المغرب يسعى لكسب الموقف الأميركي في قضية الصحراء
تنافس مغربي جزائري متصاعد على كسب موقف الولايات المتحدة الأميركية في قضية الصحراء وهو ما تترجمه الزيارات المتتالية لمسؤولي الدولتين إلى واشنطن التي ضاعفت من اهتمامها بالنزاع الصحرواي مؤخرا.
يسعى المغرب لاستمالة موقف الولايات المتحدة في ما يتعلق بقضية الصحراء، لاسيما مع تصاعد الاهتمام الأميركي بالملف.
واتجه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن حيث التقى بكبار المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم نظيره مايك بومبيو، للبت في العديد من القضايا المشتركة السياسية والأمنية والاقتصادية والتداول في مستجدات قضية الصحراء.
وزار بوريطة واشنطن في سبتمبر الماضي والتقى بنظيره مايك بومبيو حيث اتفقا على عقد دورة للحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة خلال هذه السنة، بهدف تعميق الفرص الكفيلة بتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني القوي، بما في ذلك الجهود المشتركة للتصدي للإرهاب.
ومن المتوقع أن يجري ناصر بوريطة بالموازاة مع أشغال اللجنة المشتركة، محادثات خاصة مع المسؤولين الأميركيين، وفي مقدمتهم مستشار الأمن القومي جون بولتون للتباحث حول مستجدات الوضع الأمني بالساحل والصحراء.
وكان جون بولتون قد أعلن في نهاية العام المنقضي، أنه يشعر “بخيبة أمل” كبيرة بسبب عدم حل نزاع الصحراء.
وقال بولتون للصحافيين، في مركز بحثي بواشنطن، حيث طرح استراتيجية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة بخصوص أفريقيا، “أود أن يجد هذا النزاع طريقا إلى الحل إذا تمكنت الأطراف من الاتفاق على طريق للمضي قدما”.
وتأتي زيارة بوريطة بينما يسعى المبعوث الأممي هورست كوهلر إلى عقد جولة جديدة من المباحثات في جنيف، خلال شهر مارس المقبل.
وسيقوم كوهلر بجولة في منتصف شهر فبراير الجاري لحث الأطراف، التي حضرت في الجولة الأولى (المغرب والبوليساريو، إضافة إلى الجزائر وموريتانيا) على الحضور في هذه الجولة الثانية.
وتندرج زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، للولايات المتحدة الأميركية في إطار التعاون الدولي بين البلدين حسب هشام معتضد، الأستاذ والباحث في العلوم السياسية والاستراتيجية خاصة وأن المغرب يعد بلدا استراتيجيا وفاعلا حيويا في منطقة شمال أفريقيا وعلى مستوى الساحل والصحراء من المنظور السياسي، ما يعزز تبادل الخبرات والتعاون الأمني والاستراتيجي الثنائي.
ويرى معتضد أن زمن الزيارة يكتسي أهمية كبيرة تتعلق بالتطورات والمستجدات التي تهم ملف الصحراء والاستعدادات الجارية لإطلاق الجولة الثانية من المفاوضات في جنيف.
وتأتي زيارة بوريطة بعد أسابيع من زيارة أجراها وزير الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل إلى واشنطن.
وقال هشام معتضد لـ”العرب” إن “هاتين الزيارتين تدخلان في إطار صراع التموقع داخل سياسة الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة بين المغرب والجزائر”.
وأبدت الولايات المتحدة مؤخرا نوعا من الانحياز لموقف الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية وهو ما ترجم بسعيها لإنهاء مهمة بعثة المينورسو.
ويرى جون بولتون أن تحريك الحل السياسي لن يكون إلا بقطع الإمدادات المادية على بعثة المينورسو أو إنهاء مهامها بصفة نهائية. ولئن تبدو هذه الرؤية منطقية إلا أنها تغفل إمكانية استغلال البوليساريو لهذا الوضع لتصعيد استفزازاتها ما قد يؤدي إلى تصادم عسكري مع المغرب.
ومع ذلك جددت الولايات المتحدة، التأكيد على أن مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب “جدي وذو مصداقية وواقعي ويمثل مقاربة من شأنها إيجاد تسوية لقضية الصحراء”، مشددة على أن “من شأن ذلك تلبية تطلعات سكان الصحراء لتدبير شؤونها الخاصة في سلام وكرامة”.
الملفات الأمنية وخاصة المتعلقة بمكافحة الإرهاب تعد الحلقة الكلاسيكية في مجال التعاون بين الرباط وواشنطن
وستكون زيارة ناصر بوريطة والوفد المرافق له مناسبة لعقد النسخة الثانية من الاجتماع الإقليمي للمدراء السياسيين للتحالف العالمي ضد تنظيم “داعش” والذي احتضنت الصخيرات نسخته الأولى في يونيو الماضي.
وقال هشام معتضد إن ملف الصحراء هو بوصلة للمغرب في تشخيص وضبط منهجية التعامل مع البيت الأبيض والسياسة الخارجية الأميركية.
وأضاف أن التحركات الأميركية من خلال مجموعات الضغط أو أروقة المنظمات الحكومية وغير الحكومية تعد من المؤشرات المباشرة التي يتم اتخاذها كمعايير لقراءة المتغير والثابت في العلاقات الأميركية المغربية على مستوى التعاون الدولي و السياسة الخارجية.
وتأتي زيارة بوريطة إلى واشنطن بعد أيام من توجيه دعوة رسمية للمغرب، للمشاركة في مؤتمر “التهديدات الأمنية” يومي 13 و14 فبراير الجاري ببولندا، والذي يهدف إلى مواجهة “خطر الإرهاب الإيراني”.
وانطلاقا من هذا المستجد فالملفات ذات التعاون الأمني وخاصة تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب تعد الحلقة الكلاسيكية في مجال التعاون بين المغرب والولايات المتحدة الأميركية، حسبما يؤكده هشام معتضد.
وأضاف “إذا كان المغرب يعمل دائما على تنويع شركائه الاستراتيجيين، فإن الحلفاء التقليديين يشكلون الركائز الأساسية في بناء التعاون الدولي للمغرب للحرص على الحفاظ عَلى المصالح العليا ذات البعد السياسي والاقتصادي والأمني”.
وشارك ناصر بوريطة في اليوم الأول من الزيارة في أشغال لجنة الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة، وقد تمحور جدول أعمالها حول قضية الصحراء المغربية والجهود الثنائية لمكافحة الإرهاب داخل وخارج أفريقيا.
وانعقدت الثلاثاء بواشنطن، الدورة الأولى لمجموعة العمل الخاصة بأفريقيا المندرجة في إطار الحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة.
وأكد محسن الجزولي، الوزير المنتدب المكلف بالتعاون الأفريقي، أن المملكة المغربية أثبتت مدى ريادتها في ما يتعلق بالقضايا الأمنية بناء على استراتيجيات حكيمة وناجعة تهدف إلى مكافحة الإرهاب مع الحرص على تعزيز التعاون في هذا المجال مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول حليفة أخرى.