انقلاب فنزويلا: واشنطن تدعم وموسكو تحذر والاتحاد الأوروبي يراقب
تسعى المعارضة في فنزويلا لمواصلة الضغط على الرئيس المحاصر نيكولاس مادورو، بعد أداء رئيس الكونغرس خوان غوايدو قسما أعلن فيه نفسه رئيسا شرعيا للبلاد بدعم من دول في المنطقة، فيما يعول مادورو على دعم الجيش لسحق التمرد ضدّه.
لقي التحدي الذي أطلقه المعارض خوان غوايدو ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بإعلان نفسه “رئيسا” بالوكالة ردود فعل متفاوتة، حيث اعترفت به الولايات المتحدة وعدة دول في أميركا اللاتينية، فيما نددت روسيا بما اعتبرته “اغتصابا للسلطة” واكتفى الاتحاد الأوروبي بدور المراقب.
وحصل غوايدو على دعم دبلوماسي من الولايات المتحدة وحكومات في أرجاء أميركا اللاتينية بعد إعلانه نفسه رئيسا مؤقتا أمام حشد متحمس من أنصاره خرجوا إلى شوارع كراكاس آملين في التغيير.
وتعهد المهندس الصناعي، الذي يبلغ من العمر 35 عاما، والذي تحول بين ليلة وضحايا تقريبا إلى زعيم وطني، بتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وتشكيل حكومة انتقالية لإنهاء الانهيار الاقتصادي المصحوب بتضخم مفرط وبالعفو عن ضباط الجيش إذا ساعدوا في الإطاحة بمادورو.
وتنتظره الآن مهمة عسيرة هي المضي قدما في المخطط الانتقالي دون سيطرة على مؤسسات الدولة المهمة ومع نأي القوات المسلحة بنفسها عنه.
ووعد بتوزيع مساعدات إنسانية تحت إشراف الكونغرس، مضيفا أن المعارضة تعتزم تنظيم مسيرة في الأسبوع الأول من فبراير للمطالبة بالتمكن من تلقي دعم خارجي.
ومع انهيار اقتصاد البلاد واقتراب التضخم السنوي من مليونين بالمئة، يعتمد مادورو كثيرا على الجيش للبقاء في السلطة.
وحتى الآن، تعهد قادة بالجيش بمن فيهم وزير الدفاع فلاديمير بادرينو بالبقاء إلى جانب مادورو والنأي عن غوايدو. وكتب بادرينو على تويتر “لا يقبل جنود الوطن برئيس مفروض في ظل مصالح شريرة أو برئيس نصّب نفسه على هامش القانون”.
ولم تمض دقائق على إعلان غوايدو، حتى أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بياناً اعتبر فيه مادورو رئيسا “غير شرعي” وأن الجمعية الوطنية برئاسة غوايدو هي “الهيئة الشرعية الوحيدة لحكومة انتخبها الشعب الفنزويلي وفق الأصول”.
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى تنظيم “انتخابات حرة وتتمتع بالمصداقية بموجب النظام الدستوري”.
وقالت الممثلة العليا للاتحاد للشؤون الخارجية فيديريكا موغيريني إن “الشعب الفنزويلي يملك حق التظاهر بطريقة سلمية واختيار قادته بحرية وتقرير مستقبله”، مؤكدة أنه “لا يمكن تجاهل صوته”.
وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في تغريدة على تويتر أنه “يأمل في أن تكون كل أوروبا موحدة في دعم القوى الديمقراطية في فنزويلا”. وأضاف “خلافا لمادورو، تمتلك الجمعية البرلمانية بما فيها خوان غوايدو تفويضا ديمقراطيا”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “الحوار” في فنزويلا لمنع “تصعيد” يمكن أن يؤدي إلى “كارثة”.
وقال غوتيريش على هامش منتدى دافوس الاقتصادي العالمي “نأمل أن يكون الحوار ممكنا لتجنب تصعيد يؤدي إلى نزاع سيكون كارثيا لسكان البلاد والمنطقة”.
وأجرى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الخميس مكالمة هاتفية مع غوايدو مشددا على ضرورة إجراء “انتخابات حرّة”، معربا لغوايدو عن تقديره “للشجاعة التي أثبتها في هذا الوضع”.
وأما موسكو، فأكدت الخميس دعمها للرئيس “الشرعي” مادورو ودانت “اغتصاب السلطة” في فنزويلا محذرة من “التدخل الأجنبي” في فنزويلا، حيث قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن “التدخل الأجنبي المدمر خصوصا في الوضع الحالي البالغ التوتر، غير مقبول، إنه طريق مباشر إلى التعسف وحمام الدم”. وفي بيان شديد اللهجة داعم لمادورو حليف موسكو حذرت وزارة الخارجية الروسية من أن الدعم الدولي لزعيم المعارضة خوان غوايدو سيؤدي مباشرة إلى الفوضى وسفك الدماء.
وقال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف للصحافيين “نعتبر محاولة اغتصاب السلطة في فنزويلا بمثابة انتهاك للقانون الدولي”، مشيرا إلى أن “نيكولاس مادورو هو رئيس الدولة الشرعي” للبلد الواقع في أميركا الجنوبية.
وردّ مادورو الغاضب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة الأميركية “الإمبريالية”، وأمهل دبلوماسييها 72 ساعة لمغادرة البلاد، فيما ردت الخارجية الأميركية بأنها لم تعد تعترف بمادورو رئيساً ما يفضي إلى أن أوامره لا تعني شيئا. و أكد الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية “اعترافها الكامل” بغوايدو واتخذت الموقف نفسه 11 من دول المنطقة هي الأرجنتين والبرازيل وكندا وتشيلي وكوستاريكا وغواتيمالا وهندوراس وبنما وباراغواي والبيرو.
وأعلنت وزارة خارجية البرازيل التي يعبر رئيسها جايير بولسونارو باستمرار عن عدائه لمادورو، أنها “تعترف بخوان غوايدو رئيسا”، لكن برازيليا تستبعد أي تدخل خلافا لواشنطن التي لا تستبعد ذلك إذا سحق مادورو الاحتجاج بالقوة، إذ كتب ترامب في تغريدة أن “كل الخيارات مطروحة”.
وجاء تلويح الرئيس الأميركي بالخيار العسكري في فنزويلا، بعد العقوبات المالية والاقتصادية التي فرضتها الإدارة الأميركية على مادورو وعدد من المسؤولين الفنزويليين.
وكانت الولايات المتحدة قد تدخلت في السلفادور، خلال عهد الرئيس السابق رونالد ريغان، للإطاحة بنظام أورتيغا اليساري.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق أن مسؤولين من إدارة ترامب التقوا سراً بضباط في الجيش الفنزويلي لمناقشة خطط للإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، إلا أنهم قرروا في نهاية المطاف عدم المضي قدماً في ذلك.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين لم تُسمّهم وقائد عسكري فنزويلي شارك في المحادثات السرية، أنه تم تعليق خطط تنفيذ الانقلاب، فيما رفض البيت الأبيض تقديم إجابات مفصّلة لدى سؤاله عن هذه المحادثات، لكنه أكد الحاجة إلى “التحاور مع جميع الفنزويليين الذين يبدون رغبة بالديمقراطية”.