تسريبات عن صفقة القرن: دولة فلسطينية على 90 بالمئة من مساحة الضفة الغربية

أثار تقرير بثته قناة تلفزيونية إسرائيلية حول ما قالت إنه بعض تفاصيل صفقة القرن، جدلا على مستوى ما جاء في هذه التسريبات كما على مستوى الغموض الذي يحيط بهذه الصفقة المصيرية. ومما جاء في التسريبات الإسرائيلية أن الصفقة تعطي الفلسطينيين عاصمة القدس الشرقية ولا تشمل الأماكن المقدسة التي ستكون تحت السيادة الإسرائيلية، الأمر الذي نفاه البيت الأبيض، وانتقدته السلطة الفلسطينية مشددة على أن لا مجال لتحقيق أي تقدم في هذه الصفقة المزعومة.

لم يهدأ الجدل حول صفقة القرن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، منذ أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وضاعف هذا الجدل الغموض الذي يحيط بها، فرغم ما تردد وما كتب وما أعلن عنه مازالت تفاصيلها الدقيقة غائبة، كما موعدها وسياقات تطبيقها.

وتبقى الصفقة محل متابعة ومصدر اهتمام كلما تطرق إليها حديث. وأحدث استقطاب في هذا السياق سجلته قناة تلفزيونية إسرائيلية، نشرت ما قالت إنه تسريبات لتفاصيل صفقة القرن.

وذكرت القناة الإسرائيلية أن خطة الولايات المتحدة ستشمل دولة فلسطينية على أرض ستكون أكثر من ضعف مساحة المنطقتين (أ) و(ب) في الضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية اليوم، وهو ما يعني أن الدولة الفلسطينية ستكون على مساحة ما بين 80 و90 بالمئة من مساحة الضفة الغربية.

وتُقسم الضفة الغربية بحسب اتفاق أوسلو للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل لعام 1993، إلى ثلاث مناطق (أ وب وج). وتسيطر السلطة الفلسطينية حاليا على المنطقة (أ وب)، فقط والتي تضم المدن الكبرى، وتبلغ نحو 40 بالمئة من مساحة الضفة، فيما تسيطر إسرائيل بشكل كامل على المنطقة (ج)، التي تشكل نحو 60 بالمئة من مساحتها.

نقل السفارة أول خطوة في الصفقة
نقل السفارة أول خطوة في الصفقة

وذكر التقرير أن أميركيين أبلغوا أحد المصادر بأن الخطة ستتضمن ضم إسرائيل لتكتلات استيطانية يهودية في الضفة الغربية، في حين سيتم إخلاء أو وقف بناء المستوطنات المنعزلة، وأن ترامب يرغب في استكمال الإجراءات الإسرائيلية المقترحة بتبادل للأراضي مع الفلسطينيين وأن تكون المدينة القديمة التي تحيط بها الأسوار في القدس الشرقية، ويوجد بداخلها المقدسات اليهودية والإسلامية والمسيحية، تحت السيادة الإسرائيلية لكن بإدارة مشتركة من الفلسطينيين والأردن.

وستكون “معظم الأحياء العربية” في القدس الشرقية تحت السيادة الفلسطينية وستكون بها عاصمة الدولة الفلسطينية في المستقبل. لكن البيت الأبيض رفض ما جاء في التقرير الذي بثته محطة ريشيت 13 التلفزيونية الإسرائيلية، ووصفه بأنه تكهن غير دقيق، مشيرا إلى أنه لن يتم الكشف عن تفاصيل الخطة قبل شهور.

وكان نائب الرئيس الأميركي مايك بنس قال في تصريح خلال جولته في الشرق الأوسط العام الماضي، إنه لن يتم الإعلان عن الصفقة قبل نهاية العام 2019.

وقال أحمد فؤاد أنور الأكاديمي والخبير في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية إن التسريبات لم تتوقف منذ الإعلان عن صفقة القرن، وهناك تسخير سياسي لها من قبل بعض الأطراف بسبب الغموض الذي يحيط بها، لأن عدم الكشف عن تفاصيلها رسميا سمح للبعض بالتلاعب السياسي بها، لتحقيق أعظم استفادة أو تقليل الخسائر المتوقعة.

ترامب يرغب في استكمال الإجراءات الإسرائيلية المقترحة بتبادل للأراضي مع الفلسطينيين وأن تكون المدينة القديمة التي تحيط بها الأسوار في القدس الشرقية

لم يشر التقرير إلى مصير اللاجئين الفلسطينيين الذي يعد أحد نقاط الخلاف الكبرى في الصراع الممتد منذ العشرات من السنين، كما لم يتناول وضع قطاع غزة في هذه الخطة. وتسيطر حركة حماس التي تعارض السلام مع إسرائيل على هذا القطاع.

واستنادا إلى المحطة الإسرائيلية، فإن فريق السلام في البيت الأبيض يعتقد أن الفلسطينيين سيرفضون الخطة بشكل مباشر، ولكن الفريق الأميركي يريد من إسرائيل عدم رفضها وإبداء الرغبة في التعامل معها. وأكد أحمد فؤاد أنور لـ”العرب” أن الإدارة الأميركية تعلم أن الصفقة ستكون مرفوضة من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وأن ما تحمله من مزايا كبيرة لأي طرف لن يكون كافيا للقبول بها، ولذلك عمدت إلى المناورات تارة، والوضوح تارة أخرى من خلال رغبتها في تسويق الصفقة.

وقالت الرئاسة الفلسطينية، مساء الأربعاء، في أول رد فلسطيني إن أي خطة سلام لا تتضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها كامل القدس الشرقية على حدود عام 1967 سيكون مصيرها الفشل.

واعتبر الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبوردينة في بيان أن “استمرار بث الإشاعات والتسريبات حول ما يسمى بملامح صفقة العصر التي تتحدث عنها الإدارة الأميركية، إضافة إلى الاستمرار في محاولة إيجاد أطراف إقليمية ودولية تتعاون مع بنود هذه الخطة إنما محاولات فاشلة ستصل إلى طريق مسدود”.

وأضاف أن “العنوان لتحقيق السلام العادل والدائم، هو القيادة الفلسطينية التي تؤكد أن أي طروحات تتعلق بالمسيرة السياسية، يجب أن تكون على أساس الشرعية الدولية، ومبدأ حل الدولتين لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.

Thumbnail

كما أكّد أن “طريق تحقيق السلام في المنطقة واضح، يمر من خلال الشرعية الفلسطينية، وأي مشاريع تهدف إلى الالتفاف على آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال لن يكتب لها النجاح وستنتهي، وسينتصر شعبنا مهما كان حجم هذه المؤامرات والتحديات على القضية الفلسطينية وثوابتها”.

وفي رسالة على موقع تويتر قال جيسون غرينبلات، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط وأحد مهندسي الخطة الرئيسيين، بالإضافة إلى صهر الرئيس جاريد كوشنر، إن التقرير “غير دقيق”. لكنه لم يحدد الجزء غير الصحيح في التقرير. وكتب يقول إن “التكهنات بشأن محتوى الخطة لا تفيد. قلة على الكوكب تعرف ما تنطوي عليه… في الوقت الحالي”، مضيفا أن “نشر أخبار كاذبة أو مشوهة أو منحازة في وسائل الإعلام غير مسؤول ويضر بالعملية”.

وتوقع داني دانون، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة في تصريحات للصحافيين بألا يتم الكشف عن خطة ترامب قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من أبريل. وتتوقع استطلاعات الرأي فوزا سهلا يؤمن لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ولاية خامسة.

Thumbnail

وتعثرت محادثات السلام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس برعاية الأمم المتحدة عام 2014. وقال دانون “مما نفهمه أنها لن تطرح قبل الانتخابات. إنه قرار ذكي لأننا لا نريد أن تصبح هذه قضية الانتخابات”.

وذهب فؤاد أنور إلى أن التسريبات الإسرائيلية حاليا، جاءت في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لحكومة نتنياهو التي تعاني انقساما سياسيا، بالتالي فما تم بثه عن صفقة القرن يرمي إلى بعثرة الأوراق، وهو ضد مصلحة نتنياهو لأن ما تم الكشف عنه ينهي فكرة دويلة غزة والفصل بين القطاع والضفة الغربية، وهو ما تحلم به إسرائيل.

وشرح أنور أن المضمون النهائي لهذا الجدل، بما فيه النفي الأميركي، يصب في صالح السلطة الفلسطينية، ويعزز موقفها ويمنحها القدرة على الحصول على صفقة أفضل.

وشدد على أن الموقف العربي الداعم للسلطة الفلسطينية والرافض لأي صفقات مبهمة يمثل إضافة مهمة لتقليل الخسائر، وهو ما ظهر في التحركات التي تقوم بها واشنطن لحصد تأييد عربي، بمعنى أن ترامب حريص على طرح مبادرة لها أفق سياسي عملي، لا مبادرة تحدث جلبة أو خطة نظرية دون أفق لنجاحها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: