قرصنة بيانات مئات الساسة في ألمانيا تثير هلعا
رغم التحذيرات المسبقة بإمكانية تعرض ألمانيا إلى هجمات سيبرانية، استفاقت برلين أمس على أنباء تعرض المئات من السياسيين إلى قرصنة بياناتهم ومعطياتهم الشخصية ونشرها على شبكة الإنترنت، ما يؤكد فشل الاستراتيجيات التي تعتمدها الأجهزة الأمنية في حماية مؤسساتها التي تعرضت أكثر من مرة للقرصنة خلال وقت وجيز.
أعلنت الحكومة الألمانية الجمعة أن المئات من السياسيين الألمان، بمن فيهم المستشارة أنجيلا ميركل، وقعوا ضحية عملية تسريب واسعة لمعلومات خاصة، فيما يعتقد أن المجموعة التي تستهدف وزارات خارجية وسفارات حول العالم، وتعرف باسمي “تورلا” أو “أوروبوروس”، مرتبطة بالاستخبارات الروسية.
وقالت الناطقة باسم الحكومة مارتينا فيتز للصحافيين إنه “تم نشر معلومات شخصية ووثائق تابعة لمئات من السياسيين والشخصيات العامة على الإنترنت”، مضيفة “الحكومة تأخذ هذه الحادثة بجدية بالغة”.
وأفادت أن من بين المسؤولين السياسيين الذين تم استهدافهم أعضاء في البرلمان الألماني “بوندستاغ” وفي البرلمان الأوروبي وفي جمعيات محلية وإقليمية، مؤكدة أن نوابا في البرلمان من كافة الأحزاب تأثروا بعملية التسريب.
ونُشرت المعلومات المسروقة التي شملت عناوين شخصية وأرقام هواتف محمولة ورسائل وفواتير ونسخ بطاقات هوية على الإنترنت عبر موقع تويتر في ديسمبر لكن لم يسلط الضوء عليها قبل هذا الأسبوع دون أن يتضح سبب ذلك.
وإلى جانب السياسيين، وبينهم الرئيس فرانك فالتر شتاينماير، استهدفت التسريبات مشاهير وصحافيين كذلك.
وفي وقت سابق قالت وسائل إعلام ألمانية إن متسللين نشروا بيانات على الإنترنت بينها تفاصيل بطاقات ائتمان وأرقام هواتف محمولة وإن العملية طالت سياسيين من كل الأحزاب الرئيسية باستثناء حزب البديل من أجل ألمانيا المنتمي لليمين المتطرف. وأفادت صحيفة بيلد أن سرقة البيانات استمرت حتى نهاية أكتوبر لكن لم يتضح متى بدأت.
ونوهت إذاعة أر.بي.بي إلى أنه “من النظرة الأولى لا يبدو أن المعلومات شملت مواد ذات حساسية سياسية لكن يرجح أن يكون الضرر كبيراً للغاية نظرا لحجم البيانات الشخصية التي تم نشرها”.
ونشر حساب على تويتر باسم “أوربت” روابط بصورة يومية تضمنت معلومات جديدة، حيث فتح الحساب في منتصف 2017 ولديه أكثر من 18 ألف متابع ومقره هامبورغ ويصف نفسه بتعبيرات على غرار “البحث الأمني” و”التهكم”.
وقال متحدث إن جهاز مكافحة الجرائم الإلكترونية التابع للمكتب الاتحادي لأمن المعلومات اجتمع في وقت مبكر الجمعة لتنسيق رد فعل أجهزة الحكومة الاتحادية بما في ذلك الاستخبارات الداخلية والخارجية.
وإذا كان نشر المعلومات نتيجة اختراق فسيكون هذا أحدث هجوم إلكتروني على مؤسسات سياسية وشخصيات مرموقة في ألمانيا.
وفي مارس الماضي، تعرضت شبكات كمبيوتر تابعة للحكومة الألمانية إلى هجمات حيث تمت سرقة بيانات لموظفين من وزارة الخارجية، فيما نفت الحكومة الروسية آنذاك تورط أي قراصنة إلكترونيين روس في العملية.
وألقى مسؤولو الأمن باللائمة في معظم الهجمات السابقة على جماعة تسلل روسية تعرف باسم (إيه.بي.تي) يقول خبراء إنها على صلة وثيقة بجهاز الاستخبارات الروسي، فيما حمّل خبراء أمنيون نفس الجماعة مسؤولية هجوم قبل انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016.
وكان رئيس هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، السابق هانز جورج ماسن حذر في وقت سابق من احتمال تعرض ألمانيا إلى هجمات قرصنة مكثفة من روسيا وإيران والصين. و نقلت صحيفة دي فيلت الألمانية، واسعة الانتشار، عن ماسن قوله “في عام 2018 ازدادت هجمات القرصنة التي تقف وراءها أجهزة استخبارات، من حيث الكم والنوعية”، مضيفا “أجهزة الاستخبارات والأمن في روسيا وجمهورية الصين الشعبية وإيران نشطة بشكل مكثف في هذا الإطار، بما في ذلك ضد ألمانيا”.
ومضى قائلًا “لهذا السبب، يجب أن نكون مستعدين للدفاع عن أمننا في الفضاء السيبراني”، مشيرا إلى أن “ديمقراطيتنا لا تنتهي في العالم الواقعي، ولكننا يجب أيضا أن ندافع عنها في الفضاء السيبراني”.
وتتزايد المخاوف بشأن حدوث تدخل خارجي في الشؤون الألمانية مع وجود تقارير تتهم الحكومة الروسية بتنفيذ أنشطة قرصنة إلكترونية أثرت على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية التي أجريت في الثامن من نوفمبر 2016.
وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت روسيا بالوقوف وراء الهجوم الإلكتروني، الذي تسبب، بشلل الكمبيوترات الحكومية والشركات في أوكرانيا قبل أن ينتشر في أنحاء العالم.
واتهم أندرو باركر، رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطانية، أم.آي 5، روسيا، بمحاولة تقويض الديمقراطيات الغربية من خلال نشر معلومات مضللة ونشر الأكاذيب، فيما أكد ماسن في وقت سابق أن الأجهزة الأمنية الألمانية حصلت على إشارات بأن روسيا تدعم الحركة الانفصالية الكتالونية.
وتسعى الأجهزة العسكرية والاستخباراتية في بريطانيا إلى إنشاء قوة إلكترونية جديدة لتعزيز قدرتها على محاربة الدول المعادية والإرهاب في الفضاء السيبراني، فيما أكد محللون أن لندن تفكر في شن حرب إلكترونية ضد روسيا رداً على استخدام الأخيرة غاز الأعصاب في محاولة لاغتيال الجاسوس سيرجي سكريبال.
و قال الجنرال غوردون ماسنجر، ثاني أكبر قائد عسكري في بريطانيا، إن قطاع القوات المسلحة ووكالة المخابرات البريطانية يتطلعان إلى توطيد وتعميق العلاقات في ما بينهما، فيما أكدت مصادر مطلعة وجود خطة لتشكيل قوة إلكترونية قوامها 1000 عنصر تشمل عناصر من وكالة المخابرات البريطانية وأفراداً عسكريين.