فضيحة كوكايين جديدة في الجزائر
يتطلع الشارع الجزائري إلى ارتدادات قوية محتملة، على شاكلة التداعيات التي خلفتها قضية شحنة كوكايين تفجرت الصيف الماضي، بعد حجز قوات خفر السواحل في شرق البلاد، لكمية معتبرة من المخدرات، قبالة الشاطئ المقابل لمصنع تكرير النفط بمدينة سكيكدة.
وحجزت وحدات للجيش ليل الجمعة / السبت، كمية معتبرة من مخدر الكوكايين، بعد إبلاغها من طرف قوات حرس السواحل، بالعثور على حقائب مقفلة بإحكام تحتوي على كميات معتبرة من الكوكايين.
وذكرت مصادر محلية لـ”اخبارنا الجالية ” أن “الكمية المحجوزة لحد الآن تقدر بنحو 340 كلغ من الكوكايين، كانت معبأة داخل عبوات بلاستيكية ذات مادة عازلة للمياه، والعبوات معبأة بدورها في حقائب”.
ولم يتضح مصدر الكمية المحجوزة، إلا أن الفرضية المرجحة هي أن يكون أشخاص قد رموا بها في عرض البحر بعد استشعار خطر ما، أو تحسبا لعملية تحويلها إلى الشاطئ بواسطة غطاسين في الشبكة المحتملة.
وتداولت مواقع إخبارية محلية وصفحات شبكات التواصل الاجتماعي، الفضيحة الجديدة بالتلميح إلى الكمية المعتبرة التي تم احتجازها الصيف الماضي بميناء وهران، وكانت لها ارتدادات سياسية قوية تجسدت في حملة تغييرات واسعة في هرم المؤسستين العسكرية والأمنية.
وأشار هؤلاء إلى سر تزامن العملية مع الاستحقاق الرئاسي المقرر في الـ18 من شهر أبريل القادم، لاسيما في ظل الغموض الذي يكتنف مرشح السلطة، ومآلات الصراع بين الأجنحة النافذة، وأشاروا أيضا إلى إمكانية إثارة سيناريو الصيف الماضي، قبل أقل من تسعين يوما على موعد الانتخابات الرئاسية.
وكانت فضيحة الـ701 كلغ من الكوكايين التي أحبطتها وحدة عسكرية في ميناء وهران نهاية شهر مايو الماضي، قد تسببت في سقوط العديد من القادة والضباط السامين في المؤسستين العسكرية والأمنية، وعلى رأسهم مدير جهاز الأمن الجنرال عبدالغني هامل، الذي كان يوصف بـ”ذراع بوتفليقة الأيمن” وأحد الفاعلين في الحلقة الضيقة لمحيط الرئاسة.
وطرحت حينها بقوة فرضية الصراع بين العسكر بقيادة الجنرال قايد صالح، وبين محيط الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، قبل أن يتكرس التوافق بين الرجلين في الأسابيع الأخيرة، وهو ما تجلى في دعم غير مباشر من طرف قائد الجيش للرئيس بوتفليقة، وهجومه الشرس على ضباط سابقين رافضين لاستمرار السلطة الحالية.
السلطة تعمل على إثارة أجواء من الخوف لفرض أجندة الأمر الواقع، وأن خطاب التهويل يستهدف التأثير على توجهات الناخبين وتحذيرهم من مغبة المغامرة بالتصويت لصالح مرشح غير السلطة
وينتظر متابعون أن يثير إحباط عملية ميناء سكيكدة (300 كلم شرقي العاصمة)، لغطا سياسيا جديدا يسوّق لدور المؤسسة العسكرية في حماية البلاد من المخاطر المحدقة بها، واستهدافها المستمر من طرف قوى خفية، بشكل يروج لحتمية الاستمرار والاستقرار في هرم السلطة.
وكان قائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح، قد صعّد من لهجة التحذير من المناورات المحيطة بالبلاد، وألمح إلى امتدادات مفترضة في الداخل، جاءت في صيغة تلميحات إلى ما وصفه بـ”دوائر خفية” و”جهات مغامرة”، تدفع ببعض الأطراف إلى الواجهة السياسية.
وصرح في زيارة تفقدية للناحية العسكرية الأولى، بأن “استهداف محطة تيقنتورين العام 2012، كان يستهدف ضرب مصالح الجزائر والإساءة إلى سمعتها “، وتوعد بأن “يضطلع الجيش بتأمين الانتخابات الرئاسية، ويحترم التشريعات الناظمة بتصويت عناصره خارج ثكناتهم”.
وأفضت التحقيقات الأولية في شحنة الصيف الماضي، إلى ضلوع عدد من الشخصيات وأقارب مسؤولين كبار في أجهزة عسكرية وأمنية وإدارية وقضائية، ولا يزال التحقيق مستمرا مع المتهمين الرئيسيين في الفضيحة، وعلى رأسهم المدعو كمال شيخي، المالك لشركة استيراد وتموين باللحوم.
وذهب معارضون سياسيون إلى أن السلطة تعمل على إثارة أجواء من الخوف لفرض أجندة الأمر الواقع، وأن خطاب التهويل يستهدف التأثير على توجهات الناخبين وتحذيرهم من مغبة المغامرة بالتصويت لصالح مرشح غير السلطة، بإثارة وافتعال مخاوف ميدانية واستحضار أجواء أمنية سابقة.
وذكر رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس أن “خطاب الحياد المروج له في خطاب القيادة العسكرية، لا يعكس حقيقة التوجهات الحقيقية، في ظل سياسة الكيل بمكيالين تجاه الفاعلين السياسيين، وأن اللهجة التصعيدية ضد هذا الطرف، واللطيفة مع الطرف الآخر، تضع الجيش في صلب التجاذب السياسي”.
وباشرت السلطات الأمنية في محافظة سكيكدة، فتح تحقيق في ملابسات الشحنة، ولو أن الفارق بين العمليتين، هو العثور على شحنة المخدرات في عرض البحر، ولم يتم التوصل أو الكشف عن تفاصيل أخرى، خاصة حول فرضية فرار عناصر الشبكة في عرض البحر، ولا يستبعد إحداث صدى سياسي وإعلامي خلال الأيام المقبلة.