الهجرة تزلزل الأنظمة الديمقراطية في اوروبا فكيف سينجح المغرب في ادماج مهاجري إفريقيا
ملاك العرابي
الهجرة تزلزل الأنظمة الديمقراطية في اوروبا
فكيف سينجح المغرب في ادماج مهاجري إفريقيا
مع بداية العد العكسي لنهاية 2018 بدا الإعلان الأوروبي عن فشله واخفاقه في ادارة قضايا الهجرة من افريقيا إلى بر الخلاص والحلم الأزرق، دعونا نلقي نظرة عميقة عن مشروع القذافي في احتواء افارقة الجنوب وكيف تحولت الأجساد الطرية السوداء الى جيوش مسلحة لمقاومة ثورة الربيع العربي في ليبيا وكيف سارت سواحل ليبيا العريضة بعدها سوقا للنخاسة وعصابات الاتجار في البشر . فالمغرب خطا خطوة عملاقة تحول فيها من دولة عبور الى دولة استقبال وتحول كابوس الهجرة السرية إلى ملفات للإقامة والعيش في بلد يطل على القارة العجوز.
ولمناقشة هذا الملف الشائك، دعونا نعرج قليلا في ملفات الهجرة في بلدان تعمقت جيدا في تحليل ودراسة قضايا الهجرة باعتبارها لعبت دور دول الإستقبال وعالجت أمور هذه المعضلة، وخصصت لها سياسات وقوانين وميزانيات، وتوصلت عبر السنوات والمعايشة الى تنفيذ قواعد الإندماج والمواطنة وفق ما تمليه دساتير تبرمج وتنفذ وتصدر أحكاما وفق قانون المواطنة باعتبار جميع الأفراد هم سواسية أمام القانون .
هكذا لعب المغرب دور البديل من الحد وتدفق المهاجرين السرين عبر بواباته الحدودية مقابل ملايير الدولارات وليبدا بعدها مسلسل تقنين الهجرة وسن قوانين الإندماج والتعايش وبعدها رسم بنوذ حقوق المواطنة والجنسية، ملف مر من تحت اقدام المجتمع المدني المغربي باعتباره مصلحة كبرى وقعت مراسيمها بين الحكومة المغربية وشركائها في الإتحاد الأوروبي، مصلحة ادن هي بطعم السفقة ليجد المواطن المغربي نفسه يتعايش مع جنسيات هربت من قسوة العيش والفقر والحروب الأهلية، جنسيات ظلت ولسنوات عديدة تعتبر المغرب فقط سفينة طارق ابن زياد التي لم تحترق لكنها هي مركبة نجاة للوصول الى الشط الأخر، جنسيات لم تحلم يوما أن تتعايش مع شعب يعيش اكراهات اخرى ونصفه الأخر لازال يحلم هو الآخر أن يركب أمواج الموت هربا من وضع اجتماعي قاهر ليطرح السؤال العريض هنا كيف لبلد لازال شبابه يراود الشواطئ لاصطياد فرصة للهجرة والهروب أن يصبح اوروبا الإفريقية؟ فهل فعلا نحن بلد استقبال ام أننا فقط نخبئ بشرا قادما من الفقر وجحيم الحروب ونحاول مغربتهم في الوقت الذي لازالت عقولهم ملتصقة باوروبا؟ وهل اجدنا حساب الربح والخسارة في احتواء افارقة الصحراء والساحل بعدما ادركت اوروبا أن هؤلاء سوف يزعزعون استقرارها الاجتماعي وامنها القومي والاقتصادي مع العلم ان الاتحاد الاوروبي تغاضى لسنوات عن مشاكل التنمية وساهم في دعم انظمة محددة وياتي الان لمعالجة ازمة الهجرة واللجوء من خارج حدود دوله وبعد ان كان يتحدث عن شراكة مع دول جنوب المتوسط “كالمغرب” مثلا وهمه الآن تقليص عدد المهاجرين الأفارقة خوفا على مصالحه فقط.
فمنذ سنة 2014 والمغرب يتخذ قرارات لتسوية أوضاع افارقة المهاجرين في اطار ما يسمى الرؤيا الجديدة الشاملة للهجرة كما انه رسم استراتيجية جديدة في مجال اللجوء والهجرة عبر عنها ملك البلاد في خطابه سنة 2013 وبالرغم من كل هذا لم يستطع صياغة مقاربة اجتماعية تجعل المواطن المغربي يقبل بالاخر مما يؤكد ان وجود الافارقة في المغرب ليس الا مجرد تطبيع لأوضاع مكرواقتصادية فرضت على المغرب التزامه بالقانون الدولي لحقوق الانسان وحقوق الهجرة والشرعية الدولية لكنه فشل في ايجاد تسوية مجتمعية تجعل الافارقة المهاجرين يقبلون التعايش مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلد وهذا ما افرز لنا عدة صراعات ومناوشات دارت رحاها في كل المدن المغربية وتسببت في اقتتال بين الافارقة والمغاربة.
ويستخلص من هذا أن الحكومة المغربية فشلت في ادماج هؤلاء في المجتمع المغربي رغم المحاولات الترقيعية التي يسوقها الإعلام المغربي من أن هؤلاء ساروا جزءا من المجتمع المغربي ولا نستثني هنا دور بعض الجمعيات التي ساهمت في رعاية المهاجرين وايوائهم ومساعداتهم في مجال الصحة والتعليم والتكوين، ورغم التسوية القانونية لهؤلاء يمكن القول أن المغرب لم يفلح إلى حد الآن في توفير اطار قانون للاستفادة من حقوق تضمن العيش الكريم لهؤلاء وكمثال على ذلك المهاجر الافريقي لا يستفيذ من مجانية العلاج كما لا يستفيذ منها المواطن المغربي ايضا.
وفي الاخير يبقى المستفيد الأول والاكبر هو أوروبا التي حولت المغرب الى جمرك حدودي يغلق الباب في وجه افارقة الهجرة السرية.