بنكيران: حصلت على معاش تقاعدي كغيري… ولا أملك منزلا أو حتى براكة صفيح
أثارت أخبار تداولتها الصحافة المغربية بخصوص استفادة رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، من تقاعد استثنائي قيمته 70 ألف درهم (7900 دولار)، ردة فعل في أوساط سياسيين وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد عودة زعيم حزب العدالة والتنمية إلى الواجهة الإعلامية من خلال تصريحات صحافية، ومن خلال البث المباشر الأخير على الفيسبوك من بيته في الرباط، الذي تطرق فيه لقضايا سياسية وحزبية وانتقد فيه خصومه وأنصار الملكية البرلمانية ، هذا في حين أكد بنكيران زيف بعض ما يروج وصحة الآخر حول استفادته من المعاش الاستثنائي، معتبرا أنه ليس أول شخص يستفيد من ذلك وبأن السيارة التي تداول الإعلام استفادته منها هي منحة من الملك، وهي في ملكية الملك وليس الدولة، هذا في حين أثارت أصوات أخرى «الريع السياسي» و خطاب بنكيران وحزبه والعلاقة والمفارقة بينهما .
قال إن سيارته كانت في ملكية الملك لا الدولة
التقاعد الاستثنائي الذي حظي به بنكيران، هو تقاعد حظي به على الأقل ثلاثة رؤساء حكومة في المغرب الأكثر تأثيرا منذ استقلاله، الذين ارتبطت تجاربهم الحكومية بمراحل تاريخية دقيقة في المغرب، وهم كل من عبد الله إبراهيم وعبد الرحمان اليوسفي وثالثهم أخيرا عبد الإله بنكيران الذي أثارت واقعة إعفائه من رئاسة الحكومة رجة في الساحة السياسية المغربية بعد أن دام» استعصاء « تشكيل حكومته حوالى ستة أشهر.
وقال بنكيران في تصريحه : « ليس لدي لا فيلا ولا منزل عادي ولا حتى براكة (منزل صفيحي)، أنا أسكن في بيت زوجتي ولا أملك أي عقار في المغرب»، مضيفا بخصوص من انتقد استفادته من السيارة واعتبرها من ممتلكات الدولة « السيارة التي منحها لي الملك هي بملكية الملك وليست ملك الدولة، واستفادتي من المعاش أمر صحيح والحمد لله « يقول بنكيران، مؤكدا « لست الشخص الوحيد الذي له معاش، لقد كنت رئيس حكومة ..ولن أدلي بقيمة المعاش «.
نفي بنكيران صحة ما يروج عن الممتلكات المنسوبة إليه وتأكيده للمعاش الاستثنائي الذي حظي به، لم يوقف النقاش، فقد اعتبر بعض الأصوات الحقوقية التي، وإن كانت تختلف مع بنكيران إيديولوجيا إلا أنها ناصرته في فترة «الحصار» واعتبرت إعفاءه انزياحا عن المنهجية الديمقراطية، وأن استفادته من هذا التقاعد هو بمثابة «ريع سياسي» وهو ما فتئ بنكيران ينتقده في خطاباته، ويتهم خصومه السياسيين بالاستفادة منه ، بل الأكثر من ذلك ربط البعض بين ما جاء في تصريحاته الأخيرة من مدح للملكية التنفيذية وانتقاد لأنصار الملكية البرلمانية، وبين حصوله على ما وصفوه بـ«الريع» الذي أدى به إلى «مغازلة السلطوية» ، وهو ما تحدث عنه الناشط الحقوقي والخبير الاقتصادي فؤاد عبد المومني في حديثه قائلا إن « ضلوع بنكيران في الاستفادة من امتيازات ضخمة دون موجب قانوني يدك مسمارا إضافيا في نعش مصداقيته ومصداقية خطاب البيجدي عن التخليق ومواجهة الاستبداد والتحكم» .
المتتبع لتصريحات بنكيران يستشف أن موقفه من الملكية البرلمانية ليس حديث العهد، و لم ينطق به أول مرة خلال خروجه الأخير الذي حظي بمتابعة 150 ألف مشاهد ومشاركة أزيد من 2485 متابع على الفضاء الأزرق، بل إنه موقف قديم يجدد التأكيد عليه كلما سنحت له الفرصة بذلك أو كلما ابتغى تقديره السياسي ذلك.
و معلوم أنه كان يجاهر باختلافه مع بعض أنصاره في الحزب المناصرين لطرح الملكية البرلمانية، غير أن ما استجد هو تلميحه للاجدوائية أن يتفوق بلد على المغرب في مجال الديمقراطية ويعاني اضطرابات اجتماعية وكثرة الإضرابات، والحديث كان عن الجارة تونس التي يعدها العديد من الديمقراطيين المغاربة نموذجا يسير بتأن نحو إنجاح نموذج ديمقراطي فريد في شمال أفريقيا رغم الصعوبات و العراقيل. فهذه النبرة الجديدة لبنكيران هي التي جرت عليه انتقادات، وجعلت البعض يعتبر أنه ارتد عن أولوية الديمقراطية في مسار الإصلاح الذي كان يقول به، وهو ما جعل الربط بين استفادته من هبات الملك وتغير السلوك والخطاب السياسي أمرا مشروعا في نظر متتبعي تحولات الخطاب السياسي لدى بنكيران . في حين يرى آخرون أن تحولات هذا الخطاب لا علاقة لها بهبة الملك بل إن الرجل معروف أنه يفضل الاستقرار عن تغيير ديمقراطي قد يؤدي لاضطرابات، وهو نوع من المحافظة السياسية التي لا علاقة لها باستفادة بنكيران من المعاش الاستثنائي، بل بنمط من التفكير والتقدير السياسي، و إن بدا أنه نكوصي عما ألف منه الناس في لحظة سياسية ما زالت مظاهر التراجع فيها والتضييق على الحريات ممتدة.