داء الشهرة وسلوكيات الحمقى بالمغرب !!
الشهرة حقٌّ إنساني وحياتي ومن الحاجات الإنسانية التي يسعى إليها الإنسان وفق ما يكمل بها أركان هذا المفهوم، وتعكس بمزاياها الطاقة الإيجابية لتنمية الشخصية.. ولكن المصيبة أن تتحول الشهرة إلى داء من خلال السعي المتواصل لنيلها دون اكتمال المقومات أو محاولة الوصول إليها سريعاً، عبر الطرق المخالفة للمنطق أو المسيئة للشخص أو المؤثرة على المجتمع، أو نيلها من خلال شذوذ فكري أو هذيان سلوكي. حينها ستشكل لدينا شخصيات مضطربة في سلوكها وفي تفكيرها، وهذا ما نلمسه في مجتمعنا في شخصيات تحولت تدريجياً وتطرفت سلوكياً، ودخلت في نتوءات الاضطراب وغياهب الاعتلال النفسي والاجتماعي، بحثاً عن شهرة سريعة أو مؤدلجة أو مخالفة للمنطق.
في صفحات التاريخ وسجلات الوطنية ومعاني الحقيقة ومحافل الإنتاج، هنالك من الشخصيات من نحت شهرته في دروب الحياة، وظلت سيرته وعلمه ومآثره تراثاً تتناقله المنصات وتعج به المكتبات ودور المعرفة، ولم يكن حينها مطارداً للفلاشات أو ملاحقاً للتصفيق أو منظراً للذات، بل إن بعض المشهورين الحقيقيين بعلمهم وعملهم تصاعدت شهرتهم بعد رحيلهم، وهذا دليل على غلبة كفة المنطق، والأمثلة كثيرة ومن أراد الاستشهاد عليه بنطق أسماء مثل هؤلاء في قرية على أطراف الحدود أو في مجتمع أمي بإحدى الهجر، أو في أي مكان على الخارطة، وهنا تصنع الشهرة المرتبطة بالنتاج المترابطة مع شخصية سامية، أثرت العقول وأمطرت القلوب بالمعرفة وبالنصيحة والعلم والفكر والحكمة.
أما الشهرة الجائلة والمجانية والمخالفة للمنطق والبائسة، التي أخرجت لنا «شخصيات مريضة» وأخرى «متخلفة» وأخيرة «غبية»،(اكشوان انوان) ، ( نيبة) ….
فإنها باتت في زمننا هذا محصورة في شخصيات وللأسف اتخذت من التهريج مساراً ووسط الفتوى انسياقاً وبين التصريحات مسلكاً، فإما أن يكون شخصاً طُرد من وظيفته أو غادر منصبه بتقاعسه ومخالفاته، فنراه يلعب على وتر إعادة المجد الشخصي بتصريحات أو ظهور فضائي مريب أو فتوى أقحم نفسه فيها، وإما يكون شيخاً «وهمياً « صف أمامه مجموعة من المطبلين والمصفقين من طويلبي العلم وأعضاء الاجتماعات السرية، ليعلن أمامهم أنه القدوة والأستاذ والشيخ وهم جميعاً يدورون في حلقة مفرغة من التخلف والرجعية. أو جماعات «السفاهة» في الفضائيات وفي مواقع التواصل، ممن يطلقون على أنفسهم «المشاهير» وهم ثلة من «المهرجين» الذين باتوا يعلنون عن أنفسهم، بل والأدهى والأمر أنّ بعضهم يكتب عبر حسابه وعلى إعلاناته رقم سكرتير ومنسق وخلافه، راسمين بذلك مشاهد «مخجلة « تنم عن انعدام الفكر ورجعية السلوك..
ونحن أمام هذه الموجة من داء الشهرة الذي أصيب به هؤلاء الذي تلبّسوا رداء الحماقة بكل سذاجة أمام المجتمع، علينا أن نواجه تلك التصريحات اللامسئولة والفتاوى المضللة والنكات السخيفة التي يطلقها البعض من «المتمشيخين» باسم الدين، وجموع المهرجين بمسمّى «مشهور»، وأن نقف صفاً واحداً لردع ما يتم تداوله من سخف وضلال، وان تواجه حملاتهم وسلوكياتهم بسلوك مجتمعي مضاد يعاكسها في موجة رفض ودحر واستنكار، وأن يضعهم المجتمع في خانتهم الصحيحة من «الهزل «، لا أن يروّج لمثل هذه التفاهات كي يتلقوا ويلات التجاهل نظير ما ينثرونه يومياً من إسفاف فكري وسفه سلوكي، حتى تبدد جماعاتهم وسلوكياتهم وجماعات المصفقين لهم الذين زادوهم ظلالاً.
يجب أن تُكشف شخصياتهم وأن يوضعوا في هامش «الشخصيات المضطربة» بالإجماع المجتمعي، بل ويجب أن تتنبّه الجهات المعنية بهذه السلوكيات، ووضعها تحت دائرة الرقابة ومظلة المتابعة وسلطة العقاب، حتى نسمو بمجتمعنا نحو مستقبل واعد بعيداً عن «الترهات والسفاهات».