لا أكف عن الحلم

أملأ فراغات السطور.. بفراغاتٍ أكبر.. ويتبرعمُ الفضاءُ كلماتٍ واقترافات واُمنياتٍ مؤجّلة.. ولا شيءَ يعرّشُ فوقَ خابية الكسلِ سوى ما مضى.. ممزوجاً بما لن يجيء.. ولا شيء.. لا شيء.. لا شيء..

أتفاقمُ تذكّراً وفقاعاتٍ.. ولا تداهمني سوى خيوط عنكبوتٍ أحكمَتْ نسج حريرها حول فراغ أيامي.. لتتركني ذاهل العينين فاغر القلب!..

لكنني أجفلُ أحياناً بطفولة مكتملة النصاب.. لأقبضَ على فرحٍ عابر يمرّ خلسة ًمني وعلى أطرافِ أصابعهِ مثل لصٍ مستجد.. فأضبطه متلبساً بالتلصّص على وحدتي.. وأحتضنه اُماً تمسكُ بطفل جميل لا يعرفها.. فيبقى يحاول التملّص.. لتداعبه.. فيضحك!..

“صباح الفرح.. أيها الفرح الهاربُ من قبضتي.. لن اُفلتك بعد الآن.. وساُصدّقك.. صدّقني سأفعل..”

كيف أوقعتني السذاجة مرة اُخرى في شَرَك التصديق؟!.. تطوّقني تفاصيل الترقب من جديد.. فأصدّقها هي الأخرى…. ساذج.. وأحمق  مثلَ بعوضة ثملة!.. أتهجى قافية قلتُها.. وأقرأُ تفاصيلَ لن أقولها إلا فوق نومٍ متذبذبٍ لا ألمسُ من حلمه غيرَ صباحٍ معتادٍ.. يغسلُ غبارَ الأمسِ ويمسحُ بلاط ذاكرةٍ لا يكفّ عن الإتساخ..

مفرد … منفرد….متوحد.. متغرّب.. أضحكُ بغضاضةٍ طائرٍ.. وأبكي بوجعِ ذئبة.. ولا أكفّ ُعن الحلم.. وحدهُ قرص إنفلاتٍ يبتلعني.. فأغطّ وأغيب سكرى باُمنياتٍ مستحيلة..

أعتدلُ أحياناً في التشظّي.. وأصطفي الجدارَ نديماً مثل سراطٍ شبه مستقيم.. فلا اُحيدُ عنه ولا أميل.. وأدور في ذات اللولبة المحكمة الإغلاق.. خشية آخرينَ يقتنصون حتى ذرات الدخان في رئتي..

الله يادخان! يا راحة حريق الروح!.. يا ملاذي!.. من لي أن أستحيلَ طاحونة تبغٍ لاُشعل العالم في داخلي ولا أشتعل!.. فلا يحسّ الجدار حولي بسوى جليده متوحّداً.. ولا ترى المرآة مني غير وجهٍ متبسّم ٍ يقتنصُ الفرح عنوة.. في انتظار نهاية تضع نقاطها على حروف فراغي..

حريقٌ وجليدٌ وغربة ٌواغترابٌ وقلقٌ وتوجّسٌ ومللٌ وفراغ ٌوضياع ٌوتلفّت ولا جدوى.. لكنني اُحبّ!.. دائماً اُحبّ!.. عاشق شغوفٌ لا أحيا بلا شغفي.. أشتري بالحماقةِ ماءَ ريقي لئلا يلسعني الهواءُ أو تجفّ أعضاءُ انتظاري لمطرٍ بعيد..

اُحبّ.. برغم الآخرين الذين يشاكسون هوائي خوفَ جنونٍ.. أو خشية عينين حانيتين أو أصابع ترتجف.. اُحبّ.. ولا أكفّ حلماً.. أتنفـّسُ أحبتي.. وأصدقاء روحي.. واُقبّلُ قلوبهم المجبولة بقلبي.. فأرتفع فوق عالمي ولو لهنيهة..

قد أصدأ ترقـّباً.. وقد تتكاثرُ خيوطُ الشيبِ حولَ قارعتي لتنسجَ حبلَ اختناقي.. لكن رفيفَ أجنحتي يبقى عصيَ القيدِ..

وتبقى مهرةُ روحي سارحة اللجام عاتية.. وأظل مثل ذئب بتول اُصلي لفرحٍ قد يجيء..

وسيجيء.. بك أو بدونك!.. معك أو مع شغفٍ مخبوءٍ يتربع فوق عرش خَبَلي واحتدامي من جديد..

ثمة مجيءٌ مفعمٌ بالورد.. مطزرٌ بنجوم تتلألأ مثل كرنفالِ سماءٍ عروس.. لا يتوقفُ عنده الحزن.. ولا تكشّـرُ له الحياة عن أنياب دامية.. ثمة فرحٌ يشبه الوعد الحق.. ومَن سوى طفولتي أجدر به ؟..

وتبقى شفة انتظاري ترددُ قول طاغور: “أعرف ان قلبي سيتفتح كالزهرة بانتظار الموسم الجميل..!”

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: