خيارات محدودة في التفاوض بشأن بريكست
بدأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بخيارات محدودة، جولة مفاوضات جديدة مع بروكسل أملا في تجاوز مأزق بريكست، قبل تصويت حاسم بشأنه في لندن موفى فبراير الجاري ينتظر أن لا تختلف نتائجه عن تصويت منتصف يناير الماضي الذي أسقط بموجبه مجلس العموم البريطاني اتفاق بريكست. ويتوقع متابعون فشل المفاوضات مجددا في ظل رفض بروكسل الحازم تقديم تنازلات بشأن إعادة التفاوض على الاتفاق، تعتبرها لندن ضرورية لتفادي انسحاب دون اتفاق.
أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في بيان مشترك الخميس أن فريقي المفاوضين من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا سيجريان محادثات جديدة في محاولة لإخراج بريكست من الطريق المسدود، فيما ترفض بروكسل بحزم تقديم أي تنازلات بشأن إعادة التفاوض على نص الاتفاق الموقع بين الطرفين، ما يشي بفشل المفاوضات قبل أن تبدأ.
ويرفض المشرعون البريطانيون مقترح بروكسل بإدخال تغييرات على الإعلان السياسي للاتفاق، ويطالبون بمراجعة نص الاتفاق الأصلي وخاصة البند المثير للجدل حول ترتيبات الحدود الأيرلندية أو ما يطلق عليه “شبكة الأمان”.
وتتواجد ماي في بروكسل، لإبلاغ زعماء الاتحاد الأوروبي بضرورة قبولهم تغييرات ملزمة قانونا لترتيبات الحدود الأيرلندية الواردة في اتفاق خروج بلادها من الاتحاد وإلا واجهوا شبح الخروج دون اتفاق وبشكل ينطوي على اضطرابات، فيما يرى نواب بريطانيون أن بلادهم تحتاج إلى المزيد من الوقت للتفاوض بشأن خروجها لتجنب الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق وهو اقتراح لا ترفضه بروكسل.
وأبرز الجوانب الحساسة في عملية بريكست، تتعلق بأزمة الحدود بين جمهورية أيرلندا، العضو لدى الاتحاد الأوروبي، وبين أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا، حيث ينص اتفاق الجمعة العظيمة أو “بلفاست” الموقع في أبريل 1998، على ألا تكون هناك حدود فاصلة بين جزأي أيرلندا وهو ما يعتبره مشرعون بريطانيون مسا من هذه الاتفاقية في اتفاق بريكست بصيغته الحالية.
وفي أكتوبر الماضي نزل مئات الآلاف من الأشخاص إلى شوارع لندن للمطالبة باستفتاء جديد حول بريكست لكن قبل بضعة أسابيع فقط على موعد هذا الانفصال التاريخي المرتقب في 29 مارس يبدو أن هذه الحركة تفقد زخمها.
سيناريو الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون إتفاق أصبح أكثر إحتمالا منذ رفض النواب البريطانيين لاتفاق المفوضية الأوروبية
ومثال على ذلك، تعديل ينص على إجراء مشاورة من هذا النوع يدعمه نواب من كل الأحزاب، تم التخلي عنه في نهاية يناير بسبب امتناع زعيم حزب العمال جيريمي كوربن عن تأييده الذي لابد منه لتمرير النص.
واعترف بول باترز العضو في مجموعة “بيست فور بريتن” التي تنشط لإبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي “عشنا أوقاتا صعبة”، مشيرا إلى أن إمكانية إجراء استفتاء جديدة تبقى ضعيفة طالما أن كوربن لم يغير موقفه من المسألة.
ولا ينوي بول باترز وأصدقاءه الوقوف عند هذا الحد وإن كان الوقت يضيق مع اقتراب موعد بريكست وهم يرون أنه بقدر ما تقترب بريطانيا من موعد خروجها من الاتحاد بدون اتفاق، تزداد فرص الحصول على أغلبية في البرلمان لتنظيم هذا الاستفتاء.
ورسميا، لا يستبعد حزب العمال هذا الخيار، خصوصا في غياب انتخابات تشريعية مبكرة، لكن جيريمي كوربن المشكك في الوحدة الأوروبية، لا يبدو مستعدا للقيام بخطوة من هذا النوع وهذا ما لم يتردد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في الإشارة إليه الأربعاء في بروكسل.
وقال متوجها إلى البريطانيين الراغبين في البقاء في الاتحاد “كنت دائما معكم من أعماق قلبي لكن الوقائع جرت وفي هذه المرحلة، الموقف المؤيد لبريكست الذي تتبناه رئيسة الوزراء تيريزا ماي وزعيم المعارضة يستبعد هذه الإمكانية”. وهذا السيناريو لبريكست بدون اتفاق الذي تخشاه الأوساط الاقتصادية، أصبح أكثر احتمالا منذ رفض النواب البريطانيين في يناير الاتفاق الذي توصلت إليه المفوضية الأوروبية ولندن بشأن بريكست.
وقال أدريان ماكمينامين المسؤول في حملة “بيبل فوت” إنه “ليست هناك أغلبية حاليا في البرلمان تؤيد” مبادرة من هذا النوع، لكنه أضاف “لا أتوقع وجود هذه الأغلبية طالما لم تستنفد كل الخيارات”.
ودخلت هذه المنظمة التي تسعى من أجل تنظيم استفتاء جديد، الحملة العام الماضي. واستقر عدد من المجموعات المناهضة لبريكست التي تحصل على تبرعات سخية بما في ذلك من الملياردير جورج سوروس، في مكاتب مشتركة بالقرب من البرلمان.
وخلال أشهر نجح هؤلاء في تحويل فكرة هامشية إلى فرضية تناقش على نطاق واسع حاليا، وتتطرق إليها رئيسة الحكومة باستمرار وإن كان ذلك لمجرد معارضتها. وفي مجلس العموم البريطاني، تلقى الحركة تأييد أكثر من مئة من أصل 256 نائبا عماليا. وقال أحدهم لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته “الآن ليس الوقت المناسب” لخوض حملة من أجل استفتاء جديد.
وفي صفوف المحافظين، يدعم أقل من 12 نائبا علنا إجراء تصويت جديد. والذين يجرؤون على إعلان ذلك يواجهون سيلا من الانتقادات الحادة على شبكات التواصل الاجتماعي. وأما الرأي العام فهو متقلب جدا حسب السؤال المطروح، على حد قول الأستاذ في جامعة ستراثكلايد جون كورتيس، حيث قال إن حوالي ثلثي الراغبين في البقاء في الاتحاد يوافقون على إجراء تصويت جديد، مقابل ما بين ثمن وربع مؤيدي بريكست.
والصعوبة الأخرى التي تواجه اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي حسب كورتيس هي أن الحركة التي أطلقها مؤيدو البقاء في الاتحاد تبدو منحازة مشيرا إلى أن الذين يخوضون الحملة من أجل ذلك، يريدون خصوصا عكس نتيجة الاستفتاء الذي جرى في يونيو 2016 وقرر فيه 52 بالمئة من البريطانيين مغادرة الاتحاد الأوروبي.
بريطانيا “لاعب صغير” في سوق السلاح بعد بريكست
لندن – يتوقع محللون في مجال صناعة الدفاع أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيّسرع من تراجعها لتصبح “لاعبا صغيرا” في سوق الدفاع الدولي على مدار الخمسة أعوام المقبلة.
وقال مركز أي اتش اس ماركيت في تقريره السنوي بشأن تجارة الأسلحة الدفاعية في العالم، إن لندن “سوف تصبح لاعبا صغيرا في سوق تصدير الأسلحة الدفاعية في العالم ابتداء من 2024 في ظل الإخفاق في التخطيط والاستثمار في قطاع صناعة الدفاع المحلي. وأشار التقرير إلى أن الصادرات الدفاعية لبريطانيا انخفضت من 4.3 مليار دولار في عام 2017 إلى 3.4 مليار دولار في عام 2018، مما يعكس تزايد الاعتماد على واردات الأسلحة.
وكتب بين موريس، واضع التقرير، “مع ابتعاد المملكة المتحدة عن قاعدتها المحلية للصناعات الدفاعية، سوف تصبح سوقا أكثر أهمية للمصدرين”. وخلص التقرير إلى أن الولايات المتحدة استمرت في كونها أكبر مصدّر للصناعات الدفاعية العام الماضي، بواقع 32.8 مليار دولار. وجاءت بعدها كل من روسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، موضحا أن المملكة العربية السعودية مازالت أكبر دولة مستوردة تليها الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية وإسرائيل ومصر والإمارات العربية المتحدة.