انطلاق معرض الكتاب في الدار البيضاء في دورته الفضية
انطلقت أول أمس الخميس فعاليات الدورة الحالية لـ المعرض الدولي للنشر والكتاب بمدينة الدار البيضاء، التي تستمر إلى غاية 17 فبراير الجاري. وافتتح رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني معرض البيضاء، إلى جانب وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج وعدد من الوزراء والمثقفين العرب والأجانب.
افتتح رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني، الخميس، الدورة الـ25 من معرض الكتاب بمدينة الدار البيضاء، معلنا أن هذا المعرض قد “اكتسب صيتا دوليا، وأصبح يستقطب كل سنة المزيد من دور النشر العربية والعالمية”. وذهب رئيس الحكومة إلى أن “حلول إسبانيا ضيفة شرف على الدورة الحالية دليل على انفتاح المغرب على ثقافات العالم، خاصة وأن المعرض يستضيف جناحا آخر خاصا بأميركا اللاتينية، وهو ما يجعل من الدورة الحالية للمعرض موعدا لاستضافة الثقافة الإسبانية، وفرصة لتعزيز التبادل الثقافي مع البلدان الناطقة بالإسبانية”.
كما يرى رئيس الحكومة أن هذا المعرض “لا يزال يمثل فرصة ثمينة من أجل الارتقاء بالثقافة الوطنية والإنتاج الثقافي المغربي، بما يعزز تنافسيته على المستوى الدولي”.
احتفال فضي
حضر حفل الافتتاح مثقفون ومبدعون وناشرون يمثلون 40 بلدا من العالم العربي وعبر العالم. ورفعت دور النشر العربية والعالمية الستار عن أروقتها، لتكشف عن آخر إصداراتها في مختلف حقول الفكر والمعرفة والإبداع، أمام إقبال كبير على الكتاب.
وفي كلمته الافتتاحية رحب وزير الثقافة والاتصال المغربي محمد الأعرج بضيوف المعرض من وزراء ومثقفين وناشرين، وهو يشدد على أن معرض البيضاء “يبقى أكبر حدث ثقافي يشهده المغرب، حيث يعرض آلاف العناوين والإصدارات الجديدة، مثلما يفسح مجالا للنقاش الحر بين المثقفين المغاربة والعرب وأولئك القادمين من مختلف دول العالم”. وذهب الوزير إلى أن الدورة الحالية من المعرض “تستقطب أكثر من 700 عارض مباشر وغير مباشر، يمثلون 40 بلدا من مختلف أصقاع العالم. كما يساهم في برنامجه الثقافي حوالي 350 من المفكرين والأدباء والشعراء، وشخصيات من عوالم السياسة والاقتصاد والفن والقانون، سيدلون بآرائهم، وسيعرضون مساهماتهم في فقرات ثقافية تستمر لعشرة أيام، بما معدله 14 نشاطا في اليوم”.
أما سفير إسابنيا في المغرب ريكاردو دييث رودريغيث فقد نوه باستضافة بلده إسبانيا إلى هذا المعرض الدولي العريق، مشيرا إلى أن جناح إسبانيا في فضاء المعرض يمتد على مساحة 300 متر، وسيحتضن نحو 40 تظاهرة ثقافية ضمن البرنامج الثقافي لمعرض البيضاء. وبحسب السفير الإسباني، يشكل هذا المعرض، في دورته الحالية، فرصة لتجديد أواصر التعاون الثقافي بين المغرب وإسبانيا.
أصبحت الدورة الفضية من المعرض الدولي للنشر والكتاب تظاهرة احتفالية، بسبب الحضور القوي لدور النشر، في مقابل الإقبال المتواصل على الكتاب وقراءته. وأكثر من ذلك، ورأى حسن الوزاني المندوب العام للمعرض ومدير مديرية الكتاب في وزارة الثقافة والاتصال أن المعرض قد “غدا احتفالية دولية كبرى بالكتاب، ونحن نحتفي بالكتّاب المتوجين بأرقى الجوائز العربية والوطنية، فضلا عن احتضان جائزة الأركانة العالمية للشعر وجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة وجائزة القراءة. ولذلك، فإن معرض البيضاء هو احتفاء بالكِتاب والكتابة والكُتاب”.
وأشار الوزاني إلى احتفالية أخرى تتمثل في الاحتفاء بالثقافة الإسبانية، من خلال استضافة إسبانيا ضيفة شرف في هذه الدورة. مؤكدا أنها مناسبة “من أجل تعميق الترابطات الثقافية بين المغرب وإسبانيا، من خلال رصيد وثائقي هام صادر عن مؤسسات حكومية ورسمية وعن دور النشر الإسبانية، وكذلك من خلال برنامج ثقافي زاخر”.
وإذا كانت دورة المعرض لهذه السنة، وعلى غرار سابقاتها، تحتفي بالكتّاب والمبدعين المكرسين وأولئك المتوجين بالجوائز والاستحقاقات الكبرى، فإن الدورة الحالية من المعرض، كما أكد الوزاني، “حريصة على العناية بالأصوات الجديدة والاهتمام بها، وكذلك الرهان على أسماء جديدة تشارك في هذه الدورة، ويصل عددها إلى 280 مشاركا، من أصل 317”.
إلى جانب البرنامج الثقافي الذي تواصلت فعالياته أمس الجمعة، من خلال ندوات حول اللغة والبحث التاريخي والثقافة في جنوب إسبانيا، مع انطلاق الأمسيات واللقاءات الشعرية، سطرت إدارة المعرض الدولي للنشر والكتاب برنامجا عريضا خاصا بالطفل، يضاهي البرنامج الثقافي، وهو برنامج يفتح الكتاب على المستقبل، وعلى أجيال الغد.
ويتوزع برنامج الطفل على أربعة فضاءات، وهي فضاء “ابتكار الفنون” وفضاء “كتابي” وفضاء “موروث بلادي” وفضاء “الخشبة”. ويتضمن الفضاء الأول الخاص بالابتكار والفنون تنظيم ورشات تسلط الضوء على بعض أشكال الإبداع والفن المتنوعة، التي تساعد جمهور الأطفال من المبدعين الصغار على الاستئناس بالمجال الإبداعي.
أما فضاء الكتاب فيقيم لقاءات خاصة للكتاب والناشرين والموزعين مع جمهور الأطفال، قصد إطلاعهم على مراحل صناعة الكتاب منذ كتابته إلى أن يصل إلى يد القراء. بينما يقف الأطفال في فضاء الموروث المحلي على الموروث الثقافي الذي صنعه الإنسان المغربي على امتداد تاريخه الطويل.
ويصعد الأطفال إلى فضاء “الخشبة” في ورشات مسرحية بهدف تلقي مختلف التقنيات والقواعد الخاصة بالفعل المسرحي. ويتعلق الأمر بدروس في إعداد الممثل وكيفية تحركه فوق الخشبة، وتمكينه من القدرة على إقناع الجمهور وإمتاعه في الآن نفسه.
وستقام جل فعاليات برنامج الطفل في قاعة المتوسط، من ورشات التشكيل وورشات صناعة الدمى والخط والحروفيات والصورة السينمائية وورشات الشعر والحكي والمكتبة. وهو برنامج ينفتح على المستقبل، ويضع الكتاب بين يدي الأجيال المقبلة، في تحد لكل العوامل والمستجدات التي تريد أن تهدد مستقبل الكتاب في عالم اليوم.
وفي هذا الصدد، قال سعدالدين العثماني إن “المعرض الدولي للكتاب يتوسع سنة بعد أخرى، كما يصبح متنوعا وغنيا عبر الدورات المختلفة للمعرض، مما يتجلى أساسا في ازدياد عدد دور النشر سنة تلو أخرى، إلى جانب الارتفاع الملموس على مستوى الكتب والمنشورات الجديدة”.