جنرالات غاضبون يلتحقون بصفوف المعارضة في الجزائر
التحق ضباط جزائريون غاضبون بصفوف حركة مواطنة المعارضة، وذلك كردّ مباشر على مسلسل الانتقادات الشديدة التي صدرت من قيادة المؤسسة العسكرية ضدهم على خلفية الإدلاء بتصريحات بشأن تطورات الوضع السياسي الداخلي.
وكشف مصدر من حركة مواطنة المعارضة أن ضابطين ساميين متقاعدين أجريا اتصالات أولية مع قادة الحركة، من أجل ترتيب إعلان التحاقهما بصفة رسمية بصفوف التنظيم الاحتجاجي الذي تأسس خلال العام الماضي، من طرف قادة أحزاب سياسية وشخصيات مستقلة ونخب مختلفة.
وسعت حركة مواطنة خلال الأشهر الأخيرة إلى تنفيذ وقفات احتجاجية ضد خيارات السلطة. كما أنها تعارض إعادة ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، وهو ما دفع السلطات إلى تعطيل أنشطتها.
وجاءت الخطوة لتؤشر على تصعيد غير معلن بين ضباط سابقين في المؤسسة العسكرية، وبين قادة الجيش ومسؤولي وزارة الدفاع، بعد سلسلة من الانتقادات الشديدة التي طالت هؤلاء، كانت آخرها الاتهامات التي وجهها الجنرال قايد صالح، لمن وصفهم بـ”الرهط”، الذين يشتغلون لصالح دوائر ضيقة ويتصيدون فرص الاستحقاقات المهمة للمغامرة باستقرار البلاد وتوريط المؤسسة العسكرية.
وبات الجنرال علي غديري، الذي شغل منصب مدير دائرة الموظفين في وزارة الدفاع، إلى غاية إحالته على التقاعد العام 2015، على رأس المستهدفين بالانتقادات المتواصلة، بعد المساهمات التي نشرها خلال الأسابيع الماضية في صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية، حيث دعا إلى تنظيم انتخابات رئاسية مفتوحة، وحث قادة الجيش على المساهمة في حماية الدستور من الاختراق المتكرر، وإلى المساهمة في تحقيق انتقال ديمقراطي في البلاد.
وذكر المصدر أن الجنرال غديري، الذي التقى قادة حركة مواطنة المعارضة، في مقر حزب الاتحاد من أجل العدالة والرقي الذي تقوده زبيدة عسول، جدد تلميحه للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وهي النية التي باتت تزعج دوائر السلطة، بالنظر إلى ما يمثله الرجل من ثقل داخل المؤسسة العسكرية، ومن طموحات الجيل الجديد المنضوي تحت لواء المؤسسات الرسمية.
وأعرب غديري، وفق المصدر ذاته، عن استعداده لتبني المشروع السياسي الذي طرحه في شهر يونيو الماضي للرأي العام، القائم على مساعدة النظام القائم على الرحيل، وتأسيس جمهورية ثانية تقوم على شرعية حقيقية للمؤسسات، وتحدد صلاحيات كل الأطراف الفاعلة، وتحقق مبدأ التداول على السلطة.
وألمحت خطوة الجنرال المتقاعد، الذي يعد من الكوادر الأكاديمية ذات التحصيل العلمي والتكوين العالي، إلى أن الرجل يكون قد فهم رسائل التهديد التي تستهدفه، بدعوى خرق تشريع واجب التحفظ العسكري والعمل لصالح جهات غامضة، وهو بصدد الكشف التدريجي عن نواياه في خوض غمار الاستحقاق الرئاسي، وقد يكون مرشحا للمعارضة السياسية بمواجهة مرشح السلطة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، خاصة بعدما لمس قبولا لأفكاره داخل الطبقة السياسية والرأي العام.
وكان قايد صالح قد هاجم ضباطا سابقين، دون أن يسمي أحدا، وقال إنهم يعيثون في الأرض فسادا ولا يصلحون، قياسا بارتباطهم بدوائر مغرضة واشتغالهم لصالح جهات تسعى إلى توريط الجيش في التجاذبات السياسية.
وحذر قايد صالح، في الكلمة التي ألقاها في مقر الناحية العسكرية الثانية (وهران)، “بعض الأشخاص وبعض الأطراف ممن تحركهم الطموحات المفرطة والنوايا السيئة مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، من أن يحاولوا إصدار أحكام مسبقة ليست لها أي مصداقية إزاء مواقف المؤسسة العسكرية من الانتخابات الرئاسية، وأن يمنحوا أنفسهم الحق في التحدث باِسمها”.
وأضاف “هذا النوع من الأشخاص الذين أعمتهم المصالح الشخصية الضيقة والطموحات المفرطة البعيدة كل البعد عن إمكانياتهم الحقيقية على أكثر من صعيد، هؤلاء الرهط من البشر أصبحوا اليوم يتبنون دون حياء هذا النهج في القول والعمل”.
واعتبرت الأمينة العامة لحزب العمال اليساري المعارض لويزة حنون أن رسائل المؤسسة العسكرية لضباطها السابقين لا تحقق مبدأ الحياد والالتزام بالمهام الدستورية، بقدر ما تورط أكثر الجيش في التجاذبات السياسية بهذا النوع من الخطاب المتشدد.
وذهب رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، إلى أن خطاب المؤسسة العسكرية يفضي لإرساء الكيل بمكيالين في ما يتعلق بالحياد في الشأن السياسي، فهو يتغاضى عن أطراف معينة، في حين يتشدد مع الأصوات التي تزعج السلطة، ما يفقد المؤسسة المصداقية ويورطها في التجاذبات السياسية.