الاقتصاد الأزرق ركيزة جديدة للتنمية في المغرب

تسارعت خطوات المغرب لبلورة معالم الاقتصاد الأزرق ليكون إحدى الدعائم المستدامة للتنمية الشاملة في البلاد من خلال خارطة طريق لتطوير قطاع الصناعة السمكية وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد المقبل.

كثفت الحكومة المغربية من تحركاتها في الفترة الأخيرة في كافة الاتجاهات بهدف تطوير قطاع صناعة الأسماك وتعزيز دوره في الاقتصاد بشكل أكبر بحلول سنة 2030.

وتسعى الرباط للاستعانة بالعديد من التجارب للرفع من مساهمة الاقتصاد الأزرق من بينها النموذج الأسترالي عبر تركيز مجالات التكوين والبحث والسلامة الإحيائية، إلى جانب مشاريع التنمية.

وشكل لقاء وزير الزراعة والصيد البحري المغربي عزيز أخنوش بنظيرته جاكلين سيمس وزيرة الزراعة لولاية فيكتوريا الأسترالية الاثنين الماضي فرصة لمناقشة هذا الموضوع.

وقال أخنوش في مؤتمر صحافي إن “أستراليا تعتمد على رؤية تُركز أساسا على جودة المنتجات والسلامة الإحيائية، وهي جوانب تهم المغرب بصفة خاصة”، مشيرا إلى أن البلدين مهتمان بتطوير المزيد من الشراكات في هذا المجال.

1.7 مليون طن من الأسماك يطمح المغرب إلى إنتاجها سنويا بحلول العام 2030 وفق استراتيجية أليوتيس

ويرى مختصون في القطاع أن المغرب مؤهل لأن يصبح عاصمة بحرية بسبب الثروة البحرية الكبيرة، وما يوازيها من موارد هائلة قابلة للتجديد لاسيما وأن المنتجات البحرية تشكل نصف صادرات الصناعات الغذائية للبلاد.

وتسعى الحكومة لزيادة عائدات التصدير لتبلغ نحو 3 مليارات دولار بحلول العام المقبل، في الوقت الذي تتوقع فيه منظمة الأغذية والزراعة (فاو) ارتفاع إنتاج البلاد بنحو 18.2 بالمئة بحلول 2030 ليصل إلى 1.7 مليون طن من الأسماك سنويا.

وكان المغرب قد أطلق قبل عشر سنوات استراتيجية “أليوتيس”، كما أنشأ الوكالة الوطنية لتنمية وتربية الأحياء المائية في 2011، بهدف تطوير قطاع الصيد البحري ودارسة أبرز التحديات التي تواجهه.

وتسهم أنشطة الصيد البحري بشكل كبير في ضمان الأمن الغذائي للمغرب، إذ تعد من أكثر القطاعات الاقتصادية توفيرا لفرص العمل وأسرعها نموا.

ووفق البيانات الرسمية، يشغل القطاع 97 ألف شخص، وهو ما يمثل 84 بالمئة من الأهداف التي تخطط الدولة لتحقيقها بحلول العام المقبل في إطار مخطط أليوتيس، فضلا عن 108 آلاف صياد.

وحاليا، يساهم الاقتصاد الأزرق بما يقارب 2 بالمئة في الناتج الداخلي الإجمالي، وهي نسبة قليلة بحسب البعض بالنظر إلى طول السواحل المغربية.

ويؤكد أحمد الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن امتلاك المغرب المؤهلات البحرية يمكّنه من جعْل الاقتصاد الأزرق ركيزة أساسية لتعزيز قوة الاقتصاد الوطني لبناء النموذج التنموي الجديد الذي يطمح إليه.

وتطل البلاد على واجهتين بحريتين هي البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، بسواحل يبلغ طولها 3.5 آلاف كلم وتضم ثروة سمكية هائلة، ولدى المغرب نحو 1.2 مليون كلم مربع من المنطقة الاقتصادية البحرية.

وعلى صعيد الإنتاج الإجمالي للأسماك البحرية الطبيعية، يحتل المغرب المرتبة 13 عالميا ما يجعله ضمن البلدان الرئيسية في إنتاج الثروة السمكية عبر العالم، بينما يتصدر الدول العربية والأفريقية.

ووفق تقرير “حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم لسنة 2018”، الذي يصدره الفاو، فإن الإنتاج الإجمالي الوطني للأسماك البحرية الطبيعية بالمغرب لسنة 2016 بلغ 1.43 مليون طن بزيادة 81 ألف طن عن العام السابق.

أحمد الشامي: امتلاك المغرب المؤهلات البحرية يتيح له تعزيز قوة الاقتصاد الوطني
أحمد الشامي: امتلاك المغرب المؤهلات البحرية يتيح له تعزيز قوة الاقتصاد الوطني

ورصد تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي صدر العام الماضي، معاناة قطاع الصيد التقليدي من عدة مشكلات اجتماعية رغم الجهود المبذولة في إطار برنامجي إبحار1 وإبحار2، واستفادة أقلية من الصيد في أعالي البحار.

ويعد قطاع تربية الأحياء المائية والمعروف باستزراع الأسماك، ضمن المشاريع ذات الأولوية بالنسبة للرباط، حيث ينتج 510 أطنان سنويا.

ولكن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يرى أن هذا المجال غير متطور بالقدر الكافي بالمقارنة مع بلدان أخرى في المنطقة، بسبب تحديات تتعلق بالعقارات والتمويل والنظام الضريبي.

وأشار خالد بنسامي، رئيس لجنة البيئة والتنمية بالمجلس إلى إحدى الإشكاليات الكبرى التي يعاني منها الاقتصاد الأزرق المغربي وتتمثل في عدم التنسيق بين مختلف المتدخلين في هذا القطاع.

واعتبر أن الاستراتيجية الوطنية التي أوصى بها المجلس الاقتصادي والاجتماعي ستُمكّن من وضع تخطيط سليم للقطاع البحري، بما يسمح بتنسيق تدخلات كافة الأطراف، والحدّ من التدافع في ما بينها.

ويتوقع أن يستفيد المغرب أكثر من الإمكانيات التي يتيحها الاقتصاد الأزرق إذا تمّ تكثيف التنسيق بين مختلف القطاعات المعنية عبر رؤية استراتيجية بعيدة المدى مبنية على مقاربة تشاركية وشاملة ومتكاملة.

وتهدف الخطوة إلى زيادة الإنتاج واستغلالها بشكل أفضل بما يمكّن من صناعة الثورة وتوفير فرص عمل جديدة في مجال التشغيل، وتعزيز إمكانات القطاعات ذات العلاقة بالاقتصاد الأزرق، مع الحفاظ على البيئة البحرية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: