تسريبات عن تعديل حكومي في المغرب
تصاعد الحديث عن تعديل حكومي في المغرب في ظل التوترات الاجتماعية التي تشهدها البلاد، إضافة إلى الخلافات العاصفة بالائتلاف الحاكم.
وقالت مصادر لـ”العرب” إن قيادات أحزاب الائتلاف الحكومي تنتظر بقلق قرارات بتقليص الحقائب الوزارية وإلغاء مناصب كتاب الدولة التي تشارك بها داخل الحكومة من ضمنها العدالة والتنمية.
وتذهب بعض التسريبات إلى أن تعديلا حكوميا مرتقبا سيعلن عنه خلال الأسابيع القليلة المقبلة سيزيح كلا من وزير التشغيل والإدماج المهني محمد يتيم ومصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، وهما وزيران عن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحاكم.
وكان تعديل حكومي قد جرى في الأشهر الماضية أطاح بوزيري حزب التقدم والاشتراكية وهما شرفات أفيلال ومحمد بوسعيد. ولم تهدأ الخلافات بين أحزاب الائتلاف الحاكم منذ تشكيله، ولا سيما بين حزبي الأحرار والعدالة والتنمية.
وتعيش الحكومة هذه الأيام على وقع تلك الخلافات بسبب احتجاجات التجار على نظام الفوترة، إذ حمّل حزب الأحرار الحكومة الصعوبات التي يعيشها التجار، إلى إجراءات تم اعتمادها من قبل الحكومة السابقة بعدما تم توسيع صلاحيات المراقبة لأعوان الجمارك لتمتد إلى الطرقات عوض الاقتصار على النقاط الحدودية كما كان معمولا به سابقا، واستمر ذلك عبر الإجراءات التي أقرتها الحكومة في قانون المالية لسنة 2018 والمتمثلة أساسا في اعتماد نظام رقمنة الفواتير.
صراع الأجنحة داخل العدالة والتنمية لم يعط الدعم السياسي الحقيقي لسعدالدين العثماني، والذي قد يمكنه من تدبير الملفات الكبرى
ورد إدريس الأزمي الإدريسي، رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية على موقف حزب الأحرار بالقول، “القوانين خلقت لتطبق، والأغلبية حين تصادق على قوانينها تفتخر بها وتدافع عنها، والمواطن حين يحتج ينبغي أن ننصت إليه، وإن كانت هناك إشكالات تعالج بالقانون”.
وشدد إدريس الأزمي الإدريسي، على أنه من غير المعقول أن يقال إن البرلمان يصدر قوانين ضد مصلحة الشعب، والتجار لهم روابط اجتماعية حقيقية، ولهم دور كبير في إنعاش شرايين الاقتصاد الوطني.
وقالت النائبة البرلمانية مينة الطالبي، عن الاتحاد الاشتراكي (مشارك في الحكومة)، إن “الحكومة أغفلت التجارة الداخلية، وما تتخبط فيه هذه الشريحة التي نتحدث عنها جميعا”.
وسبق للاتحاد الاشتراكي أن انتقد سياسات حكومة سعدالدين العثماني، داعيا إلى ضرورة إقرار إجراءات تخفف الضغط على الفئات الفقيرة والمتوسطة وتعمل على الترشيد والحكامة الجيدة، التي تعتبر المدخل الرئيسي لأي إصلاح وأن استمرار الاختلالات الواقعة في تماسك الأغلبية الحكومية، يؤثر على أداء الحكومة.
ولا يخفى على المغاربة ضعف الأداء الحكومي الذي لم يكن في مستوى تطلعاتهم، حيث فشلت في التعاطي مع تحديات المرحلة على المستوى الاجتماعي بشكل خاص كما عجزت عن تنزيل برنامج التكوين المهني ومحاربة البطالة ما سيكون دافعا مهما للتعديل الحكومي المقبل.
ويرى الخبير في القانون الدستوري رشيد لزرق أن التعديل الحكومي يجب أن “يكون موسعا وينكب على تحقيق الفاعلية والنجاعة المطلوبة، من أجل مواجهة الأزمة السياسية الراهنة التي تعيشها البلاد، والتي تتطلب الوضوح وحسّا عاليا من الوطنية الصادقة”.
وتطالب بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة بتقييم شامل لعمل هذا الجهاز في ظل ما تعرفه البلاد من احتجاجات لقطاعات عديدة ليس آخرها فئة التجار وفتح الباب لاقتراحات سياسية واقتصادية مفيدة تقلل من الاحتقان الاجتماعي.
قيادات أحزاب الائتلاف الحكومي تنتظر بقلق قرارات بتقليص الحقائب الوزارية وإلغاء مناصب كتاب الدولة
وأدت الخلافات المستمرة في الحكومة إلى غياب التنسيق والتضامن الحكومي اللذين يعدان ضروريين لضبط الإيقاع وإنجاح العمل. وبحسب رشيد لزرق، فإن “حالة الاحتقان الحالية تحتّم التغيير حتى تتلاءم مع التوجيهات الملكية الرامية إلى إدخال حزمة من الإصلاحات الاجتماعية، والذي (التغيير) يفرض على الحكومة الفاعلية والنجاعة ومنتهى التضامن الحكومي وضبط الإيقاع، بالإضافة إلى إعادة النظر في الهيكلة الحكومية، بتجميع القطاعات الاجتماعية.”
وقال الأستاذ الجامعي يحيى اليحياوي، إن “الكل مستاء من حزب العدالة والتنمية المسيّر للحكومة الذي حشر الموظفين وأصحاب المهن الحرة والمتقاعدين في زاوية الاحتقان الاجتماعي”، مضيفا أن “الحكومة تشتغل كما لو أننا أعداؤها وتدعي أنها تعمل لصالح هذه الفئات وهي تمعن في التضييق عليها”.
ويضم الائتلاف الحاكم المغربي حزب العدالة والتنمية (ذا المرجعية الإسلامية) وأحزاب التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. كما أن للخلافات داخل حزب العدالة والتنمية انعكاساتها السلبية على الأداء الحكومي.
ويرى رشيد لزرق أن صراع الأجنحة داخل العدالة والتنمية لم يعط الدعم السياسي الحقيقي لسعدالدين العثماني، والذي قد يمكنه من تدبير الملفات الكبرى، خاصة الإصلاح الاقتصادي وبروز جناح مزايد يتحدث باسم رئيس الحكومة السابق عبدالإله بن كيران، وهو جناح يقود حملة لا علاقة لها بما ينفع البلاد والمواطن بل شوّشت على عمل الحكومة وعطلت الإصلاحات.