التراشق بالتصريحات لا يتوقف داخل الائتلاف الحاكم في المغرب
لا يتوقف التراشق داخل الائتلاف المغربي الحاكم وتحديدا بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار. وشن سعدالدين العثماني رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية هجوما على حزب الأحرار الذي لم يذكره بالاسم قائلا “هناك حزب سياسي معنا في الحكومة، إذا وقعت مشكلة يلوم الآخرين، وإذا كانت أمور إيجابية ينسبها لنفسه”. وذلك على خلفية البلاغ الذي أصدره حزب الأحرار متهما فيه حكومة رئيس الحكومة الأسبق عبدالإله بنكيران بإصادار مرسوم الفوترة الرقمية التي تسببت في اندلاع احتجاجات التجار.
ورد عزيز أخنوش، رئيس حزب الأحرار في اجتماع المجلس الوطني الأحد بالرباط، قائلا “إن وزراء التجمع الوطني للأحرار مسؤولون، ولو أردنا التكلم عن تصريحات وزراء العدالة والتنمية لأخذنا أسبوعا ولكننا نحترمهم ونعتبرهم شركاء، وعليهم أن يحترموا المؤسسات الحزبية”.
ويقول مراقبون إن هذه الحرب الكلامية بين حليفين رئيسيين في الحكومة تشير إلى عدم انسجام في الرؤى السياسية لمجموعة من القضايا السياسية والاجتماعية، ما يشكك في مسألة التضامن الذي يتغنى به جميع الأعضاء في الائتلاف.
عزيز أخنوش دأب منذ انتخابه على رأس الحزب على إعادة هيكلة جديدة للحزب باستقطاب الشباب والنساء بشكل خاص، إلى جانب افتتاح مجموعة من المقرات الجهوية
وقال عزيز أخنوش الذي يشغل أيضا منصب وزير الفلاحة والصيد البحري “إن مساهمة التجمعيين تمّت بشكل جد إيجابي وأن هناك حلفا يربط حزب التجمع بالحكومة حتى ينتهي وقتها بعيدا عن التشويشات، وكل شيء بوقته”. في حين أوضح العثماني أن هذه الممارسات السياسية غير إيجابية، وأنه كان يمكن “للأحرار” أن يعبروا عن رأيهم داخل الحكومة في إطار التضامن الحكومي، وليس عبر البلاغات.
والواضح أن السباق الانتخابي وصراع المواقع بين الأحرار والعدالة والتنمية قد استكملت ملامحهما في الآونة الأخيرة خصوصا وأن حزب عزيز أخنوش تحدث عن مستقبل التحالفات بعد انتخابات 2021 والتي ستتم على المستوى الوطني بعد تقييم تجارب الحزب مع باقي الأحزاب.
وهو ما يستشف منه أن الأحرار يخشى على مركزه الانتخابي وصورته أمام الرأي العام مما يروجه خصومه عليه خصوصا بعد إضرابات التجار الصغار، ما دفع عزيز أخنوش إلى القول إن “التجمع الوطني للأحرار ليس دكانا سياسيا بل هو حزب يستمع للمواطنين ويجد حلولا لهم”. ودعا المنتسبين إليه إلى عدم الالتفات، لا يمينا ولا شمالا، لأن الحزب سائر إلى الأمام.
ويستعد التجمع الوطني للأحرار إلى المعركة الكبرى مع العدالة والتنمية على عدة مستويات إعلاميا وسياسيا، ولهذا يحاول قادة الحزب خلق مسافة بين عملهم كوزراء داخل حكومة يقودها العدالة والتنمية ونشاطهم الحزبي.
وأوضح عزيز أخنوش “استعداد أعضاء الحزب لدخول مرحلة 2019، التي سيتم خلالها تنفيذ برنامج جد مهم لالتقاء النساء والشباب والمهندسين والمنتَخَبين، والتحاور معهم، والإعداد، حتى تكون جميع تنظيماتنا في هذه السنة متكاملة ومنسجمة لندخل مراحل أخرى تهمّ عددا من الأنشطة السياسية”.
وكان عزيز أخنوش قد تأثر سياسيا واجتماعيا خلال حملة مقاطعة واسعة لإحدى شركاته خلال النصف الثاني من سنة 2018، وتوارى إلى أن خفت الحملة ليعود إلى الساحة السياسية بقوة في الآونة الأخيرة متحديا خصمه الأول العدالة والتنمية.
السباق الانتخابي وصراع المواقع بين الأحرار والعدالة والتنمية قد استكملت ملامحهما في الآونة الأخيرة
ويرى أكثر من متابع للشأن الحزبي بالمغرب أن قيادة التجمع الوطني للأحرار تريد تفادي الأخطاء التي ارتكبها حزب الأصالة والمعاصرة في صراعه مع العدالة والتنمية، وهدفه هو تصدر انتخابات 2021 ونفي الصفة التي يسمه بها خصومه بأنه حزب الدولة كلمز سياسي بأنه لا تهمه مصلحة المواطنين.
ويردد عزيز أخنوش دائما أن ما يهم حزبه هو “المواطن، والمسؤولية، وكل شخص من حقه قول ما يريد، وذلك لا يهمّنا، وما يهمّنا هو الاشتغال والعمل”.
ودأب عزيز أخنوش منذ انتخابه على رأس الحزب على إعادة هيكلة جديدة للحزب باستقطاب الشباب والنساء بشكل خاص، إلى جانب افتتاح مجموعة من المقرات الجهوية ستضطلع، حسب أخنوش، بدور فضاء للتواصل واللقاء بين الشباب والنساء والتنظيمات الموازية للحزب من قبيل الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية، والفيدرالية الوطنية للمرأة التجمعية.
وفي سياق المعركة المحتدمة بين العدالة والتنمية والأحرار بشكل خاص اعتبر سعدالدين العثماني أن “ما نتعرض له هو هجوم على العمل السياسي أساسا”، موضحا أن “حزبه لا يتصرف بمنطق انتخابي، كون انتخابات 2021 مازالت بعيدة”. وأبدى استغرابه من “بعض الأطراف التي أشرفت على الحكومات والجماعات لأزيد من عقد من الزمن وتزايد الآن على حزب العدالة والتنمية”.