علاقة التحرش بالتطرف الديني
يعزو البعض ارتكاب جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي إلى التزمت والتطرف الديني في تأطيره للعلاقات بين الجنسين، لكن مونية الطراز الباحثة في قضايا المرأة والأسرة والقيم، ترفض هذا الطرح جملة وتفصيلا، باعتبار أن الأديان كلها تدعو للطهارة والعفاف وتسعى إلى ترسيخ القيم الأخلاقية في المجتمعات وتستحضر الجوانب الروحية في الإنسان، وهذا كله يسهم في بناء الإنسان السوي الذي لا يطلق العنان لشهواته.
وتقول الطراز، في تصريحات لـ”اخبارنا الجالية ”، إن الفقهاء استنبطوا أحكاما من النص القرآني توجب عقوبة المغتصب، وأقلها حد الزاني وتفرض تعويضا للمغتصبة والمغتصَب أيضا وهذا حين يكون الاغتصاب من غير سلاح أما حين يكون مصحوبا بالسلاح فذلك حده أشد وهو حد الحرابة.
لكن القضية الشائكة هي عدم التبليغ عن الكثير من الحالات، وفي هذا الإطار أشار البحث الوطني حول انتشار العنف ضد النساء الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، إلى أن إبلاغ السلطات المختصة بحالات الاغتصاب يبقى محدودا ولا يتجاوز نسبة 8.18 في المئة من مجموع حالات العنف بالأماكن العامة في المدن.
وترى الطراز أن بعض المفاهيم القاصرة في إدراك حقائق التشريع مسؤولة عن عدد من الممارسات الفاسدة منها الاغتصاب وليس الإسلام والنصوص التي تحتاج إلى فهم صحيح، ومع ذلك فإن الاغتصاب الزوجي مثلا لا يمكن أن ينافس ظاهرة الاغتصاب التي نجدها في الشوارع بشكل مرعب ومخز وأخطر من إكراه على معاشرة في أصلها شرعية.
وأشارت إلى أن المغرب أصبح يشهد احتقانا جديدا مع ظهور تيارات إرشادية غريبة أصبحت تجاهر بمعاداة الدين وتحاول إلصاق التهم به كلما سمحت فرصة وتعول على التسويق الدولي الذي لا تهمه معرفة الحقائق فيستغل كل صوت نشاز من أجل الضغط على السياسات الداخلية من أجل التسريع من وتيرة “الإصلاحات التشريعية” أو قل الإفسادات كما قال المفكر محمد عابد الجابري.
ومن جهتها ركزت عالمة الاجتماع سمية نعمان جسوس، صاحبة كتاب “بلا حشومة: الجنسانية النسائية في المغرب”، على مساهمة انتشار خطاب أصولي لا ينادي باحترام المرأة على الإطلاق، والمنتشر بشكل كبير على القنوات الفضائية وعلى شبكات الإنترنت وداخل المساجد.
وتضيف في تصريحات لـ”اخبارنا الجالية ”، أن الحضارة المادية حين أهملت المكون الروحي في الإنسان وضخمت من قيم الفردانية تسببت في الاحتلال القيمي الذي نجده في الشوارع، والولايات المتحدة الآن وعت بهذا الخلل ولذلك تحاول إشراك المؤسسات الدينية للحد من الآثار المدمرة للمادية.