، وأنه من مواليد حلب بالشام، وكان هدفه إقناع السلطان المغربي المولى سليمان بن محمد بقبول التعاون مع إسبانيا، درءا لخصومه الطامعين من الفرنسيين والإنكليز، وإذا فشل هذا المخطط فإنه سيلجأ إلى دعم بعض الثوار لإيقاد فتنة داخلية تساعد على إضعاف المغرب وتسهل احتلاله على الإسبان.
وقد كان هذا المخطط مدعوما من قبل الملك الإسباني كارلوس الرابع، كما أنه في ما بعد عرض مشروعه لاحتلال المغرب على نابليون بونابرت، وكان ذلك في 10 مايو سنة 1808 وبتشجيع من الملك كارلوس الرابع المخلوع، لكن نابليون شكك فيه وبعث معه برسالة توصية إلى شقيقه جوزيف بونابرت.
ومع هذا الفيلم يعود المخرج المغربي سهيل بن بركة البالغ من العمر 74 عاما إلى السينما بعد غياب دام خمسة عشر عاما، ليعرض حياة علي باي العباسي الذي ولد عام 1767 وتوفي عام 1818، وعاش حياة فريدة متنكرا بشخصية تاجر عربي من سلالة الرسول، فيما كان في الحقيقة جاسوسا يعمل لحساب إسبانيا.
وقال سهيل بن بركة إن منتجين إسبانا اقترحوا عليه تصوير فيلم عن هذه الشخصية الغامضة، إلاّ أنه قرأ كتابا عن رحلة دومينغو باديا إلى المغرب، ولم يجد فيه سوى أمور تافهة عن حياته في قصر السلطان، لكنه بعد بحث عميق اكتشف أهمية هذا الجاسوس الذي أرسله ملك إسبانيا كارلوس الرابع لدعم التمرد ضد السلطان مولاي سليمان.
وأضاف بن بركة “ولد علي باي، دومينغو باديا، في كاتالونيا، وكان ضابطا في الجيش الإسباني، لكن مواهبه كانت أبعد من ذلك بكثير، إذ كان يتقن خمس لغات، وكان فيلسوفا وعالم فلك يضاهي كبار العلماء في عصره، وفق كريسيتان فيوشر واضع كتاب ‘علي باي، رحالة إسباني في أرض الإسلام’”.
ويُعتبر علي باي أحد الأسماء المعروفة في مجال الرحلات والمغامرين الأوائل في عالم الجوسسة، كان قد جاء إلى طنجة في سنة 1807، وأقام بها مدة طويلة تعلم فيها الحديث باللغة العربية، وبها غير اسمه إلى علي باي.
وانطلق من طنجة نحو عدد من البلدان في شمال أفريقيا وصولا إلى مكة، التي يعتبر هو أول أوروبي دخل إلى الحرم المكي على أنه مسلم، ثم جال في عدد من المناطق التابعة للإمبراطورية العثمانية.
وتتحدث العديد من كتب السيرة عن حياة علي باي، على أنه كان جاسوسا أرسلته إسبانيا لتقصي الحقائق واكتشاف واقع الحال في المغرب والبلدان العربية للإعداد للمرحلة الاستعمارية.
ولفت المخرج المغربي سهيل بن بركة إلى أن “باديا كان شخصا مذهلا، لم يكن أحد يستطيع مقاومته”، وقد توفي في رحلة الحج الثانية “بعدما دست له السم الليدي إستر ستانهوب الأرستقراطية البريطانية التي عاشت في لبنان وسوريا.
وتم تصوير الفيلم الذي يتضمن العديد من الأحداث التاريخية المطعمة بقصة حب عنيفة تجمع علي باي بالليدي البريطانية ميليكي، بين أستوديوهات ورزازات وصحراء مرزوكة وموقع وليلي والرباط والدار البيضاء وأيضا مدينة تورينو الإيطالية بممثلين مغاربة وأجانب.
وسهيل بن بركة مخرج وكاتب سيناريو مغربي، ولد عام 1942 في تمبكتو بمالي، وحصل على دبلوم الصحافة عام 1964، كما درس السينما، وحصل على دبلوم في الإخراج السينمائي في المعهد التجريبي بروما، ليتجه إلى الإخراج بعد ذلك.