النقابات المغربية تصعد معركة كبح انفلات أسعار الوقود
قذفت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل المغربية كرة أسعار الوقود الملتهبة في وجه مجلس المنافسة للتحرك سريعا ووضع قواعد جديدة تحمي المستهلكين من الممارسات الاحتكارية لشركات القطاع.
وقدمت النقابة طلبا في شكل مذكرة يضم تحليلا لوضعية المنافسة في سوق الوقود، وانعكاسات الأسعار على القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى مقترحات بهدف تنظيم القطاع وحماية مصالح كافة الأطراف.
ويعد تعليق تحرير أسعار الوقود من بين مقترحات النقابة لحين توفير الآليات اللازمة لضمان متطلبات المنافسة وتفكيك لوبيات الاحتكار واعتماد نظام جديد لتحديد السعر الأقصى للبيع بالنظر إلى الأسعار الدولية وترشيد تكاليف الإنتاج وتحديد مستويات أرباح الشركات. وتواجه الحكومة ضغوطا شعبية شديدة لمحاصرة تغول شركات الوقود، التي استغلت سياسية تحرير الأسعار منذ سنوات لتلتف على القطاع وتمارس عمليات احتكارية مفضوحة في السوق أدت إلى انتفاخ جيوب أصحابها.
وانصاعت شركات الوقود الشهر الماضي لضغوط الحكومة وبدأت مع مطلع ديسمبر الماضي في تنفيذ تخفيضات محدودة على الأسعار لامتصاص غضب المواطنين.
وتنص المادة الرابعة من قانون حرية الأسعار والمنافسة على استشارة مجلس المنافسة لوضع سقف لأسعار الوقود.
وحسب وزارة الشؤون العامة والحكامة، فالتسقيف يعني تحديد حد أقصى لأرباح شركات توزيع الوقود، بعد الأخذ في الاعتبار السعر الذي اشترت به تلك السلعة من السوق الدولية.
وقال لحسن الداودي، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، إن “الحكومة سعت لإجراء اتفاق مع الشركات وإيجاد حل للحد من استنزاف جيوب المواطنين، لكن دون التوصل لحل، فرغم تسقيف الأسعار ستستمر الحكومة في الحوار، والهدف هو الوصول إلى اتفاق مع هذه الشركات”. وأكد أنه مع التسقيف الذي يفعّل كل 6 أشهر، لن تكون هناك منافسة بين الشركات وسيتم تحديد سعر البيع للمستهلكين دون أن يصل هامش الربح إلى درهمين (0.2 دولار) كما كان عليه الحال في السابق لأن المواطن لم يعد يتحمل.
ودور مجلس المنافسة في الأساس هو الحرص على المنافسة العادلة بين الشركات وليس مراقبة الأسعار، وفق الداودي، الذي أكد أن هناك شركات جديدة تستعد للدخول للسوق المغربي مما يفترض منافسة أكبر.
وكشف محمد سليماني، مدير المحروقات بوزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، أن 9 شركات جديدة تريد الدخول للسوق المحلي، لكنه لم يذكر تفاصيل عن تلك الشركات.
وحسب تقرير أعدته لجنة المال في مجلس النواب، حول “أسعار المحروقات وشروط المنافسة”، فالحكومة لم تعد لديها أي صلاحية في تحديد هوامش الربح بالنسبة إلى نشاطات الاستيراد والتوزيع والبيع في محطات الوقود.
ولهذا قدمت كونفدرالية الشغل مقترحا لمجلس المنافسة يقضي بالترخيص للشركات الخاصة بالاستيراد والتخزين وفتح جميع الموانئ دون تمييز ولا احتكار واعتبار توفير الاحتياطي من المسؤوليات الخاصة للدولة.
وتقول لجنة المال إن أسعار النفط بالبلاد تشمل كلفة التكرير والشحن والتأمين والميناء والتخزين، تُضاف إليها الضرائب والرسوم وتكاليف التوزيع والنقل والتقسيط، ما يجعل سعر البرميل يصل إلى 10 دراهم (دولار) بعدما كان أقل من 8 دراهم تاريخ تحرير الأسعار قبل ثلاث سنوات.
وتحسّبا لارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، طالبت النقابة بإنشاء صندوق خاص لدعم الأسعار عندما تتجاوز 8 دراهم للتر الديزل وتكون احتياطاته في حالات تراجع السعر دون ذلك وتوحيد قيمة الضريبة على الاستهلاك الداخلي لجميع أنواع الوقود لتخفيف الطلب على الديزل والمازوت والدفع بالمستهلكين الصغار إلى استعمال البنزين بشكل أكبر.
وتتقاسم سوق توزيع المحروقات بالمغرب 20 شركة، لكن رغم التشجيعات التي منحت في سبيل تطوير القدرات التخزينية، يرى خبراء الطاقة في المغرب أن إجمالي الطاقة القصوى لشركات التوزيع يناهز مليون طن أي ما يعادل 45 يوما من الاستهلاك الافتراضي.
وتقترح النقابة العمالية المغربية تأسيس وكالة وطنية للطاقة البترولية لضمان التزويد المنتظم للسوق المحلية مع المحافظة على أسعار السوق، وتوفير كل شروط التنافس العادل في القطاع، إضافة إلى استئناف تكرير البترول بالمصفاة المغربية للبترول “سامير”، وتنظيم التكامل والتنافس بين المنتجات المحلية والمستوردة.
ويرى الداودي أن أرباح الشركات قانونية والاستثمار في قطاع يفيد المخزون الاحتياطي الخاص بالمنتجات البترولية “لأننا نحتاج إلى مخزون يكفي لشهرين”.
وترى المركزية النقابية أن هناك ضرورة لاعتماد سياسة التخزين الجهوي والربط مع الموانئ بالأنابيب للاقتصاد في كلفة النقل وتفادي الازدحام في الطرقات بسبب الشاحنات الناقلة للوقود، وتعزيز شروط الأمن لتخزين الاحتياطات الاستراتيجية.
ويقُدّر استهلاك المغرب من المواد البترولية السائلة بنحو 92 مليون برميل أي 12 مليون طن عام 2016، أي نحو 250 ألف برميل يوميا، من استهلاك عالمي إجمالي بلغ 97.4 مليون برميل يوميا.