استمرار غياب بوتفليقة يغذي كل الإشاعات ويعزز سيناريو تأجيل الانتخابات في الجزائر!

يستمر غياب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن الساحة السياسية منذ حوالي شهر ونصف، أي منذ ظهوره في احتفالات ذكرى اندلاع ثورة التحرير المصادف للأول من نونبر، وهو غياب يتزامن مع تراجع الأصوات المطالبة بترشح الرئيس بوتفليقة إلى الولاية الخامسة، في حين تتعزز فرضية تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة يوماً بعد آخر.
لم يتبق الكثير من الوقت أمام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للتوقيع على قانون الميزانية لسنة 2019، وهو موعد لا يمكن للرئيس تفاديه، كما أنه من الضروري بث صور عملية التوقيع التي تعقبها عادة صورة للرئيس مع الفريق الحكومي، خاصة وأن آخر ظهور للرئيس بوتفليقة كان في اليوم الأول من شهر نونبر، عندما تنقل إلى مقبرة العالية بالعاصمة لقراءة الفاتحة على أرواح ضحايا ثورة التحرير الجزائرية، وبدا متعباً أكثر من العادة، كما أن تغطية التلفزيون الحكومي كانت طويلة على غير العادة كذلك، دون أن يتحاشى من قام بالتصوير والتركيب بعض المشاهد التي كانت مزعجة وتظهر الوضع الصحي للرئيس، ومنذ ذلك اليوم لم يظهر بوتفليقة، فلم يستقبل رئيس وزراء إيطاليا الذي زار الجزائر، كما أنه لم يستقبل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي كذلك، وأصدرت الرئاسة بياناً يقول إن بوتفليقة لم يستقبل بن سلمان بسبب إصابته بانفلونزا حادة ألزمته الفراش، وهو ما فتح الباب أمام التساؤلات، خاصة في ظل مؤشرات أخرى، مثل تراجع الأصوات المطالبة بترشحه إلى ولاية خامسة، وتوقف ظهور أطراف جديدة تدعو إلى ما يسمى الاستمرارية، فضلاً عن ظهور أطراف تدعو صراحة إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية التي من المقرر إجراؤها في الربيع المقبل، وأخرى لا تجد حرجاً في التأجيل، والغريب هو أن هذا الرأي عبرت عنه أحزاب تنتمي إلى التحالف الرئاسي ومحسوبة على الموالاة.
الأكيد أن هناك حالة من الضبابية تسيطر على المشهد، فقبل حوالي أربعة أشهر على موعد الانتخابات الرئاسية وقبل أيام من استدعاء الهيئة الناخبة لا شيء يظهر في الأفق، ومن الصعب القول إن كانت الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد، ومن الصعب كذلك التأكيد على أن الرئيس بوتفليقة سيترشح إلى ولاية رئاسية خامسة، الجميع يشعر أن هناك شيئاً يطبخ في الكواليس، وأن هناك صراعات صامتة وأخرى تأخذ أشكال تصفية حسابات، لكن ليس من السهل معرفة ما هو هذا الشيء، لأنه حتى سيناريو تأجيل الانتخابات أو تمديد الولاية الحالية للرئيس بوتفليقة صعب التحقيق قانونياً ودستورياً، إلا إذا تم التعامل مع الأمر بشرعية أو ضرورة الأمر الواقع بعيداً عن القانون والدستور.
ويرى الكثير من المراقبين أن الصورة ستتضح مع بداية العام الجديد، وسيعرف توجه النظام خلال الانتخابات المقبلة، سواء قرر التجديد للرئيس بوتفليقة أو اختار أن يخوض الانتخابات بمرشح آخر، لكن هناك مجموعة من المسلمات، فالرئيس بوتفليقة كان دائماً يريد البقاء في الرئاسة مدى الحياة، كما أن الرؤساء الذين حكموا الجزائر منذ الاستقلال كانوا عسكريين سواء قبل الاستقلال أو بعده، وأن الجيش هو الذي حملهم إلى كرسي الرئاسة، وهو ما يثير تساؤلاً حول الدور الذي سيلعبه الجيش في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح قال أكثر من مرة إن المؤسسة العسكرية لا تتدخل في السياسة، لكنه في المقابل أكد أنه سيظل وفياً للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو كلام يمكن أن يفهم منه أن الفريق قايد صالح لن يدعم مرشحاً غير بوتفليقة، في وقت تزايدت فيه الإشاعات عن محاولات إبعاد قايد صالح من قيادة الأركان، وأخرى عن وجود صراعات بينه وبين الفريق الرئاسي، في انتظار انقشاع الضباب واتضاح الرؤية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: