روح التعايش بين الأديان جوهر الإسلام

يشدد الدكتور صابر مولاي أحمد الباحث المشرف على تنسيق الدراسات والأبحاث بمؤسسة مؤمنون بلا حدود في العاصمة الرباط، على أن قيم التعايش السلمي والتسامح بين الأديان وبين البشر مهما اختلفت ثقافاتهم ومعتقداتهم هي في صميم جوهر الدين الإسلامي، مؤكدا على أهمية الانفتاح والتبادل الثقافي بين الديانات والحضارات.

وقال مولاي أحمد، في حوار مع “أخبارنا الجالية ”، إن “الحديث عن التعايش والتسامح في الإسلام بين كل الشركاء في الوطن والأرض واللغة المختلفين في الثقافة أو الدين هو حديث في حد ذاته عن روح الإسلام وجوهره”.

وأوضح أن الإسلام يأخذ مفهومه في مدارات مفردات القرآن الكريم وحقله الدلالي من قيمة السلم والسلام والرحمة كقاعدة أساسية في بسط مقصد التعارف بين الشعوب ذات الخصوصيات الدينية والثقافية المتعددة عبر الزمن؛ وهو بذلك يتجاوز ويحط من قيمة نصرة الانتماء إلى القبيلة أو العشيرة أو المذهب أو الطائفة الدينية أو الحزب وما شابه ذلك.

ويشدد الباحث على أن روح الانتماء في الإسلام هي انتماء إلى الأصل، مشددا على أن الإنسانية لا تتحقق إلا بالإعلاء من قيمة الخير وذلك بالحرص على ما فيه مصلحة الصالح العام، التي هي مصلحة مقترنة بالأخذ بسبل العمل الصالح وذلك بالتعاون على البر والتقوى والإعراض عن الإثم والعدوان بين الناس.

صابر مولاي أحمد: التعارف بدل الحرب والتصادم، أمر وقيمة يتحققان بالإرادة الإنسانية التي تأخذ بسبل الفكر
صابر مولاي أحمد: التعارف بدل الحرب والتصادم، أمر وقيمة يتحققان بالإرادة الإنسانية التي تأخذ بسبل الفكر

وأشار صاحب كتاب “منهج التصديق والهيمنة في القرآن الكريم” إلى أهمية الانفتاح بين الثقافات وهي قيمة أكد عليها القرآن. ويقول مولاي أحمد “التعارف بدل الحرب والتصادم، هو أمر وقيمة يعود تحقيقهما إلى الإرادة الإنسانية التي تأخذ بسبل العلم والمعرفة والفكر والعقل والعقلانية”.

وشدد الباحث في شؤون التعايش بين الديانات على أن الله يريد منا أن نفهم المجتمع الذي نحن فيه أو غيره تبعا لمقتضيات العلم والمعرفة الإنسانية. وقال “حينها سنبصر بنور العلم أن الأخذ بمنظومة القيم الإنسانية العليا، وعلى رأسها الرحمة والإعلاء من قيمة السلم والسلام، سيعود بالنفع على الصالح العام، كما ستتبين لنا من خلال العلم آثار الخراب النفسي والاجتماعي، عندما تقدم لغة العنف على حساب لغة الحوار والاعتراف المتبادل”. وأشار الدكتور مولاي أحمد صابر إلى أن الناس دائما في حاجة لبعضهم البعض، وهذا مسلك يجد كينونته منذ القدم لدى كبار الحكماء؛ مستدلا بقول الجاحظ “ثمّ اعلم أنّ حاجة بعض الناس إلى بعض، صفة لازمة في طبائعهم، وخلقة قائمة في جواهرهم، وثابتة لا تزايلهم، وحاجتهم إلى ما غاب عنهم ممّا يعيشهم ويحييهم كحاجتهم إلى التعاون على معرفة ما يضرّهم”.

كما يتدعم نفس الموقف، وفق الباحث، بقول الفارابي “وكلّ واحد من الناس مفطور على أنه محتاج في قوامه، وفي أن يبلغ أفضل كمالاته، إلى أشياء كثيرة لا يمكن أن يقوم بها كلّها وحده؛ بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه؛ فلذلك لا يمكن أن يكون للإنسان الكمال الذي لأجله جعلت له الفطرة الطبيعية، إلا باجتماعات جماعة كثيرة متعاونين، يقوم كلّ واحد لكلّ واحد ببعض ما يحتاج إليه في أن يبلغ الكمال”.

وخلص صاحب كتاب “مفهوم النص: قراءة تحليلية للمفردة القرآنية” إلى أن البشر جميعا مشتركون في الهوية إذ أنهم بمثابة حاصل تاريخي للتجربة الإنسانية بأسرها كما يرى الفيلسوف الفرنسي إدغار موران الذي يقول “إننا نمتلك جميعا ما وراء اختلافاتنا الفردية، والثقافية والاجتماعية هوية ورائية ودماغية، ووجدانية مشتركة، إننا نتاج التطور الذي شهدته الحياة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: