“الهاكا” المغربية تنذر قنوات وإذاعات لمخالفتها التعددية السياسية

رصدت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في المغرب “الهاكا”، إخلالا لدى بعض وسائل الإعلام بالتعددية السياسية وضمان التعبير بين الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي خارج الفترات الانتخابية، فقرّرت توجيه إنذارات لها ونشرها في الجريدة الرسمية، مؤكدة على حق المواطن في إعلام نزيه ومحايد وموضوعي.

وجّهت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في المغرب، إنذارا لقنوات تلفزيونية وإذاعات حكومية وخاصة، لإخلالها بـ”قواعد ضمان التعبير وتعددية تيارات الفكر والرأي”، استنادا إلى تقريرها الأخير حول “التعددية السياسية في الإعلام السمعي البصري” في المغرب الذي رصد محتوى وسائل الإعلام التلفزيونية والإذاعية لعام 2017.

وكشفت الهيئة المعروفة بـ”الهاكا”، وهي هيئة إدارية مستقلة تنظم عمل وسائل الإعلام المغربية، أنّ عددا من القنوات والإذاعات المغربية لا تحترم قواعد ضمان التعبير عن تعددية تيارات الفكر والرأي في برامجها؛ إذ تُركّز على استضافة الشخصيات العامة المنتمية إلى الحكومة والأغلبية البرلمانية أكثر من الممثّلين للمعارضة البرلمانية، مع غياب شخصيات تنتمي إلى الأحزاب غير الممثّلة في البرلمان.

وجاء ذلك في تقرير صادر عن الهيئة حول مراقبة وسائل الإعلام التلفزيونية والإذاعية ومدى احترامها للتعددية خارج الفترات الانتخابية.

وأفاد التقرير أنّ القنوات المخالفة هي القناة الثانية (إم 2)، وقنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، وقناة “ميدي 1 تيفي”، وإذاعات خاصة. وصرّح مجلس “الهاكا” بأنها أخلّت كلها بالتزاماتها الخاصة بضمان التعبير عن تعددية تيارات الفكر والرأي، وقرّر توجيه إنذارات لها ونشرها في الجريدة الرسمية.

وتُبيّن إحصائيات التقرير أنّ مداخلات الشخصيات العامة المنتمية إلى الحكومة والأغلبية البرلمانية في القناة الثانية، خلال الفترة الممتدة بين بداية أبريل ونهاية يونيو 2017، بلغت 80.94 في المئة من المدة الإجمالية للبث للنشرات الإخبارية، مقابل 2.56 في المئة لمداخلات الشخصيات العامة المنتمية إلى المعارضة، وعدم حضور الأحزاب غير الممثّلة في البرلمان.

المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري شدد أن التعبير التعددي لا يعتبر حقا للفاعلين السياسيين بل هو حق للمواطن

وفي ما يخص القناة الأولى أورد التقرير أنها خصّصت، خلال الفترة الممتدة من بداية يوليو إلى نهاية شتنبر 2017، نسبة 91.07 في المئة من المدة الإجمالية للبث في النشرات الإخبارية لمداخلات الشخصيات العامة المنتمية إلى الحكومة والأغلبية البرلمانية، مقابل 8.93 في المئة لمداخلات المعارضة، مع عدم حضور مداخلات للشخصيات العامة المنتمية إلى الأحزاب غير الممثّلة في البرلمان، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى قناة العيون المحليّة والإذاعة الوطنية وقناة تمازيغت.

وأشار التقرير إلى أن قناة “ميدي 1 تيفي” خصّصت، ما بين بداية أبريل ونهاية يونيو 2017، نسبة 95.74 في المئة من المدة الإجمالية للبث الخاصة بالنشرات الإخبارية للشخصيات العامة المنتمية إلى الحكومة والأغلبية البرلمانية، مقابل نسبة 4.26 في المئة لمداخلات الشخصيات العامة المنتمية إلى المعارضة، مع غياب المنتمين إلى الأحزاب غير الممثّلة في البرلمان.

وأكد المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري أن التعبير التعدّدي لا يُعتبر حقا للفاعلين السياسيين، بل هو حق للمواطن، على المتعهدين أن يقدّموا له إعلاما نزيها ومستوفيا ومحايدا وموضوعيّا يحترم حقه في الاطلاع على الآراء المتعددة والمتنوعة ليشكّل قناعاته بكل حرية وموضوعية.

كما يؤكد القانون عدم تجاوز المدة الزمنية الإجمالية لمداخلات أعضاء الحكومة وأحزاب الأغلبية البرلمانية ضعف المدة الزمنية المخصّصة للأحزاب المنتمية إلى المعارضة في مجلس النواب، مع احترام شروط برمجة متقاربة ومتشابهة.

وينصّ أيضا على تمكين الأحزاب غير الممثّلة في البرلمان من مدد زمنية لإبداء مواقفها من الأحداث وقضايا الشأن، حددها في 10 في المئة من المدة الزمنية المخصّصة للحكومة والمعارضة البرلمانية.

وإثر صدور التقرير تداولت وسائل إعلام محلية أنباء عن أنّ المشهد السمعي بصري سيعرف تغييرات هامة في المرحلة المقبلة.

وسبق للهيئة أن أصدرت في ديسمبر الماضي، تقريرها بخصوص أنشطتها والذي يشمل عددا من المحاور الخاصة بمراقبة المجال السمعي البصري بالمغرب، وحصيلة أدوارها والاستشارات والقرارات التي أصدرتها.

“الهاكا” تكتشف أنّ عددا من القنوات والإذاعات المغربية لا تحترم قواعد ضمان التعبير عن تعددية تيارات الفكر والرأي في برامجها

من بين المحاور التي تضمّنها التقرير، مراقبة تقيّد متعهدي الاتصال السمعي البصري بالالتزامات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمضامين. لاسيما نسب حضور البرامج الدينية والترفيهية والنشرات الإخبارية واللغات والإنتاج الوطني والبرامج الترفيهية والبرامج حسب نوعها والبرامج الحوارية. وذكرت أن البرامج الدينية تأتي في آخر الترتيب بالنسبة للقناة الأولى والثانية بنسبة حضور البرامج ولا تتجاوز الـ10 في المئة، أما بالنسبة إلى البرامج التي تتمحور حول التربية والثقافة، بلغت نسبتها 19.2 في المئة من مجموع البرامج، وتمّ إعدادها من قبل القناة الأمازيغية التي بثّت برامج اُنتجث غالبيتها في المغرب.

كما شكّلت البرامج الإخبارية نسبة 26.8 في المئة، من مجموع البرامج التي بُثّت عام 2016، بينما بلغت البرامج الترفيهية نسبة 35.4 في المئة، منها 47 في المئة معدّة من قبل القناة الثانية.

وأشار التقرير ذاته، إلى أنّ الشركات الوطنية للاتصال السمعي البصري العمومي، يتعيّن عليها تحقيق إنجازات تفوق ما ينتظر من الشركات الخاصة، في ما يتعلق بالالتزامات الكميّة المتعلّقة بالمضامين، وذلك بحكم مهام الخدمة العامة المنوطة بها والتمويل العمومي الذي تحظى به من قبل الدولة. وأورد التقرير ذاته، أن “تحقيق إنجازات تفُوق المنتظر، ينطبق بشكل خاص على عدد النشرات والمجلات الإخبارية التي يتعيّن بثها أسبوعيّا، كذلك العدد الشهري للبرامج الخاصة بتغطية مواضيع محددة، مثل الثقافة والرياضة، فضلا عن الحجم الدوري لبرامج النهوض بالتنوع اللغوي”.

وتابع تقرير “الهاكا” أنه “يتبيّن من خلال نتائج التتبع أن جميع الخدمات العمومية حققت عام 2016 التزاماتها الكمية بنسبة 73.9 في المئة، إذ فعلت خدمتا شركة صورياد القناة الثانية وراديو دوزيم 49 من أصل 60 التزاما كميا محددا في دفتر تحملاتها، أي بنسبة إنجاز بلغت 81.6 في المئة، أما الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، فقد حققت في هذا الشأن 118 التزاما من أصل 178 في 12 خدمة تقدّمها، من بينها 4 خدمات إذاعية، دون احتساب المحليّة منها، أي بنسبة إنجاز بلغت 66.2 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: