المغرب: الشراكة مع أوروبا تمر عبر احترام المصالح العليا

الاتحاد الأوروبي يختار الانتصار للمغرب على حساب خصومه، من خلال التصويت بالأغلبية على الاتفاق الزراعي الذي يدرج لأول مرة الأقاليم الصحراوية الجنوبية صراحة في الاتفاق لتكون لها المزايا نفسها التي تتمتع بها جميع أقاليم وجهات المملكة.

ما زال صدى قرار أوروبا بتوقيع الاتفاق الزراعي مع المغرب يتردد في الأوساط السياسية المغربية، حيث استقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس، الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن، نائبة رئيس اللجنة الأوروبية فيديريكا موغيريني.

وقال بيان للديوان الملكي، إن الاستقبال المخصص لرئيسة الدبلوماسية الأوروبية شكل مناسبة لتأكيد مركزية المغرب في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وكذا جودة العلاقات بين الشريكين، اللذين يحتفلان هذه السنة بذكراها الخمسين.

وأضاف البيان “خلال المباحثات، أكدت فيديريكا موغيريني التشبث العميق للاتحاد الأوروبي بالشراكة مع المغرب وبالدور الريادي للمملكة في منطقة المتوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا وفي الشرق الأوسط، لرفع تحديات الأمن والاستقرار والتنمية”.

وذكر البيان “مكن هذا الاستقبال من استعراض مختلف محاور الشراكة الإستراتيجية متعددة الأبعاد والعريقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بكل مكوناتها السياسية والاقتصادية والأمنية والإقليمية والدولية، والاتفاق، بالنسبة لكلا الشريكين، على ضرورة مواجهة مختلف التحديات القائمة بالمنطقة، سويا، من أجل استثمار الفرص”.

وقال البيان الملكي إن المصادقة الأخيرة من طرف البرلمان الأوروبي على الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تؤكد أن كل تعزيز للشراكة يمر عبر احترام المصالح العليا للمملكة والحفاظ على وحدتها الترابية.

وكان البرلمان الأوروبي قد صادق الأربعاء على الاتفاق الفلاحي مع المغرب في جلسة علنية بستراسبورغ، وبأغلبية ساحقة، وذلك بمجموع 444 صوتا مقابل 167. ويرسخ الاتفاق سيادة المغرب على الصحراء، وينهي انتحال جبهة البوليساريو لصفة الوصي عليها. وحاولت الجبهة ومن ورائها الجزائر، جاهدة إفشال الاتفاق، لكن محاولاتها باءت بالفشل.

وينص الاتفاق على تمديد التفضيلات التجارية إلى المنتجات الفلاحية والصيد البحري المنحدرة من الأقاليم الجنوبية للمملكة.

عبدالرحيم المنار اسليمي: المصادقة على الاتفاق بينت افتقار البوليساريو  إلى أي سند قانوني
عبدالرحيم المنار اسليمي: المصادقة على الاتفاق بينت افتقار البوليساريو  إلى أي سند قانوني

وقال رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، إن تصويت البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة لصالح تجديد الاتفاق الزراعي “يعد سابقة؛ لأنه سيؤثر إيجابا على عدد من الاتفاقيات الأخرى مستقبلا، في مقدمتها اتفاق الصيد البحري المتوقع توقيعه الشهر المقبل بين الطرفين”.

وأوضح العثماني، في كلمة افتتاحية خلال اجتماع مجلس الحكومة بالرباط، أن أهمية مصادقة الأغلبية الساحقة لأعضاء البرلمان الأوروبي على الاتفاق الفلاحي مع المغرب “تتجلى في كون الاتفاق يدرج لأول مرة الأقاليم الصحراوية الجنوبية صراحة في الاتفاق لتكون لها التفضيلات نفسها التي تتمتع بها جميع أقاليم وجهات المملكة”.

ويرى عبدالرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلاقات الدولية، أن “المصادقة على الاتفاق الفلاحي بعثت رسائل عديدة إلى جبهة البوليساريو وإلى الجزائر، وشكلت ضربة لكل التمويلات التي قام بها قصر المرادية من أجل عرقلة الاتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي”، مشيرا إلى أن “المملكة تبقى الشريك الإستراتيجي والتاريخي للأوروبيين”.

وأضاف اسليمي لموقع “هسبريس” المحلي أن “المصادقة بينت أنه لا سند قانونيا لجبهة البوليساريو؛ فهي لا تمتلك أية صفة لتمثيل أي طرف، وعملية انتحال الصفة التي كانت تُمارسها قد انتهت”، لافتا إلى أن “المصادقة هي مصدر من مصادر القانون الدولي، ويمكن للاتفاق أن يطعم الملف المغربي، وبالتالي توظيفه في الأمم المتحدة”.

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن “الاتفاق يقر بأن كل التراب المغربي هو موضوع شراكة مع الاتحاد الأوروبي، كما كرس السيادة المغربية قانونيا، وأنهى عمليا إمكانيات التحرك بالنسبة للبوليساريو”، مشددا على أن “القرار له عدة رسائل سياسية حيث جاء بين اللقاء الأول لجنيف والموعد المقبل، ولا بد أن يكون مدرجا من أجل تدعيم الطرح المغربي”.

وانتهت المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة بشأن الصحراء المتنازع عليها مطلع ديسمبر الماضي، دون إحراز تقدم، لكن مبعوث الأمم المتحدة هورست كولر قال إن جميع الأطراف اتفقت على الاجتماع مجددا في مطلع 2019.

وفشلت جهود الأمم المتحدة مرارا في التوصل إلى تسوية بشأن المنطقة الصحراوية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر منذ غادرتها إسبانيا عام 1974.

عادت جبهة البوليساريو الانفصالية مطلع يناير الحالي إلى تحركاتها الاستفزازية في المنطقة العازلة بالصحراء المغربية، ملوحة بعرقلة رالي موناكو – داكار، وهي الخطوة التي اعتبرها مراقبون استحضارا للحل العسكري وتحديا للجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سلمي.

وأكد مراقبون أن قيادات الجبهة الانفصالية تستدعي بهذا التصرف الحل العسكري بدل ما يدعو إليه المنتظم الدولي من إيجاد حل سياسي لمشكلة الصحراء المغربية.

ولفت هؤلاء إلى أن هذا السلوك الاستفزازي يشير إلى أن الجبهة لا تملك سوى هذا النوع من الردود، ما سيؤثر سلبا على موقفها الضعيف سياسيا وقانونيا في المحادثات المقررة في مارس المقبل.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: