آمال ضعيفة تحيط بجولة المفاوضات القادمة بشأن الصحراء المغربية
يستعد المبعوث الأممي إلى الصحراء هورست كولر لعقد جولة جديدة من المفاوضات بين الأطراف المعنية بالنزاع، وسط توقّعات ضعيفة بإحراز تقدّم في ظل استمرار الجمود بين المغرب والجزائر.
تحيط آمال ضعيفة بجولة المفاوضات القادمة بشأن النزاع الصحراوي. وتعتزم الأمم المتحدة عقد جولة محادثات جديدة في مارس المقبل تهدف إلى تسوية نزاع الصحراء المستمرّ منذ عقود، على الرغم من عدم تحقيق الجولة السابقة أي تقدّم جدّي.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية هورست كولر خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن إنه ينوي عقد اجتماع يضم الجزائر، وجبهة بوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) المدعومة من الجزائر، والمغرب وموريتانيا لمتابعة الاجتماعات التي عقدت بجنيف في ديسمبر الماضي.
وكولر رئيس سابق لألمانيا تولّى مهامه كمبعوث أممي في 2017، وقد منحه المجلس “تأييدا بالإجماع” لمقاربته الحذرة والمتأنّية في جمع كافة أطراف المفاوضات.
وقال السفير الألماني كريستوف هويسغن “الجميع يتطلّع إلى الجولة المقبلة من المحادثات التي نتوقّع أن تجرى في مارس”، مضيفا “ما علينا فعله الآن هو تحقيق تقدّم”.
ويقول سعيد الصديقي الخبير المغربي في العلاقات الدولية، إن تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية شرط أساسي لنجاح المفاوضات حول إقليم الصحراء، المتنازع عليه بين الرباط وجبهة البوليساريو.
ويوضّح الصديقي أنه لا فرصة لنجاح أي لقاءات أو مفاوضات حول إقليم الصحراء، قبل التطبيع الكامل في العلاقات المغربية الجزائرية وإعادة الثقة بينهما.
ويلفت إلى أن “الطاولة المستديرة”، التي جمعت بلاده والبوليساريو، والجزائر وموريتانيا في وقت سابق من العام الماضي، “لم تفض إلى أي نتيجة مشجعة أو إيجابية”. ويتوقع الصديقي أن “تلي الجولة الثانية جولات أخرى، وقد يصل الأمر إلى مرحلة الدخول في جولات مفاوضات مباشرة”.
وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب والبوليساريو إلى العام 2012، ومنذ ذلك التاريخ، لم يطرأ أيّ شيء يذكر.
وبدأ النزاع حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحوّل الخلاف بين المغرب والبوليساريو إلى نزاع مسلح توقف عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
وتصرّ الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادتها، بينما تطالب “البوليساريو” بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم.
ويرى الصديقي، أنه “لن تحدث أي انفراجة في مسار التسوية لقضية الصحراء، ما لم توفر الشروط الملائمة لنجاح المفاوضات”. وشدد على ضرورة تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر من أجل التقدم في أي مفاوضات.
وفي 6 نوفمبر الماضي، دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس الجزائر إلى إنشاء لجنة مشتركة لبحث الملفات الخلافية العالقة، بما فيها الحدود المغلقة.
وشدد الملك محمد السادس على أن الرباط “مستعدة للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، لتجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين”.
وفي 22 من الشهر ذاته، دعت الخارجية الجزائرية إلى عقد اجتماع لوزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، في “أقرب وقت”، لبحث إعادة بعث التكتل الإقليمي.
لكن الرباط أعربت في 26 نوفمبر، عن أسفها “لغياب رد رسمي من الجزائر” على الدعوة، وطلب وزير الخارجية ناصر بوريطة، من الجزائر “بوضوح” ضرورة الرد رسميا على مبادرة العاهل المغربي.
ويعتبر الصديقي أنه “في ظل الوضع الراهن، حيث لا تزال كل الأطراف متشبثة بمواقفها التقليدية لاسيما الجزائر والبوليساريو، اللتين تريان أن الحل فقط في انفصال إقليم الصحراء، لن ينظر المغرب بإيجابية وتفاؤل إلى هذا المسار”.
ويتابع “كل ما سيحدث أن تتوالى جولات وجولات من اللقاءات قد تتطور إلى مستوى المفاوضات المباشرة، لكن لن تحدث انفراجة أو تحوّل في مسار قضية الصحراء ما لم تكن هناك ظروف ملائمة لنجاحها، والمتمثلة في تطبيع كامل للعلاقة بين المغرب والجزائر”. ويتوقع الخبير أن “يساير المغرب مبادرات الأمين العام للأمم المتحدة، ويستجيب لدعواته للمشاركة في الجولات القادمة”.
ويعتبر الصديقي أن بلاده “لا تعوّل كثيرًا على هذا المسار ما لم يكن هناك حوار شامل وعميق وصريح مع الجزائر”.