مدن مغربية بعيون كتاب عرب في معرض الكتاب بالدار البيضاء
شكل المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء فرصة للقاء عدد من المتابعين والزائرين للمعرض في ندوة مع الكتاب العرب المساهمين في تأليف كتاب «الرسائل المغربية». وقال الصحافي اللبناني سامي كليب في تقديمه للندوة إن الكتاب عبارة عن صورة عن بعض المدن المغربية، كما يراها الآخرون، ومحاولة لإحياء فن كتابة الرحلة.
وأشرف على إعداد الكتاب وجمعه الكاتبان الصحافيان سامي كليب وفيصل جلول، ويقع في 439 صفحة، ساهم في تأليفه عشرون كاتبا ومثقفا وإعلاميا من بلدان عربية مختلفة، وتضمن الكتاب نصوصا معرفية عامة في الثقافة والأنثروبولوجيا والسياسة والشعر، كما ضم نصوصا تتناول ثلاث عشرة مدينة مغربية من الشمال إلى الجنوب.
وبغض النظر عن إقامة الجسور بين المشرق والمغرب فالهدف من الكتاب كما يراه الكاتب فيصل جلول، لم يكن استعادة ما تم نشره من طرف الموسوعة الحرة وغوغل عن هاته المدن، فما فعلناه هو أننا أتحنا للكاتب أن يبدع نصا حرا عن المدينة بوصفها مدينته وكما يراها هو، والروح الشخصية والملامح الإنسانية هما ما يميز هذه النصوص عن غيرها وهذا لا يعفي من ذكر المعلومات الأساسية عن هذه المدن.
من المساهمين في هذا المؤلف الكاتبة والشاعرة الجزائرية لويزة ناظور، التي اختارت مدينة فاس للكتابة عنها، والمفاجأة كما يقول سامي كليب مسير الندوة، أنها لم تقم بزيارة فاس مطلقا، رغم الدقة التي كتبت بها عنها. وتتحدث الكاتبة الجزائرية أنها اكتشفت المدينة من خلال الكتب التاريخية إذ كان تاريخ فاس استثنائيا لقرون، وكونها مهتمة بالشعر الشعبي ذكرت أنها كتبت يوما عن عبدالرحمان المجذوب من مدينة تريت وكانت المدينة قد احتلت مكانة مهمة في إحدى رباعياته والكل موجود في تلك الرباعيات.
أما فاضل الربيعي، المفكر والكاتب العراقي العارف بالمدن التي زارها وأقام بها فقد كتب عن مدينة القنيطرة قرب العاصمة الرباط التي حط الرحال بها، واستطاع أن يلم بتفاصيل دقيقة عن هذه المدينة الساحلية خلال شهر واحد، وتعرف على كل الجوار وصار يجاور صاحب المقهى والنادل والخادمة والناس البسطاء، يعني أنه عاش بينهم كشخص ينتمي إليهم منذ زمن بعيد.
وقال الربيعي إنه عندما اختار المغرب أراد معرفته، ليس من منظور سياحي، فالمغرب كان بالنسبة إليه ذلك التاريخ العميق الذي لم يستكشفه الكتاب العرب بعد. وعاش الكاتب بمدينة القنيطرة كواحد من أهلها. وقد ذاكر في مساهمته أن القنيطرة مدينة 1400 مقهى والتي كانت تسمى على أيام الفرنسيين باريس الصغيرة، وتحدث عنها الربيعي بلغة السهل الممتنع عن الناس وبساطتهم والقيم التي تختزل التاريخ العريق للبلد.
من المساهمات في الكتاب أيضا ليلى ناصر، وهي كاتبة ومترجمة تعيش بفرنسا، كتبت عن مدينة طنجة، لكنها لم تتطرق إلى الأماكن السياحية، بل بينت كل ما يوجد من تاريخ وثقافة في المدينة التي تقع شمال المغرب، وعن الكتاب الذين عاشوا فيها وكتبوا أجمل النصوص عنها.
كما كتب الإعلامي الموريتاني عبدالله ولد محمدي عن مدينة الرباط، ويروي من خلال نصه علاقة أسرته وقبيلته بالرباط، والتي تمتد إلى أربعة قرون. بينما كتبت الشاعرة والإعلامية السورية نوال الحوار عن مدينة أصيلة، حيث قالت “كتبت عنها رغم أنني سافرت إلى عدد كبير من المدن المغربية ولكنني أحببت تلك المدينة وتمنيت لو كانت مدينة أخرى تشبهها حتى لا أشبع منها. وقد عشقت المدينة بالسماع من كتابات الطيب صالح عنها حيث كان من روادها”.
وأضافت الحوار “بحكم العمل الصحافي صار لي ارتباط بأصيلة من خلال موسم أصيلة الثقافي السنوي وبدأت أتردد عليها، حيث منحتني بعدا إنسانيا وشاعريا، بالإضافة إلى أنني التقيت عددا كبيرا من الكتاب والأدباء والمفكرين، والبياض الناصع في جدرانها والزرقة اللامتناهية على محيطها يبعثان على السكينة والطمأنينة والهدوء وناسها بسطاء وطيبون والعلاقة معهم سلسة من خلال معايشتنا لهم بالدور والمقاهي والأزقة”.
ويعد كتاب “الرسائل المغربية” رابع كتاب جماعي تصدره دار النشر «الفارابي» منذ العام 2016، بعد كتب «باريس كما يراها العرب» و«الرسائل الدمشقية» و«المئوية الثانية للقضية الفلسطينية من سايس بيكو إلى الربيع العربي».