صحافة الاسترزاق “الصحافة بين السخافة والصرامة”
هل نؤسس لصحافة حقيقية في هذه الأرض السعيدة أم أن لغة السخافة طغت على المشهد الإعلامي وتحول الصحافي من ناقل للأحداث والوقائع بشكل حيادي إلى خدوم مطيع يعمل لصالح جهات معينة و بأثمنة بخسة تجعل منه مجرد بيدق أو مادة إعلامية فاسدة نتنة مستعبدة لحساب أجندة خاصة هدفها الأسمى السمسرة والاسترزاق في عباد الله والنيل من أعراضهم،هنا يكمن بيت القصيد وتتعدد الأسئلة وتتلاشى الأجوبة ليبقى الصمت عنوان سائدا ولغزا غامض لا يمكن فهم معادلاته وتحليلها بطريقة علمية مدققة إلا بعد مشقة الأنفاس.
قادني حب الاستطلاع بمعية من بعض الأشخاص البحث في خبايا بعض الأمور التي أفقدتني القدرة على الاستيعاب والتركيز،فبعض الصحافيين الذين هم أصلا “سخافيين” تابعين لبعض “البلطجة” إن صحت تسميتها بذلك،لا يهمهم البحث عن المادة الإعلامية وإيصالها إلى القارئ بحيادية تامة بل يستخدمون شعار من يدفع أكثر،فهم يقتاتون على فتات النزاعات الشخصية والتهديدات الملغومة بلغة الاستفزاز، ربما بوثائق يتم تهديد الضحية بنشرها فيكون مضطرا لعملية المساومة ودفع مبلغ مالي مقابل عدم نشر الملف المعلوم ،أو بالدخول في بعض النزاعات السياسية الضيقة بين طرفين من أجل تشويه سمعة أحدهم دون إعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه،وهنا يلجأ “السخافي” إلى استخدام منطق تضارب المصالح واللجوء لسياسة مسح الأحذية والتبرك بها،هذه الأفعال تفقد الشرعية لهذا العمل الشريف وتوصله إلى زاوية الشبهات وإيصال رسائل سلبية إلى القارئ خاصة وإلى المجتمع عامه،فالصحافة ليست كتلك العاهرة التي تتجول بين شوارع المدينة باحثة عن الزبائن وينتقدها الكل بسبب سلوكها المخل بالحياء، بل بالعكس هي مهنة الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة “الخبر مقدس والتعليق حر”،هذه هي الصحافة النزيهة الشريفة الغير الانتهازية،لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ما زالت صحافة الواقع موجودة في أيامنا هذه؟ طبعا الجواب سيكون لا لأن صحافة الزمن الجميل والخبر اليقين قد أكل الدهر عليها وشرب ،حقيقة أن زمن الرصاص والاضطهاد قد ولى و لم يعد موجودا بنفس الحدة وهناك تقدم ملموس في حرية التعبير وعرض الأفكار وتعدد المنابر الإعلامية واختلافها، من مواقع إلكترونية إخبارية إلى جرائد ورقية وإيداعات ….. لكن رغم هذا التنوع والتعدد فسياسة الاسترزاق تخيم على بعض المنابر الإعلامية التي تسعى إلى تعكير صفو مسار نهج الحقيقة والموضوعية في سرد الأحداث والوقائع،إضافة إلى هذا كله فحتى الصحافي في يومنا هذا لم يسلم من الاستعباد،فما نراه في الصورة من مدينة القنيطرة اكبر دليل على الاسترزاق بهذه المهنة و بأحد الإيداعات الخاصة يزيدنا يقينا وتثبتا بما ذكرت سلفا ،و لكن إذا أردنا التمحيص في مشكلتها فسنجد أن ما تم، هو عبارة عن تضارب المصالح وضغوط من إحدى الشركات المتعاقدة مع الإذاعة خوفا من خسارة عقد الإعلانات المبرم.و كذلك عدم تطبيق قانون الصحافة بحذافيره ، و هنا يطرح السؤال على النيابة العامة و كذلك الشرطة المغربية التي تجهل من هو الصحافي المهني و من هو الذي ينتحل الصفة ، و هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة في ترويج الأخبار الزائفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، لازلنا و للأسف في بلد السيبة كل من هب و دب اصبح استاذا و صحافيا و دكتورا ،
كل هذه المشاكل والعراقيل تعيق مسار الصحافة ونزاهتها، فهل سيأتي يوم تصبح فيه الصحافة صحافة حقيقية تمتاز بالمهنية والدقة في التحري وصوتا للمستضعفين أم أن المتطفلين على هذا الميدان من “سخافيين” سماسرة وقطاع طرق سيتطاولون على هذا العمل الشريف لخدمة أهوائهم وبدون قيد يذكر؟