الأزمات تربك الأجندات الانتخابية في دول مغاربية

تتأهب دول المغرب العربي، تونس وليبيا والجزائر، لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ستكون حاسمة في عام 2019 لتحديد الخارطة السياسية لكل بلد خاصة أن الدول الثلاث تعاني من أزمات متعددة الأبعاد منذ اندلاع ما يسمّى بثورات الربيع العربي في عام 2011. فالشعب الليبي يأمل في إنهاء مسلسل الفوضى الذي أغرق البلاد في مستنقع دماء منذ سقوط نظام معمر القذافي، أما تونس فتعيش على وقع أزمات اقتصادية واجتماعية بالجملة وتسعى إلى استكمال الانتقال الديمقراطي وسط أجواء سياسية مشحونة تماما مثل الجزائر التي تعاني بدورها من صعوبات اقتصادية مرفوقة بعدة تساؤلات حول مستقبل البلاد في ظل عجز الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عن تسيير دواليب الدولة.

سيكون عام  2019، عاما حافلا بالمحطات السياسية الهامة والحاسمة في بعض دول المغرب العربي وتحديدا في تونس والجزائر وليبيا التي تأمل شعوبها، رغم الإحباط من الطبقة السياسية، في تغيير أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية المتفاقمة منذ ثماني سنوات بسبب تراكم المطبات السياسية في كل بلد.

ورغم خصوصية ظروف كل بلد، فإن شعوب هذه الدول المغاربية اليائسة من القادة السياسيين تتطلّع لتحقيق العديد من الرهانات التي تنهض ببلدانها الغارقة في بحر من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، كما أن من أبرز التحديات للاستحقاقات الانتخابية التشريعية والرئاسية في كل بلد هي فرض المزيد من الأمن خاصة مع تواصل الاشتباكات المسلحة بين الأطراف المتنازعة في ليبيا أو بسبب استمرار وجود مخاوف من عمليات إرهابية في تونس والجزائر.

ولا تبدو وفق العديد من الملاحظين مواعيد الانتخابات بتونس والجزائر وليبيا محسومة في ظل ترجيح العديد من المصادر السياسية في كل بلد إمكانية أن يتم تأجيل المحطات الانتخابية بكل دولة تحت العديد من المسوّقات والمبررات، أولها عدم الاستقرار الأمني في ليبيا أو بسبب عدم وضوح الأجندة السياسية في تونس والجزائر خاصة مع عدم إعلان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي نيته الترشح لولاية ثانية أو الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة المثقل بأزمات صحية لولاية خامسة كرئيس للجزائر.

عام 2019 سيكون عاما حافلا بالمحطات السياسية الحاسمة في تونس والجزائر وليبيا التي تأمل شعوبها في تغيير أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية

بعدما تعطّل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في شهر ديسمبر الماضي في ليبيا وتأجيل ذلك إلى ربيع 2019 في خطوة اعتبرها كثيرون انتصارا لإيطاليا على فرنسا، وهما اللاعبان الأساسيان في ليبيا، يأمل الليبيون في حدوث تغيرات -عقب الانتخابات غير المحسوم موعدها- يمكن أن تفضي إلى إنهاء الانقسام والفوضى اللذين تعيش على وقعهما ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في عام 2011. وبحسب الأجندة الأولية للانتخابات الليبية، فإن كل الأطراف المتنازعة ستكون مشاركة في المحطات الانتخابية القادمة، إلا أن العديد من المراجع السياسية تؤكّد أنه من الصعب إجراء الانتخابات في الموعد المتفق عليه أوليا في ربيع 2019.

وقالت نادية عمران، عضو الهيئة التأسيسية للدستور في ليبيا مؤخرا، إنه من المستبعد إجراء انتخابات برلمانية أو رئاسية في ربيع 2019، مضيفة أن الانتخابات لا بد أن تقوم على قاعدة دستورية، وذلك من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور الحالي، إلا أن بعض الخلافات الموجودة عليه تحول دون التوافق، كما أنه لا يسمح بالدخول في مرحلة انتقالية رابعة.

ورغم حاجة الليبيين إلى انتخابات شرعية تنهي الأزمات السياسية، إلا أن تأزم الوضع الأمني مجددا مع عودة النزاعات المسلحة في العاصمة طرابلس تقودها ميليشيات اللواء السابع مشاة التابعة لحكومة فائز السراج، لا ينذر بوجود أرضية سانحة لإجراء انتخابات حتى في هذه السنة.

وعاشت ليبيا منذ ثورة فبراير 2011 على وقع حرب داخلية متعددة الأبعاد، كانت فيها الأطراف السياسية طرفا رئيسيا في الأزمة، علاوة على ما عرفته البلاد من تغلغل للجماعات الإرهابية وخاصة تنظيم الدولة الإسلامية.

فشل الطبقة السياسية في تونس

Thumbnail

بنفس الغموض في الأفق السياسي تقريبا الذي تعيشه تونس وليبيا، لا يزال موعد إجراء الانتخابات في الجزائر غير واضح، حيث لم يتم إلى الآن تحديد تاريخ نهائي لإجرائها في انتظار تنظيم حوار سياسي يجمع كل الأطراف في البلاد لبلورة سياسات البلاد ما بعد عبدالعزيز بوتفليقة.

ورغم اقتراب موعد الانتخابات الرئاسيّة التي لم يبقَ على موعدها إلا ثلاثة شهور، فإنّ الجوّ العام في الساحة الجزائريّة لا يوحي بأيّ مظاهر على اقترابها، إذ تغيب الحملات الانتخابيّة والترشيحات القويّة من الأحزاب الكبرى، وسط انشغال الطبقة السياسيّة بالتفاعل مع الأخبار التي تشير إلى تأجيلها.

ورغم أن العديد من التقارير الصحافية الجزائرية أكدت في أواخر شهر ديسمبر أن اجتماعا على أعلى مستوى حضر فيه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة شدّد على وجوب عقد ندوة الإجماع الوطني وتأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق لتحديد الخارطة السياسية لفترة ما بعد رئاسة بوتفليقة، إلا أن الحديث عن هذه المبادرة تلاشى شيئا فشيئا لتمسك بوتفليقة بالترشح لولاية خامسة.

ورغم أن الجزائر لم تشملها رياح التغيير منذ اندلاع ما سمّي بثورات الربيع العربي إلا أن ذلك لا يمنع وجود أزمات اقتصادية صعبة متأتية بالأساس من أزمات سياسية كان على رأسها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة المتشبث بكرسي الحكم رغم مرضه وعجزه عن إدارة دواليب الدولة.

وتعاني الجزائر من انسداد كبير بفعل مرض الرئيس بوتفليقة الذي لا يقوى على أداء مهامه الطبيعيّة، علاوة على قيامه بإلغاء عدّة لقاءات مع زعماء وقادة دُول، كان أبرزها ما حدث خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الجزائر، حيث تحدّث بيان للرئاسة الجزائرية عن “زُكام حاد” أصيب به الرئيس بوتفليقة حال بين لقائهما.

Thumbnail

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: