الرباط تحاول تحرير محركات النمو في قطاع العقارات
تحاول الحكومة المغربية إزالة القيود التي تكبّل محركات النموّ في قطاع العقارات لتلبية الطلب المتزايد على الإسكان، في إطار برنامج واسع لتسهيل التمويل وتشجيع شركات التطوير العقاري بتسهيل الإجراءات البيروقراطية وتوفير الأراضي للمشاريع الجديدة.
أكدت وزارة الاقتصاد والمالية المغربية أنها تسعى إلى معالجة جميع العقبات التي تكبّل قطاع العقارات بعد أن شخّصت في تقرير نقاط الضعف، التي تعترض خطط توفير المساكن للمواطنين.
ومن أبرز الاختلالات ضعف استهداف المستفيدين من السكن الاجتماعي وتفاقم الفوارق في المعروض، إضافة إلى العوائق التي تحول دون القضاء على السكن العشوائي بسبب انتشار ممارسات الاحتيال والمضاربات.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك استخدام غير مشروع للعقارات الموجهة لهذا النوع من السكن، والذي خُصصت نسبة كبيرة منه لاستخدامات غير تلك المتفق عليها في الأصل.
ودعا خبراء مديرية الدراسات والتوقعات المالية إلى إحداث نموذج جديد في الإسكان قائم على نهج متكامل، يسمح بتوفير سلاسة في المكوّنات المختلفة لسلسلة القيمة المضافة إلى منظومة السكن.
وهذا النهج أثبت نجاحه في عدد من البلدان، وسيكون له وقع على زيادة تنشيط القطاع وجعله قادرا على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
كما يطالب خبراء القطاع باعتماد نماذج مبتكرة في مجال تصميم وتنفيذ السياسية العامة للإسكان، من خلال نهج مقاربة السكن بأسعار معقولة، وإضفاء الطابع الإقليمي على سياسة الإسكان، وتشجيع شراكات بين القطاعين العام والخاص وإنشاء صندوق أو بنك خاص بالعقار.
ويُقصد بالسكن بأسعار معقولة ألا تتجاوز مصاريف السكن 30 إلى 40 بالمئة من دخل الأسر، لكن هناك دعوات إلى النظر في هذه النسبة، لكي تأخذ بعين الاعتبار الاختلافات التي تميّز الأسر ذات الدخل المتساوي من قبيل حجمها والفرق في تكلفة المعيشة من منطقة إلى أخرى.
وسجلت مؤشرات أسعار الأصول العقارية تراجعا بنسبة 0.4 بالمئة، في الربع الأخير من العام الماضي، بمقارنة سنوية.
وحسب مذكّرة حول مؤشر أسعار الصادر عن بنك المغرب المركزي والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية فإنّ هذا التراجع يعكس الانخفاض المسجل في قطاع العقارات بنسبة 2.4 بالمئة.
ويقول عبداللطيف يكو رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين إنه رغم تراجع الطلب منذ سنتين أمام وفرة العروض، فإنّ عدد الراغبين في التملّك العقاري بمختلف أنواعه كبير رغم حجم الطلب الضعيف، الذي يُردّ لغلاء الأسعار ودون إغفال سياسات البنوك المالية وغلاء مواد البناء.
ويشير تقرير مديرية الدراسات والتوقعات المالية إلى أن السكن اللائق كان محطّ اهتمام السلطات منذ ثمانينات القرن الماضي، إذ اعتمدت الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الحين سياسات عديدة من أجل الاستجابة للطلب المتنامي على الإسكان، خصوصا في المناطق الحضرية.
وتعي الحكومة أهمية العقارات ودورها في تحقيق التنمية، وتنفيذ السياسات العامة للدولة الرامية إلى تحسين ظروف عيش المواطنين ومحاربة الفقر والتهميش.
كما أولت السلطات الأولوية للسكن الاجتماعي لتلبية احتياجات الفئات الهشة للحدّ من انتشار السكن غير اللائق. وقد أسهم هذا التوجه في خفض العجز السكني بما يقرب 67 بالمئة، ليصل العجز حاليا إلى 400 ألف وحدة سكنية.
وتطمح الحكومة في تشييد 200 ألف وحدة سكنية بحلول عام 2023 من خلال تشجيع السكن الاجتماعي الموجّه للإيجار وتطوير آليات جديدة لتمويل السكن، وتوفير تمويلات مدعمة للأسر الفقيرة، التي ترغب في الحصول على سكن اجتماعي.
لكن السياسة الموجهة لدعم الفئات الفقيرة أدت، وفق وزارة الاقتصاد، إلى اختلالات في سوق العقارات، أولها أنها شجعت على التملك على حساب المساكن المؤجرة، كما أن التدابير المتخذة لصالح الطبقة المتوسطة بقيت ضئيلة، إلى درجة دفعت فئة كبيرة منها إلى طلب السكن الاجتماعي.
ووفق أرقام بنك المغرب، فقد بلغ حجم تمويلات العقارات منذ بداية العام الجاري 2.4 مليار درهم (209 مليون دولار).
وكاد حجم هذه التمويلات، حسب عبدالعالي الهاشمي، مصرفي متخصّص في المالية التشاركية، أن يكون أكبر لولا المشكلة المتعلقة بتمويل عقارات السكن الاقتصادي الذي يعرف طلبا كبيرا عليه، نظرا إلى عدة اعتبارات ماكرو اقتصادية.
ويقول الخبراء في التمويلات التشاركية إن اختيار نمط تمويل مرن يمكن الاستفادة منه على نحو واسع في خدمات التمويلات العقارية وهو ما تقدّمه البنوك التشاركية للنهوض بالقطاع العقاري، وخلق دينامية جديدة تشجع فئات كبيرة من المجتمع المغربي على اللجوء إلى خدماتها.
وكان المركزي قد كشف حصيلة المصارف التشاركية والتأمين التكافلي مؤخرا، بعد دخول هذا النوع من البنوك إلى الدولة.
وقدّر المركزي حصيلة هذه البنوك من التمويلات المقدّمة في إطار المرابحة الخاصة بشراء العقارات بحوالي 3.6 مليار درهم (314 مليون دولار).
ويتوقّع المختصّون أن تنتعش التمويلات التشاركية الموجهة للعقارات في النصف الثاني من هذا العام، مع صدور القوانين التنظيمية الخاصة بالتأمين التكافلي، المرتبطة بالتمويلات الإسلامية العقارية.