زيارة فيليب السادس للرباط تعزز الشراكة المغربية الإسبانية
تعرف العلاقات الإسبانية المغربية مرحلة متميزة من التعاون على كافة المستويات في ظل شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد، وهو ما رسخته زيارة العاهل الإسباني الملك فيليب السادس إلى المغرب والتي توجت بوقيع 11 اتفاقية.
أعطت زيارة العاهل الإسباني الملك فيليب السادس إلى المغرب دفعة للشراكة والتعاون بين البلدين.
وجاءت زيارة العاهل الإسباني إلى المغرب يومي 13 و14 فبراير الجاري للدفع بالعلاقات الثنائية، حيث حضر إلى جانب العاهل المغربي الملك محمد السادس لتوقيع جملة من الاتفاقيات المرتبطة بمجالات التعاون المتبادل.
وتشكل عناصر السيادة والوحدة الوطنية والترابية والتسوية السلمية للنزاعات والصداقة الأسس التي ستبنى عليها هذه الشراكة الإستراتيجية بين البلدين الجارين، إلى جانب حسن الجوار والمساواة والاحترام المتبادل والحوار والتعاون المتكافئ واحترام الشرعية الدولية.
وأجرى الملك محمد السادس الأربعاء بالقصر الملكي بالرباط مباحثات مع الملك فيليب السادس، حضرها عن الجانب الإسباني وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون، جوزيب بوريل إي فونتيليس، ورئيس البلاط الملكي خايمي ألفونسين ألفونسو، وسفير المملكة الإسبانية بالرباط ريكاردو دييث هوشلايتنر رودريغيث، وعن الجانب المغربي، مستشارا الملك عمر عزيمان وفؤاد عالي الهمة، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة وسفيرة المغرب بمدريد كريمة بنيعيش.
واعتبر وزير الخارجية الإسباني أن هذه الزيارة الرسمية تشكل لبنة جديدة في العلاقات الممتازة سلفا القائمة بين العائلتين الملكيتين وحكومتي البلدين، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين تمر، بشكل ملحوظ، بفترة إيجابية ودينامية في كافة المجالات، وهذه الزيارة ستعمل على تعزيز هذا الواقع.
إسبانيا كان لها دور إيجابي داعم للمغرب لتجديد اتفاقية التبادل سواء في قطاع الصيد البحري أو في القطاع الفلاحي
وقال رضا الفلاح أستاذ القانون الدولي بجامعة ابن زهر بأكادير لـ”العرب” إن العلاقات المغربية الإسبانية ليست علاقات جوار عادية لأنها مطبوعة بإرث تاريخي ضارب في القدم.
وأضاف “العلاقات بين البلدين تتأثر بعوامل متعددة منها ما هو مرتبط بالنسق الإقليمي والحد الفاصل بين الشمال والجنوب، ومنها ما يخص العلاقات الاقتصادية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وما يترتب عن المعضلات الأمنية التي أصبحت أكثر تعقيدا في ظل حركية غير مسبوقة في التدفقات البشرية بين القارتين”.
واعتبر رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني أن إسبانيا كان لها دور إيجابي داعم للمغرب في البرلمان الأوروبي، من أجل تجديد اتفاقية التبادل سواء في قطاع الصيد البحري أو في القطاع الفلاحي.
وتم التوقيع بقصر الضيافة بالرباط على 11 اتفاقية للتعاون الثنائي في العديد من المجالات، والتي تعكس عمق العلاقات الثنائية كما ستعطي دفعة جديدة للتعاون البناء بين الرباط ومدريد، وستشكل الاتفاقيات الموقعة إرادة قيادة البلدين في توطيد الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد التي تجمع البلدين.
وتنص مذكرة التفاهم على إنشاء مجلس للشراكة الإستراتيجية الشاملة، يرأسه وزيرا خارجية البلدين، وسيشكل إطارا للانتظام في إجراء حوار سياسي دائم حول جميع القضايا الثنائية الإقليمية والمتعددة الأطراف، والتنسيق بهدف تعزيز العلاقات النموذجية القائمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
ومن شأن التعاون الأمني والعسكري والبرلماني، تحقيق الأهداف المشتركة بين إسبانيا والمغرب في ظل التحديات التي تواجه البلدين على عدة مستويات ورغبتهما في تعزيز الأمن والسلم في حوض البحر المتوسط، إضافة إلى التشاور بشأن القضايا الإقليمية والمتعددة الأطراف.
وشدد جوزيب بوريل على أن إسبانيا والمغرب يتقاسمان نفس المشكلات، ولكن أيضا نفس الفرص التي يتعين استغلالها لرفع مجمل التحديات المشتركة، مؤكدا أن البلدين مدعوان، أكثر من أي وقت مضى، إلى تقديم إجابات مناسبة عن تحديات كبرى من قبيل مكافحة التهديد الإرهابي وتدبير تدفقات الهجرة والنمو الاقتصادي.
ومن جهة أخرى تعمل إسبانيا على المستوى الأوروبي من أجل دعم المغرب في تعاطيه مع مشكلة الهجرة التي تؤرق الجارة الشمالية. وأكد رضا الفلاح، لـ”العرب”، أن المغرب ليس في مقدوره وفي صالحه كذلك لعب دور دركي أوروبي ومشكلات الهجرة تقتضي مقاربة شاملة ولا يمكن حلها على حساب الأمن القومي للدول المغاربية كما يريد الاتحاد الأوروبي.
واعتبر الفلاح أن الأحزاب السياسية في إسبانيا لديها مواقف متباينة في ما يخص السياسة الخارجية اتجاه المغرب، لكن توجد توجهات ثابتة وتقليدية عند الدولة الإسبانية تدفعها نحو عدم تجاوز بعض الخطوط الحمراء مع الإبقاء على هامش مزعج من معاكسة المصالح المغربية.
وفي هذا السياق قال مدير “مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر المتوسط” خوصي مانويل سيرفيرا إنه ”لا يجب أيضا إغفال أن الأهداف التي نتقاسمها، تتجاوز العلاقات الثنائية. فإسبانيا والمغرب يعملان بشكل مشترك كي يتحول الحوض المتوسطي إلى فضاء للسلم والتقدم والازدهار”.
وأكد خوصي مانويل سيرفيرا أن البلدين يدركان الجوانب التي يتعين تعزيزها وتقويتها من أجل السير قدما في شراكتهما الإستراتيجية، مشيرا بهذا الخصوص إلى الدور الطلائعي الذي تضطلع به “مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر المتوسط” في مسلسل التقارب بين ضفتي المتوسط.
ويرى رضا الفلاح أن كلا من المغرب وإسبانيا يحملان ثقل ومسؤولية الأبعاد المركبة لهذه العلاقة وما تقتضيه من تشاور وتعاون وعمل مشترك من أجل بناء نموذج فعال ومستدام للشراكة، وفي نفس الوقت، العمل سويا على إيجاد الحلول للقضايا العالقة بين المملكتين وفي مقدمتها ملف الجيوب المغربية المحتلة (مليلة وسبتة).
وحول الآلية التي يمكن اللجوء إليها في قضية الجيوب المغربية، أكد رضا الفلاح أنه يجب طرح الملف على اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة والضغط دبلوماسيا عبر المنابر الدولية.