بريطانيا أمام خيارين: إما بريكست دون اتفاق أو تمديد المهلة

يصوت البرلمان البريطاني في الثاني عشر من مارس الجاري على اتفاق بريكست، الذي قد يحمل تنازلات اللحظة الأخيرة من قبل بروكسل، رغم شكوك المراقبين في قدرة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على إحداث اختراق خلال مفاوضات نهاية الأسبوع الجاري وكسب تأييد المشرعين. وفي حال فشلها، كما هو متوقع، تجد بريطانيا نفسها أمام خيارين: إما الانفصال دون اتفاق وهو السيناريو الأسوأ وإما تمديد مهلة بريكست إلى يونيو القادم وهو السيناريو الأكثر ترجيحا.

طالبت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الجمعة الاتحاد الأوروبي بالقيام “بجهد إضافي” في المفاوضات بشأن بريكست وحذرت النواب البريطانيين من أن رفض الاتفاق خلال تصويت حاسم الأسبوع المقبل سيعني أن البلاد لن تغادر أبدا التكتل.

وقالت ماي “الأسبوع المقبل يواجه النواب في ويستمينستر خياراً صعباً: الموافقة على اتفاق بريكست أو رفضه”، مضيفة “ادعموه وستنسحب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ارفضوه ولا أحد يعرف ما الذي سيحصل”.

وأوضحت “قد لا نغادر الاتحاد الأوروبي إلا بعد عدة أشهر، وقد نغادر بدون الضمانات التي يوفرها لنا الاتفاق. وقد لا نغادر على الإطلاق”.

وأضافت “الجميع يريد أن ينتهي من الأمر وأن يتجاوز النقاشات ومرارة الجدل، وأن نخرج من الاتحاد الأوروبي بلداً موحداً مستعداً للنجاح في المستقبل”.

ويصوّت النواب البريطانيون الثلاثاء على الاتفاق الذي توصلت إليه ماي مع بروكسل، والذي قد يتضمن عناصر جديدة بعد جولة مفاوضات نهاية هذا الأسبوع.

وفي حال خسارة ماي لتصويت الثلاثاء، يصوّت النواب الأربعاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في 29 مارس.

وفي حال رفض النواب خروجاً دون اتفاق، يصوتون الخميس بشأن الطلب من الاتحاد الأوروبي تمديد المهلة. ورأت الوزيرة الفرنسية المكلفة بالشؤون الأوروبية ناتالي لوازو الخميس خلال زيارة لبريطانيا أن النص الذي وقع “هو الاتفاق الأفضل والوحيد الممكن”، مؤكدة أنه “من غير الوارد إعادة طرحه أو إعادة التفاوض حوله”.

جيريمي هانت: في حال انفصال دون اتفاق، فإن التاريخ سيحمّل بروكسل المسؤولية
جيريمي هانت: في حال انفصال دون اتفاق، فإن التاريخ سيحمّل بروكسل المسؤولية

وقالت لوازو “لنكف عن التركيز على شروط انفصالنا ولنعمل على العلاقة المستقبلية”، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي مستعد “للتفكير” في “توضيحات”، لكنه ينتظر أيضا “مقترحات” من لندن.

وتسابق الحكومة البريطانية الزمن من أجل انتزاع تنازلات أوروبية، لا تزال صعبة المنال على الرغم من ليونة المواقف، بشأن معضلة الحدود الأيرلندية قبل جلسة مجلس العموم البريطاني في الثاني عشر من مارس الجاري، والتي سيصوّت خلالها على الخطة البديلة لبريكست، لكن رئيسة الوزراء تيريزا ماي قد عبّرت عن استعدادها لتأجيل موعد بريكست المقرر في 29 من الشهر الجاري كسيناريو بديل يتيح المزيد من الوقت للتفاوض مع بروكسل، في حال فشل محادثات الأسبوع الجاري.

وصرّح كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم ضمانات إضافية إلى المملكة المتحدة، لدفع البرلمان البريطاني لتأييد اتفاق الخروج.

وأحيت بادرة بارنييه تجاه بريطانيا بعض الآمال لدى الجانبين بشأن التوصّل إلى حل عدد من القضايا وأهمها “شبكة الأمان” التي تشكّل العقبة الرئيسية منذ رفض اتفاق الانسحاب في البرلمان البريطاني في يناير.

ويؤكد قادة الاتحاد الأوروبي عدم إعادة التفاوض على اتفاق بريكست، وأن المحادثات في بروكسل تتركّز على صياغة وثيقة منفصلة لإرضاء المتشككين في لندن.

وما يثير الآمال كذلك هو تليين العديد من أنصار الخروج الصعب من الاتحاد الأوروبي في حزب المحافظين مواقفهم، بحيث تخلّوا عن مطلبهم بأن يتم إدخال تغييرات على “شبكة الأمان” في معاهدة الخروج نفسها، لكن معظمهم يواصلون ممارسة الضغوط لتحديد موعد لإنهاء العمل بـ”شبكة الأمان”، حيث شكلوا فريقهم الخاص من المحامين للتدقيق في أي وثائق قد يعود بها كوكس من بروكسل.

ووضع هذا الإجراء لتجنب عودة حدود فعلية بين مقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية وجمهورية أيرلندا من أجل حماية اتفاقات السلام التي وقعت في 1998، وفي الجانب ألأوروبي، من أجل سلامة السوق الواحدة.

وينص على بقاء المملكة المتحدة في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي وعلى التزام أكبر لأيرلندا الشمالية بمعايير الاتحاد الأوروبي. وتريد لندن أن تكون “شبكة الأمان” محددة زمنيا وأن يسمح لها بإنهائها من جانب واحد، وهو ما يرفضه الأوروبيون.

وصرح مجتبى الرحمن المحلل في مجموعة “يوراسيا غروب” أن “العديد من المحافظين الذين لا تعجبهم خطة ماي بدؤوا يقتنعون ولو بتردد بفكرة التصويت عليها”.

وأضاف “من المرجح أن يعود كوكس عن نصيحته القانونية السابقة بأن المملكة المتحدة قد لا تستطيع التخلص من شبكة الأمان ‘لأجل غير مسمى’”.

وتسعى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى الحصول على ضمانات جديدة حول اتفاق الانسحاب على أمل ألاّ يرفضه البرلمان البريطاني بحلول 12 مارس.

وقال إيريك موريس من “مؤسسة روبرت شومان” إنه “نظرا إلى ما قاله بارنييه في مقابلته ولعودة مفاوضي الطرفين إلى بروكسل، هذا يعني أن الأمور تتحرك قليلا. لكننا لسنا في منأى إطلاقا عن مناقشة قد تفشل” بين البريطانيين والأوروبيين. وفي مذكرة نشرت الثلاثاء، ذكرت الحكومة أنه دون اتفاق، ستنخفض نسبة نموّ الاقتصاد البريطاني إلى 6.3 بالمئة من 9 بالمئة سجلتها طوال 15 عاما.

وحذرت من النتائج المتوقعة لاضطرابات في الملاحة عبر بحر المانش، وخصوصا خطر “نقص” بعض المواد الغذائية مثل الفواكه والخضار الطازجة.

وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إنه في حال انهارت المفاوضات وخرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، فإن التاريخ سيحمل بروكسل المسؤولية.

وأضاف هانت في حوار مع راديو بي.بي.سي “بصراحة، أعتقد أن الأجيال القادمة، إذا انتهى هذا الأمر إلى ضغائن، ستقول إن الاتحاد الأوروبي أساء تقدير هذه اللحظة… أتمنى حقا ألا يفعلوا”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: