نور الولاية الخامسة لبوتفليقة يلوح في الأفق!
لم يعد تكتم السلطة بشأن مرشحها للانتخابات الرئاسية يجذب أنظار الجزائريين الذين بدأ يتأكد لديهم أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى مناورة لربح الوقت قبل أن تعيد السلطات ترشيح الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة لولاية جديدة في آخر لحظة، وهو ما كشف عنه رئيس الوزراء أحمد أويحيى.
وأكد أويحيى، وهو في الآن نفسه رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي الشريك في الحكم، أن بوتفليقة سيعلن قريبا عن ترشحه للانتخابات الرئاسية، وأن “نور الولاية الخامسة بدأ يلوح في الأفق”، في إشارة إلى معطيات تكرّس خيار أحزاب السلطة في استمرار بوتفليقة.
وألمح أويحيى في اجتماع حزبي إلى أن خطاب التغيير والقطيعة الذي ترفعه بعض الأطراف، سيتراجع أمام رغبة الأحزاب والقوى الفاعلة التي ترافع من أجل الاستقرار والاستمرار، وأن بوتفليقة سيعلن عن ذلك سواء برسالة للرأي العام أو عبر تكليف شخصية معينة للقيام بالمهمة.
ورغم مخاوف معظم المرشحين من الغلق المبكر للاستحقاق في حال ترشح بوتفليقة، وتحذيرهم من تبعات ما وصفوه بـ”المغامرة”، لا يبدي المرشح المنافس الجنرال المتقاعد علي غديري أي انزعاج من الأمر، فقد صرح في أول ظهور إعلامي له بأنه “يضع ترشح بوتفليقة بعين الاعتبار، لكن مشروعه لا يبنى على ترشح بوتفليقة أو عدمه”.
ووسع أويحيى من دائرة أهدافه لتشمل المرشح المستقل علي غديري، وتركة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد التي يمثلها رئيس حكومته مولود حمروش، الذي حذر في رسالة له عشية الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية، من مغبة الذهاب إلى الاستحقاق الرئاسي بالأجواء السائدة، ومن تبعات خيارات السلطة على الدولة.
وذكر رئيس الوزراء أن “البعض يربط السياسة بالتغيير بل بالقطيعة، ونحن نرى أن المستقبل في الاستمرارية لأننا في بلد يبني وينظم بيته.. بلد خارج من عنق زجاجة الأزمة”، واستدل على ذلك بعدة نماذج على غرار ألمانيا والصين.
وجاءت تصريحات أويحيى بعد هجوم شنه النائب البرلماني عن جبهة التحرير الوطني بهاءالدين طليبة، عاكسا الاستشعار بالخطر الذي يخيم على معسكر السلطة بعد الاستقطاب المبكر الذي شكله المرشح المستقل علي غديري، وانخراط عدد من الشخصيات الوازنة في صفوفه، مثل الحقوقي مقران آيت العربي، والخبير الاقتصادي فرحات آيت علي.
وذكّر بهاءالدين طليبة في تصريحات للصحافيين، بأن “الخطاب الذي أظهره علي غديري يعكس محدودية التمرس السياسي، وحتى التهوّر الذي قد يدفع بالاستحقاق إلى انزلاقات غير معلومة العواقب”، في إشارة إلى مفردات التحدي التي كررها الرجل أمام وسائل الإعلام.
وكان الجنرال المتقاعد قد هدد بالقول “إما أنا وإما هذا النظام”، و”لا تخيفني الدبابات ولا الطائرات في تنفيذ مشروع القطيعة”، وذلك حين سئل عن رسائل التهديد التي استهدفته خلال الأسابيع الماضية من طرف قائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح.
واستقبلت مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية إلى حدّ الآن، أكثر من 170 طلبا للترشح أغلبها لشخصيات مستقلة من مختلف الفئات الاجتماعية، وإن كان يتوقع سقوط جلها في أول تحدّ من خلال عدم القدرة على جمع الـ60 ألف توقيع موزعة على 25 محافظة بموجب التشريعات المنظمة للاستحقاق، فإنه ينتظر خوض السباق من طرف عدد معتبر من المرشحين، عكس الاستحقاقات السابقة، قياسا بالوعاء الانتخابي الملحوظ للكثير من هؤلاء.
ورغم أن المرشح الأقرب للسلطة، الرئيس الحالي بوتفليقة، لم يحسم المسألة إلى حد الآن واختار تمديد حالة الترقب، فإن أنصار الولاية الخامسة يدرجونها في حكم المطلق، وقد شرعت أحزاب السلطة في استنفار قواعدها، وبدأت قياداتها تتهيأ لعقد لقاء في التاسع من الشهر الجاري لوضع اللمسات الأخيرة لمباشرة الحملة الدعائية.
وفيما لم يتسن التأكد من التسريبات التي تتحدث عن شروع أحزاب السلطة في جمع التوقيعات، لصالح المرشح عبدالعزيز بوتفليقة، فإن مصدرا برلمانيا نفى المسألة نفيا قاطعا، واعتبرها “حملة لتشويه صورة مرشحهم لدى الرأي العام، والإيحاء المبكر بممارسة أحزاب السلطة للتزوير وغلق اللعبة السياسية”.
وشدد المصدر على أن “الأحزاب العريقة لها تقاليد سياسية وتحترم النصوص والتشريعات ولا يمكن أن تقوم بشيء من هذا القبيل، والرجل لم يعلن بصفة رسمية عن ترشحه للانتخابات الرئاسية”.
وتسجل شبكات التواصل الاجتماعي سجالا محتدما بين أنصار بوتفليقة وغديري، ففيما توجه الانتقادات السياسية العادية والمتداولة في الرأي العام لمرشح السلطة وللقوى السياسية المؤيدة له، يرفع أنصار بوتفليقة أوراق المناطقية والأقلية الأيديولوجية والدوائر الضيقة وشعارات الثوابت والمبادئ القومية في وجه الجنرال المتقاعد، على خلفية ظهوره وسط تكتل إعلامي وسياسي وأيديولوجي يوصف بـ”الأقلية والمعاداة للهوية الوطنية”.