جمعية حقوقية مغربية تستنكر التشهير بالرجل الذي كان يرتدي زياً نسائياً واعتقلته الشرطة ليلة الاحتفال برأس السنة في مراكش
دخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على خط الشريط المصور الذي يظهر أحد المواطنين بلباس مكشوف وشبه عارً، مرفوقا برجال الشرطة في مدينة مراكش ليلة رأس السنة الميلادية.
واعتبرت أن ما حدث تشهير بالرجل ومس خطير بكرامته، وتهديد حقيقي لسلامته النفسية والبدنية، وأنه كان حرياً برجال الأمن نقله مباشرة من سيارته إلى سيارة المصلحة الخاصة بالشرطة دون تعريضه للخطر والتشهير به.
وانتشرت صور توقيف «شاذ جنسياً» في زي نسائي بعد محاولته الفرار من ارتكابه حادثة سير بمراكش ليلة رأس السنة، وصور تكشف هويته وتظهره في أوضاع شخصية وبلباس «شبه عار» داخل حانة، وهو ما أثار استنكار جهات حقوقية اعتبرت أن ما حدث من «تشهير به واعتداء على حق المواطنين في العيش الآمن»، فيما اعتبر آخرون أنه «شوه صورة المغرب الآمن»، لتصل القضية إلى البرلمان بتوجيه سؤال إلى وزير الداخلية لمعرفة الإجراءات التي ستتخذ لمنع تكرار هذه الأحداث.
وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن القضاء هو الجهة الوحيدة المختصة بإنزال أي عقوبة في حالة تجاوز وخرق القانون، وأنه لا يجوز لأية جهة معالجة أي تجاوز محتمل للقانون بانتهاك حريات الأشخاص وممارسة التعزير في حقهم، كما تم تسريب العديد من الصور التي تخصه، إضافة الى بطاقته الوطنية والمهنية . واستغربت مثل هذه الممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية، مطالبة الجهات المختصة بفتح تحقيق في النازلة، ومساءلة الجهة التي قامت بالتصوير وتعميم الشريط، والتي أشرفت على التشهير وتعريض مواطن للخطر. وقررت المديرية العامة للأمن الوطني فتح تحقيق حول النازلة، لتوضيح الظروف المحيطة بالكشف عن صور لشخص في مراكش أثناء اعتقاله مما يتعارض مع القانون، وتحديد المسؤولية التأديبية في حالة حدوث تجاوزات أو إخلالات محتملة من جانب موظفي الأمن الوطني.
وأظهرت صور تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، الشخص الموقوف وهو في زي نسائي وشعر مستعار داخل حانة ليلية، مع صور توثق لحظة اعتقاله بلباس «شبه عار»، كما أظهرت صور لبطاقته الوطنية والمهنية، أنه ضابط صف بالقوات المسلحة الملكية.
وقال عادل رفوش المشرف العام عن مؤسسة بن تاشفين، في تدوينة عنونها بـ«دماء الفواحش والدواعش سواء»، أنه «حينما يخرج شاذ مخمور ليعبث بالأمن العام بالشرور، ويؤذي الطريق والمارة والمرور ويتسبب في الحوادث المميتة، أوِ الآنَ سينسى إرهابُه ويبرر إجرامُه وسيجد من يدافع عن تخنُّثه وشذوذه وأنه لا يُشوِّهُ صورة المغرب الآمن». وتابع رفوش «أوليسَ هذا إرهاباً؟»، مضيفا ًأنه «بِغض النظر عن الكيل بمكيالين فإننا نوقن شرعاً وعقلاً وتاريخاً بأن الذي يقتل باسم الفواحش إرهابي كالذي يقتل باسم الدواعش، تعددت الأسباب والقتْلُ واحدُ، فيجب الأخذ على يد الجميع بالقانون العادل».
وقال حسن بن ناجح الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان أقوى الجماعات المغربية ذات المرجعية الاسلامية إن تسريب صور أي معتقل قبل محاكمته أمر مرفوض أخلاقياً وقانونياً وحقوقياً، ومرفوض انتهاك حقه في قرينة البراءة. ومرفوض مطلقاً انتهاك خصوصية أي إنسان، حراً كان أو معتقلاً. مرفوض في حق معتقلي الحق العام ومعتقلي الرأي على حد سواء. مرفوض في حق معتقلي رأس السنة، وفي حق معقلي حادث إمليل، وفي حق توفيق بوعشرين، وقبلهم في حق معتقلي حراك الريف، وكلنا يذكر ذاك المشهد لإنزال لناصر الزفزافي من الطائرة بعد اعتقاله وتسريب مشاهد تصويره داخل السجن، ثم تسريب صور خاصة من داخل البيت المشمع للدكتور لطفي حساني، وأغلب هذه الحالات يطرح فيها سؤال التسريب على أجهزة الدولة لأن الصور المسربة تعني أشخاصاً وأماكن كانوا تحت مسؤولية تلك الأجهزة».
وأضاف :«أتمنى أن يستفيد الجميع من الدرس ويتم تجاوز ازدواجية المعايير والاتفاق على أن الحق لا يجزأ، والوعي بمبدئية الدفاع عن حرمة وخصوصية الإنسان وحفظ حقه في قرينة البراءة، وعدم التردد أو التحيز للوقوف في وجه كل من يعتدي على تلك الحقوق سواء من طرف الأفراد أو الإعلام أو الأجهزة الأمنية .. والاقتناع بأن هذا ما يصون بلدنا ويحصنه ويحفظ كيانه من أي شطط أو تغول أو انفلات». ودعا المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى «ضرورة حماية الخصوصية الفردية وجعل حقوق الإنسان تتصدر المكانة الأولى في القانوني والتشريع الوطني وفقاً للالتزامات الحقوقية الدولية»، و«التصدي لكل أشكال التمييز بين المواطنين، بغض النظر عن التبرير أو الأساس». وطالب بفتح تحقيق حول ظروف وملابسات تصوير الفيديو ونشره، داعياً إلى ترتيب الجزاءات القانونية ضد المعتدين على المواطن المذكور حتى لايتكرر ذلك» ودعا إلى «إعمال المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتوجهات المعاصرة في مجالات الحريات والمساواة وإزالة قوانين الأخلاق الحميدة، لتعارض ذلك مع كرامة الإنسان وحقوقه المواطنة، مع نشر ثقافة حقوق الإنسان وسط المجتمع وإقرار الديمقراطية في كافة أبعادها والتثقيف والتربية على المواطنة والسلوك المدني واحترام الكرامة الانسانية، واتخاذ التدابير اللازمة القانونية والمؤسساتية والعملية لوقف كافة الهجمات التكفيرية والتحريضية والتصدي للعنف بكافة تمظهراته».